اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: لا تقنطوا من رحمة الله الإثنين 25 يوليو 2016 - 5:12
قال تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ }* الزمر 53-54. أسباب اليأْس والقنوط الجهل بالله سبحانه وتعالى قال ابن عادل لقنوط من*رحمة*الله*تعالى لا يحصل إلا عند الجهل بأمور أحدها : أن يجهل كونه تعالى قادرًا عليه. وثانيها : أن يجهل كونه تعالى عالـمًا باحتياج ذلك العبد إليه . وثالثها : أن يجهل كونه تعالى منزهًا عن البخل، والحاجة والجهل بكلِّ هذه الأمور سبب للضلال .* وقال ابن القيم الكبائر لقنوط من*رحمة*الله*واليأْس من روح*الله*وتوابع هذه الأمور إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب وترك القيام بها .* الغلو في الخوف من*الله* قال ابن القيم لا يدع الخوف يفضي به إلى حدٍّ يوقعه في القنوط، واليأْس من*رحمةالله*فإنَّ هذا الخوف مذموم وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه*الله*يقول حدُّ الخوف ما حجزك عن معاصي*الله*فما زاد على ذلك فهو غير محتاج إليه وهذا الخوف الموقع في الإياس إساءة أدب على*رحمة*الله*تعالى التي سبقت غضبه وجهل بها . ولغلبة هذا الخوف على قلب اليائس أسباب منها إدراك قلبه من معاني الأسماء والصفات ما يدل على عظمة*الله*وجبروته وسرعة عقابه وشدة انتقامه وحجب قلبه عن الأسماء الدالة على الرحمة واللطف والتوبة والمغفرة... إلخ، فيسيطر على القلب الخوف فيسلمه ذلك إلى اليأْس من روح*الله*والقنوط من رحمته . مصاحبة اليائسين والقانطين والمقنطين فإنَّ مصاحبة هؤلاء تورث اليأْس والقنوط من رحمةالله إما مشابهةً أوعقوبةً للاختلاط بهم التعلُّق بالأسباب قال فخر الدين الرازي الكافر يعتقد أن السبب في حصول تلك النعمة سبب اتفاقي ثم إنه يستبعد حدوث ذلك الاتفاق مرة أخرى فلا جرم يستبعد عود تلك النعمة فيقع في اليأس وأما المسلم الذي يعتقد أن تلك النعمة إنما حصلت من*الله*تعالى وفضله وإحسانه وطوله فإنه لا يحصل له اليأس بل يقول لعله تعالى يردها إلي بعد ذلك أكمل وأحسن وأفضل مما كانت وأما حال كون تلك النعمة حاصلة فإنه يكون كفورًا لأنه لما اعتقد أن حصولها إنما كان على سبيل الاتفاق أو بسبب أن الإنسان حصلها بسبب جده وجهده فحينئذ لا يشتغل بشكر*الله*تعالى على تلك النعمة . التشدد في الدين وترك الأخذ بالرخص المشروعة قال المناوي قال الغزالي رحمه*الله*هذا قاله يقصد حديث إن*الله*تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته تطييبًا لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأْس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل إلا رحمةً للعالمين كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم . قلة الصبر واستعجال النتائج إنَّ ضعف النفوس عن تحمل البلاء والصبر عليه واستعجال حصول الخير يؤدي إلى الإصابة باليأْس والقنوط لاسيما مع طول الزمن واشتداد البلاء على الإنسان فعن أبي هريرة عن النَّبي صلى*الله*عليه وسلم أنه قال*( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل قيل يا رسول*الله**.* قال القرطبي والقائل قد دعوت فلم أرَ يستجاب لي ويترك قانطًا من*رحمة*اللهوفي صورة الممتن على ربه ثم إنَّه جاهل بالإجابة فإنَّه يظنها إسعافه في عين ما طلب فقد يعلم*الله*تعالى أنَّ في عين ما طلب مفسدة . وعن خباب بن الأرت رضي*الله*عنه قال شكونا إلى رسول*الله*صلى*الله*عليه وسلم وهو متوسِّد بردة له في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال*( قد كان من قبلكم يؤخذ لرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يُؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصدُّه ذلك عن دينه والله ليتمنَّ*الله*هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا*الله**. وقال ابن القيم من استطال الطَّرِيق ضعف مَشْيه* وَمَا أَنْت بالمشتاق إِن قلت بَيْننَا* طوال اللَّيالي أَو بعيد المفاوز تعلق القلب بالدنيا فمن أسباب اليأْس والقنوط الأساسية تعلق القلب بالدنيا، والفرح بأخذها والحزن والتأسف على فواتها بكل ما فيها من جاه وسلطان وزوجة وأولاد ومال وعافية قال تعالى*{*وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ*}*الروم 36. دُنوُّ الهمة والاستسلام للواقع وضعف الرغبة في التغيير فإنَّ اليأْس من الإصلاح يقع فيه كثير من الناس فإذا عاين الشرور المتراكمة والمصائب والمحن والفتن ومن الفرقة والتناحر والاختلاف الذي يسري في صفوف المسلمين يأس من الإصلاح ومثل ذلك في شأن كثير من الناس ممن يسرف على نفسه بالمعاصي ويتيه في أودية الرذيلة فتجده ييأس من إصلاح حاله والرقي بها إلى الأمثل بل ربما ظنَّ أنَّ التغيير مستحيل وهذا كله مظهر من مظاهر دنو الهمة وصغر النفس والعجز عن مواجهة المتاعب والمصاعب .