اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: جنات وعيون الإثنين 2 يناير 2017 - 4:37
قال تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيم) [سورة الحجر (15): الآيات 45 الى 50] الآيات الكريمة السابقة على هذه الآيات بينت وصف اللّه تعالى لعاقبة أمر الشيطان و أنصاره و أتباعه، و أنّ جهنم بأبوابها السبعة مفتحة لهم. و جريا على أسلوب القرآن في التربية و التعليم جاءت هذه الآيات المباركات (و من باب المقارنة) لتكشف عن حال الجنّة و أهلها و ما فيها من نعم مادية و معنوية، جسدية و روحية. قد عرضت الآيات ثمانية نعم كبيرة (مادية و معنوية) بما يساوي عدد أبواب الجنّة. 1- أشارت في البدء إلى نعمة جسمانية مهمّة حيث: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ و يلاحظ أنّ هذه الآية قد اتخذت من صفة (التقوى) أساسا لها، و هي الخوف من اللّه و الورع و الالتزام، فهي إذن ... جامعة لكافة صفات الكمال الإنساني. إنّ ذكر الجنات و العيون بصيغة الجمع إشارة إلى تنوع رياض الجنّة و كثرة عيونها، و التي لكل منها لذة مميزة و طعم خاص. 2ـ ثمّ تشير الآيات إلى السلامة من أيّ أذى و ألم 3 ـ ثمّ تشير الآيات إلى الأمن .. الأمن من كل خطر، تقول الآية الكريمة - وعلى لسان الملائكة مرحبة بهم-: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ. و في الآية التّالية بيان لثلاث نعم معنوية أخرى: 4- وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أي: الحسد و الحقد و العداوة و الخيانة «1». 5- إِخْواناً تربطهم أقوى صلات المحبة. 6- عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ . إن جلساتهم الاجتماعية خالية من القيود المتعبة التي يعاني منها عالمنا الدنيوي، فلا طبقية ولا ترجيح بدون مرجح و الكل إخوان، يجلسون متقابلين في صف واحد و مستوى واحد. و بطبيعة الحال، فهذا لا ينافي تفاوت مقاماتهم و درجاتهم الحاصلة من درجة الإيمان و التقوى في الحياة الدنيا، و لكنّ ذلك التساوي إنما يرتبط بجلساتهم الاجتماعية. 7- ثمّ تأتي الإشارة إلى النعمة المادية و المعنوية السابعة:لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ إنّه ليس كيوم استراحة بهذه الدنيا يقع بين تعب و نصب قبله و بعده، و لا يدع الإنسان يجد طعم الراحة و الاستقرار. 8- و لا يشغلهم همّ فناء أو انتهاء نعم وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ. بعد أن عرض القرآن الكريم النعم الجليلة التي ينالها المتقون في الجنّة بذلك الرونق المؤثر الذي يوقع المذنبين و العاصين في بحار لجية من الغم و الحسرة و يجعلهم يقولون: يا ليتنا نصيب بعض هذه المواهب، فهناك، يفتح اللّه الرحمن الرحيم أبواب الجنّة لهم و لكن بشرط، فيقول لهم بلهجة ملؤها المحبّة و العطف و الرحمة و على لسان نبيّه الكريم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. إنّ كلمة «عبادي» لها من اللطافة ما يجذب كل إنسان، و حينما يختم الكلام بـ : الْغَفُورُ الرَّحِيمُ يصل ذلك الجذب إلى أوج شدته المؤثرة. و كما هو معهود من الأسلوب القرآني، تأتي العبارات العنيفة حين تتحدث عن الغضب و العذاب الإلهي لتمنع من سوء الاستفادة من الرحمة الإلهية، و لتوجد التعادل بين مسألتي الخوف و الرجاء، الذي يعتبر رمز التكامل و التربية فيقول و بدون فاصلة: وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيم.