اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: الحظ في القرآن والسنة . السبت 24 ديسمبر 2016 - 4:21
من هو المحظوظ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((... فمن أخذ به - أي العِلم - أخذ بحظٍّ وافر))، إذًا معرفة الحلال والحرام، والأوامر والنواهي المباشرة أو المبطنة في ثنايا القصص تُعدُّ حظًّا من الحظوظ، وعليه؛ فإن التغافل عنها، ونسيانها، وفعل ما يخالفها: يعتبر نقصًا في الحظ عند فاعله، لا غرْوَ إذًا فالآية صريحة في ذلك؛ قال الله عن بني إسرائيل: ﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 14]؛ أي: من الأوامر والنواهي التي أوحاها الله إلى أنبيائهم. هكذا إذًا، فنعيم الآخرة، والوحي والعلم بما فيه من أوامرَ ونواهٍ - موصوفةٌ عند الله بكونها حظًّا. هل ثَمَّ شيء آخر ألبسه الله صفة الحظ غير هذين؟ نعم، إنه النصيب من الأرث ؛ قال سبحانه: ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]؛ لكن انتظر، أليس هذا حُكمًا شرعيًّا أوحاه الله لنا؟ بلى، هو كذلك؛ فحتى لو اشتمل على موروث مالي أو عيني، فإنه لا يعدو أن يكون حكمًا شرعه الله، إذًا هو نوع داخل فيما سبق بيانُه من الحظوظ. هل ثَمَّ شيء آخر ألبسه الله صفة الحظ غير ما سبق؟ نعم. حين يطولُك أذى ثم تدفع السيئةَ بالحسنة، فإن هذا باب عظيم من أبواب تبدُّل التحالفات، وانقلاب العداوات إلى ولاية ونصرة وحميمية؛ قال الله: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35]. عجبًا عجبًا، حظ موصوف بالعِظَم! ما هو؟ حين ترى شانئَك قد تحوَّل من عدو إلى وليٍّ ينصرك تحت ظل عاطفة حميمية. لا شك أن الحب - إذًا - هو أعظم صورة من صور الحظوظ العظيمة. إذًا عليك أن تنظر لمعاناتك مع أقاربك أو الناس على أنها مشاريع متحركة تحمل لافتة كُتب عليها: (الحظ العظيم). وإذا كان ما يجري على الأرض من تحوُّلٍ للعَلاقات من عداوة إلى نصرة وحميمية يعتبر حظًّا عظيمًا، فكيف بما يدور في السماء ابتداء بالحب حين يقول الله: "يا جبريل، إني أُحبُّ فلانًا فأَحِبَّه"، فيحبه جبريل، وينادي جبريل في أهل السماء: "إن الله يحب فلانًا فأَحبُّوه"، فيحبه أهل السماء، ثم يُوضع له القَبول في الأرض؟ فهذا أي نوع من الحظوظ؟ أعتقد أن حقيقة الحظ عند الله تجعل الفكرَ البشري بكافة تراكماته وخبراته في مأزق حادٍّ حسنًا، المحظوظون هم من سميتهم أنت بذلك ربَّنا، لا من سماهم البشر ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].