إن أجمل مذاق قد يتذوقه المرء في حياته،
وأسمى المشاعر تكون لحظة سجــــوده لله تبــــارك وتعالى ..
وحين يكون العبد مهمومًا فيسجد،
لا يتمالك نفسه حتى يبكي ..
فإذا سقطت دمعته وأخذ يبُث شكواه لربِّه،
يجد إن صدره قد انشرح وانفرجت أساريره ..
فكم خفف السجود من هموم ..
وكم نفَّس عن مكروب ..
وكم من حاجةٍ ما انقضت إلا بالسجود ..
وكم من دعوة ما استجيبت إلا في السجود .
وحين يسجد الجسد، يسجد معه القلب ..
وبعد أن يرفع رأسه،
يجد نورًا في وجهه من أثر السجود ..
وهذا النور يزداد يوم القيامة،
قال صلى الله عليه وسلم:
" أُمَّتِي يومَ القيامةِ غُرٌّ منَ السجودِ، مُحَجَّلُونَ مِنَ الوُضوءِ "
خلاصة حكم المحدث: صحيح
يقول ابن القيم
وقيل لبعض العارفين:
أيسجد القلب بين يدى ربِّه ؟!،
قال: أي والله، بسجدة لا يرفع رأْسه منها إلى يوم القيامة.
فشتان بين قلب يبيت عنه ربِّه قد قطع في سفره إليه بيداءَ الأَكوان
وخرق حجب الطبيعة،ولم يقف عند رسم، ولا سكن إلى علم حتى
دخل على ربِّه في دار فشاهد عز سلطانه
وعظمة جلاله وعلو شأْنه وبهاءَ كماله، وهو مستوٍ على عرشه يدبِّر أمر
عباده وتصعد إليه شؤون العباد وتُعْرَض عليه حوائجهم وأعمالهم،
فيأْمر فيها بما يشاءُ،
فينزل الأمر من عنده نافداً [ كما أمر ]، فيشاهد الملك الحق قيومًا بنفسه،
مَقِّيمًا لكل ما سواه، غنيًا عن كل من سواه، وكل من سواه فقيرٌ إِليه ..
قال تعالى :
يغفر ذنبًا .. ويفرج كربًا .. ويفك عانيًا .. وينصر ضعيفًا .. ويجبر كسيرًا ..
ويغني فقيرًا .. ويُميت .. ويُحيي ويُسعِد .. ويُشقى ويُضل .. ويهدي
ويٌنْعِم على قوم،
ويسلب نعمته عن آخرين .. ويعز أَقوامًا، ويذل آخرين .. ويرفع أَقوامًا،
ويضع آخرين. كتاب[طريق الهجرتين وباب السعادتين (23:46)]
يقول ابن القيم أيضا