اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: إطفاء نار الحاسد بالإحسان إليه .. الأحد 16 سبتمبر 2012 - 3:41
إطفاء نار الحاسد بالاحسان اليه من أصعب الاسباب على النفس ، وأشقها عليها ، ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله ، وهو : إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي ، بالإحسان اليه فكلما ازداد أذىً وشراً وبغياً وحسداً ازددت له إحسانا ، وله نصيحة ، وعليه شفقة ، وما أظنك تصدق بان هذا يكون ، فضلا أن تتعاطاه فاسمع الآن قول الله عز وجل {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } وقال تعالى {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }القصص54 وتأمل حال النبي صلى الله عليه واله وسلم إذ ضربوه قومه حتى أدموه ، فجعل يسلت الدم عنه ويقول ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات ، من الإحسان ، قابل بها إحسان إساءتهم العظيمة إليه ؟ أحدها : عفهم عنه والثاني : استغفاره لهم والثالث : اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون والرابع : استعطافه لهم بإضافتهم إليه ، فقال ( اغفر لقومي ) واسمع الآن ما الذي يسهل هذا على النفس ، ويطيبه إليها وينعمها به . اعلم أن لك ذنوبا بينك وبين الله ، تخاف عواقبها ، وترجو أن يعفو عنها ، ويغفرها لك ويهبها لك ، ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة ، وحتى ينعم عليك ويكرمك ، ويجلب إليك من المنافع والاحسان فوق ما تؤمله ، فإذا كنت ترجو هذا من ربك ، وتحب أن يقابل به إساءتك ، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه ، وتقابل به إساءتهم في حقك يفعل الله معك في ذنوبك وإساءتك ، جزاء وفاقا ، فانتقم بعد ذلك ، أو اعف ، وأحسن واترك فكما تدين تدان وكما تفعل مع عباده يفعل معك . فمن تصور هذا المعنى ، وشغل به فكره ، هان عليه الإحسان إلى من أساء إليه وهذا مع ما يحصل له بذلك من نصر الله معيته الخاصة ، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للذي شكى إليه قرابته ، وأنه يحسن إليهم وهم يسيئون إليه فقال ( لا يزال معك من الله ظهير ، ما دمت على ذلك ) هذا ما يتعجله من ثناء الناس عليه ، ويصيرون كلهم معه على خصمه . فإن كل من سمع أنه محسن إلى ذلك الغير وهو مسيء إليه ، وجد قلبه ودعاءه وهمته مع المحسن على المسيء ، وذلك أمر فطري ، فطر الله عليه عباده ، فهو بهذا الإحسان ، قد استخدم عسكرا لا يعرفهم ولا يعرفونه ولا يريدون منه إقطاعا ولا خبزا . هذا مع أنه لابد له مع عدوه وحاسده من إحدى حالتين : إما أن يملكه بإحسانه ، فيستعبده وينقاد له ، ويذل له ، ويبقى الناس إليه وإما أن يفتت كبده ويقطع دابره ، إن أقام على إساءته إليه فإنه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه ، ومن جرب هذا عرفه حق المعرفة ، والله هو الموفق والمعين ، بيده الخير كله