اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: الخشية من الله الإثنين 16 مايو 2016 - 2:01
عندما فُتحت خزائن كسرى، أمر قائد الجيش جنده أن يحضروا ما وجدوه، فأحضروا كل ما التقطوه من ألوان النعيم ومن أصناف الأموال، حتى من كان يجد ولو إبرة يأتي بها إلى القائد وجاء رجل منهم ومعه صندوق كبير ملئ بالمجوهرات التي كان يتحلى بها نساء كسرى وهي مجوهرات لم يروا جميعاً مثلها في حياتهم، فليس في بيوتهم ولو قليل من مثلها. فقال له القائد ما اسمك قال ولِمَ قال: لنرسل لعمر بن الخطاب نخبره عن شأنك. قال: عجباً لك لو كنت أتيت بهذا من أجلك أو من أجل ابن الخطاب ما أتيت به، وكنت أخرته عندي وأخذته لي ولكن جئت به من أجل خشية الله عزَّ وجلَّ وحَمَلَتْ هذه الكنوز جمالٌ، كان أولها في المدينة المنورة وآخرها في بلاد فارس، وكانت أكواماً كثيرة في مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وتجمع المسلمون في المدينة المنورة ومن حولها ليشاهدوا غنائم المؤمنين من كنوز كسرى، وعجبوا وقال عمر رضي الله عنه: { إِنَّ أَقْوَامَاً أَدُّوا هٰذَا لَذَوُو أَمَانَةٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّكَ عَفَفْتَ فَعَفَّت الرَّعِيَّةُ }(1) هذا رجل منهم وهو سلمان الفارسي رضي الله عنه يأتيه صك بتعيينه أميناً على المدائن، وبينما هو يمرُّ ويتفقد أحوال رعيته، إذا برجل مسافر لا يلحظ عليه الإمارة وأنه أمير المدينة ومعه أثقال يريد من يحملها، فأشار إليه وقال: تعال احمل متاعي. فحمله رضي الله عنه على كتفه وبينما هو يمشي خلفه إذا رجل يقول له (السلام عليك أيها الأمير). فتعجب الرجل وقال: أنت أمير المدائن قال نعم، قال وتحمل لي أثقالي قال وماذا في ذلك ذهبت وأنا سلمان ورجعت وأنا سلمان فلم تفتنهم الدنيا وزينتها وزخرفها عن الرحمن طرفة عين ولا أقل، فكانوا بذلك وعلى ذلك من الذين يعنيهم الله بقوله: (فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ) (69-النساء) . ونحن كذلك أعلنا الإيمان فابتلانا الله عزَّ وجلَّ ليختبرنا بصدق الإيمان. ابتلانا الله بفتن الدنيا وزينتها وزخرفها، وطغيان الأموال، وابتلى بَعْضَنَا ببَعْضِِ الأمراض، وابتلى بعضنا ببعض المناصب، وابتلى بعضنا ببعض زواره، وابتلى بعضنا بأمور في بيته أو في عمله أو في نفسه أو في إخوانه، لأن الله قال وهو أصدق القائلين: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ - نمتحنكم جميعاً في أي أمر من هؤلاء - بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } (155-البقرة). قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: { إِنِّي والجنَّ والإِنْسَ في نبإٍ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرُّهم إلىَّ صاعد، أتحبَّبُ إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليَّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليَّ. مَنْ أقبل إليَّ تلقيته مِنْ بعيد، ومَنْ أعرض عنِّي ناديته مِنْ قريب، ومَنْ ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد، ومَنْ أراد رضاي أردت ما يريد، ومَنْ تصرَّف بحولي وقوتي أَلَنْتُ له الحديد. أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم مِنْ رحمتي، إنْ تابوا إلىّ َ فأنا حبيبهم، فإني أحب التوابين وأحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا إلىَّ فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهِّرَهُم مِنْ المعايب.}