( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ ) . التذكّر : هو الانتقال إلى دليل الشيء لاستنتاجه ، ولمّا كان قولهم : ( كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) كما مرّ استدلالاً منهم وانتقالاً لِمَا يدلّ على فعلهم ، سمّاه الله تعالى تذكّراً ومدحهم به . مَن هم أولوا الألباب ؟ والألباب جمع لُب وهو العقل الزكي الخالص من الشوائب ، وقد مدحهم الله تعالى مدحاً جميلاً في موارد من كلامه ، وعرّفهم بأنّهم أهل الإيمان بالله والإنابة إليه واتّباع أحسن القول ، ثمّ وصفهم بأنّهم على ذِكْر من ربّهم دائماً ، فأعقب ذلك أنّهم أهل التذكّر أي الانتقال إلى المعارف الحقّة بالدليل ، وأهل الحكمة والمعرفة ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ ) سورة الزمر : الآية : 17 ـ 18 . وقال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ) سورة آل عمران : الآية : 191 . وهذا الذكر الدائم وما يتبعه من التذلّل والخضوع ، هو الإنابة الموجبة لتذكّرهم بآيات الله ، وانتقالهم إلى المعارف الحقّة ، كما قال تعالى : ( وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ ) سورة غافر : الآية : 13. وقد قال : ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُو الأَلْبَابِ ) سورة البقرة : الآية : 269 ، سورة آل عمران : الآية : 7 .