اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56600 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: مقامات الصادقين السبت 19 مارس 2016 - 10:11
قال ابن القيم - رحمه الله - (*) قد أمرالله تعالى رسوله: أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق فقال: {وَقُلْرَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِيمِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً} [ الإسراء: 80 ] (*) وأخبر عن خليلهإبراهيم أنه سأله أنه يهب له لسان صدق في الآخرين فقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَصِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84 ] (*) وبشر عباده بأن لهم عنده قدمصدق ومقعد صدق فقال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَصِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [ يونس: 2 ] (*) وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِيجَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [ القمر: 54-55 ] فهذه خمسة أشياء: 1- مدخل الصدق 2- ومخرج الصدق 3- ولسانالصدق 4- وقدم الصدق 5- ومقعد الصدق وحقيقة الصدق في هذه الأشياء: هو الحق الثابت المتصل بالله الموصل إلى الله وهو ما كان به وله من الأقوالوالأعمال وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة 1 , 2 - فمدخل الصدق ومخرجالصدق: أن يكون دخوله وخروجه حقا ثابتا بالله وفي مرضاته بالظفر بالبغية وحصولالمطلوب ضد مخرج الكذب ومدخله الذي لا غاية له يوصل إليها ولا له ساق ثابتةيقوم عليها كمخرج أعدائه يوم بدر ومخرج الصدق كمخرجه هو وأصحابه في تلكالغزوة وكذلك مدخله المدينة: كان مدخل صدق بالله ولله وابتغاء مرضاة اللهفاتصل به التأييد والظفر والنصر وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة بخلافمدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب فإنه لم يكن باللهولا لله بل كان محادة لله ورسوله فلم يتصل به إلا الخذلان والبوار وكذلكمدخل من دخل من اليهود المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصن بني قريظة فإنهلما كان مدخل كذب: أصابه معهم ما أصابهم فكل مدخل معهم ومخرج كان بالله وللهوصاحبه ضامن على الله فهو مدخل صدق ومخرج صدق وكان بعض السلف إذا خرج من داره: رفعرأسه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجا لا أكون فيه ضامنا عليك يريد: أن لا يكون المخرج مخرج صدق ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه: بخروجهمن مكة ودخوله المدينة ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل فإن هذاالمدخل والمخرج من أجل مداخله ومخارجه وإلا فمداخله كلها مداخل صدق ومخارجه مخارجصدق إذ هي لله وبالله وبأمره ولابتغاء مرضاته وما خرج أحد من بيته ودخلسوقه أو مدخلا آخر إلا بصدق أو بكذب فمخرج كل واحد ومدخله: لا يعدو الصدق والكذبوالله المستعان. 3-وأما لسان الصدق: فهو الثناء الحسن عليهمن سائر الأممبالصدق ليس ثناء بالكذب كما قال عن إبراهيم وذريته من الأنبياء والرسل عليهم صلواتالله وسلامه: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} [ مريم: 50 ] والمراد باللسان ههنا: الثناء الحسن فلما كان الصدق باللسان وهومحله أطلق الله سبحانه ألسنة العباد بالثناء على الصادق جزاء وفاقا وعبر به عنه فإناللسان يراد به ثلاثة معان: هذا واللغة كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْرَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [ إبراهيم: 4 ] وقوله: {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [ الروم: 22 ] وقوله: لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّمُبِينٌ} [ النحل: 103 ] ويراد به الجارحة نفسها كقوله تعالى: {لا تُحَرِّكْبِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [ القيامة: 16 ] 4-وأما قدم الصدق: ففسر بالجنة وفسر بمحمد وفسر بالأعمال الصالحة وحقيقة القدم ما قدموه ومايقدمون عليه يوم القيامة وهم قدموا الأعمال والإيمان بمحمد ويقدمون على الجنة التيهي جزاء ذلك فمن فسره بها أراد: ما يقدمون عليه ومن فسره بالأعمال وبالنبي: فلأنهم قدموها وقدموا الإيمان به بين أيديهم فالثلاثة قدم صدق. 5- وأما مقعدالصدق: فهو الجنة عند الرب تبارك وتعالى ووصف ذلك كله بالصدق مستلزم ثبوتهواستقراره وأنه حق ودوامه ونفعه وكمال عائدته فإنه متصل بالحق سبحانه كائن به ولهفهو صدق غير كذب وحق غير باطل ودائم غير زائل ونافع غير ضار وما للباطل ومتعلقاتهإليه سبيل ولا مدخل .