اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 25369 تاريخ التسجيل : 08/03/2010 المزاج : رايق !!
موضوع: لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا السبت 11 يونيو 2016 - 19:45
روي عن ابن عباس أنه قال: إن الصحابة كانوا يطلبون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لدى تلاوته الآيات و بيانه الأحكام الإلهية أن يتمهّل في حديثه حتى يستوعبوا ما يقوله، و حتى يعرضوا عليه أسئلتهم، و كانوا يستعملون لذلك عبارة: «راعنا» أي أمهلنا. اليهود حوّروا معنى هذه الكلمة لتكون من «الرعونة» فتكون راعنا بمعنى اجعلنا رعناء، و اتخذوا ذلك وسيلة للسخرية من النّبي و المسلمين. فنزلت الآية الشريفة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (سورة البقر : 105) ، تطلب من المسلمين أن يقولوا «انظرنا» بدلا من «راعنا» لسد الطريق أمام طعن الأعداء. و قال بعض المفسرين: إنّ عبارة «راعنا» في كلام اليهود سبّة تعني «اسمع و لمّا تسمع»، و كانوا يرددون هذه العبارة مستهزئين.
لا توفّروا للأعداء فرصة الطعن: الآية الكريمة تخاطب المسلمين قائلة: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ). إنّ على المسلمين أن لا يوفروا للأعداء فرصة الطعن بهم، و أن لا يتيحوا لهم بفعل أو قول ذريعة يسيئون بها إلى الجماعة المسلمة. عليهم أن يتجنبوا حتى ترديد عبارة يستغلها العدوّ لصالحه. الآية تصرّح بالنهي عن قول عبارة تمكن الأعداء أن يستثمروا أحد معانيها لتضعيف معنويات المسلمين، و تأمرهم باستعمال كلمة اخرى غير تلك الكلمة القابلة للتحريف و لطعن الأعداء. حين يشدّد الإسلام إلى هذا الحد في هذه المسألة البسيطة، فإن تكليف المسلمين في المسائل الكبرى واضح، عليهم في مواقفهم من المسائل العالمية أن يسدوا الطريق أمام طعن الأعداء، و أن لا يفتحوا ثغرة ينفذ منها المفسدون الداخليون و الأجانب للإساءة إلى سمعة الإسلام و المسلمين. جدير بالذكر أن عبارة راعنا- إضافة إلى ما فيها من معنى آخر استغله اليهود- فيها نوع من سوء الأدب، لأنّها من باب المفاعلة، و باب المفاعلة يفيد المبادلة و الاشتراك، و هي لذلك تعني: راعنا لنراعيك، و قد نهى القرآن عن ترديدها. الآية التالية تكشف عن حقيقة ما يكنّه مجموعة من أهل الكتاب و المشركين من حقد و عداء للجماعة المؤمنة: (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، و سواء ودّ هؤلاء أم لم يودّوا فرحمة اللّه لها سنّة إلهية و لا تخضع للميول و الأهواء: (وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). الحاقدون لم يطيقوا أن يروا ما شمل اللّه المسلمين من فضل و نعمة، و ما منّ عليهم من رسالة عظيمة، و لكن فضل اللّه عظيم