احترس فالشيطان هدفه قابك الشيطان لا يريد منك أيها العبد إلا قلبك .. كما قال تعالى : " فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " [ ص 82-83 ] إلا المخلصين==> والإخلاص محله القلب ... لذا الشيطان هدفه قابك .. ** ويفسد القلب بخمس مفسدات ( تعلق القلب بغير الله – كثرة الاختلاط – الأماني – كثرة الأكل – كثرة النوم ) أولاً: التعلق بغير الله تبارك وتعالى: أعظمها وأهولها: تعلق القلب بغير الله، قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا " مريم:81-82 إن الذي يعبد شيئاً إنما يعبده ليحميه، وليأخذ العز منه، فعبدوا من دون الله آلهة لتكون لهم عزاً، فتعلق القلب بغير الله أصل الشرك. ثانياً : كثرة الاختلاط : وهي تورث الهم والغم وتشتت القلب فالاختلاط بالناس لابد أن يكون بقدر حاجتك، واختلط معهم فيما يفيد: في الجمعة والجماعات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اعتزلهم في فضول المباحات فضلاً عن المعاصي والمحرمات. ثالثاً : الأماني : وهذا بحر لا ساحل له ولا شاطئ، يركبه مفاليس العالم، فالأماني رءوس أموال المفاليس، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا كما في صحيح البخاري : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخط خطا في الوسط خارجا منه وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به - أو : قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) رابعاً : كثرة الطعام : قال لقمان لابنه(يا بني! إن المعدة إذا امتلأت نامت الفكرة، وكفت الأعضاء عن العبادة)، وكذلك إذا امتلأت المعدة ازداد الشبق، وعظمت الشهوة وبدأ الشيطان يلعب بصاحبها ويفكر؛ كيف يصرف هذه الشهوة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) -يعني: وقاية يتترس بها من عدوه-. فإذا كان الصيام -الجوع- وقاية من حدة الشهوة؛ فإن كثرة الطعام مجلبة لهذه الشهوة؛ خامساً : كثرة النوم : واعلم أن كثرة الطعام مجلبة للنوم، وكثرة النوم مظنة الفساد، وفوات المصالح وقد سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جده في نهاره وقيامه في ليله، وأن في هذا إرهاقاً وأي إرهاق، يقول (إنني لو نمت في نهاري ضيعت رعيتي، ولو نمت في ليلي ضيعت نفسي، فكيف الخلاص منهما؟!). وكان أبو حصين رضي الله عنه كثير قيام الليل، وكان يضع عصاه بجانب مصلاه، فإذا أحس أن رجليه لا تقويان على رفعه ولا على حمل بدنه، كان يضرب رجليه بالعصا ويقول لهما (أنتما أحق بالضرب من دابتي، أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم لم يخلفوا بعدهم رجالاً؟ والله لأزاحمنهم على الحوض.. ويقوم) كيف تُصلح قلبك وتنتصر على الشيطان مما أفسد به قلبك ! فهذه مفسدات القلب، والشيطان لا يريد إلا قلبك، فإذا عجزت عن قتل بالكلية ، فَقَوِّ باعث الدين في قلبك فإنه يقتل البقية الباقية في بواعث الشهوات هذه ، واستعن على تقوية باعث الدين بأمور منها:...... 1/ استحضار عظمة الله سبحانه وتعالى والحياء منه الأول: أن تستحضر جلال الله عز وجل، وأنه يراك حين تعصيه، فإن القلب إذا قام في هذا المقام لا يقوى على معصية الله أبداً 2/ استحضار محبته سبحانه وتعالى 3/ استحضار إحسانه سبحانه وتعالى استحضر إحسان الله إليك، وأنه المبتدئ عليك بنعمه قبل أن تستحقها، وليس من شيمة الكريم أن يرد الإحسان وأن يعقبه بالإساءة، فاستحضر إحسانه عليك: " وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا " [إبراهيم:34 ] فإذا عرفت نعمه عليك . فليس من شيم الكريم أن يرد الإحسان بالإساءة 4/ استحضر أسماءه وصفاته وآثارها في الكون، فإن عرفته لن تعصه طرفة عين، واعتبر بحياة الناس: إذا لم تعلم صفات الرجل ما الذي يغضبه، وما الذي يحبه؛ فلا تستطيع أن تمد جسور الود بينك وبينه، كما أنك لا تستطيع أن تستلب قلوب الناس إلا إذا علمت ما يحبون فتفعله، وما يكرهون فلا تفعله، وهكذا أنت تعلم ما يحبه الله وما يغضبه ... فلا يراك حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك 5/ استحضار مشهد غضبه وانتقامه إذا لم تؤثر فيك محبته ولا إحسانه وإنعامه؛ استحضر مشهد غضبه وانتقامه، قال تعالى : " أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ " الشعراء:205-207