خرجت جماعة من اللصوص ذات ليلة تقطع الطريق
على قافلة أتاهم خبرها
فلما جدوا في السعي للقائها
وتوغل الليل ولم يعد لهم
من جهد أو وسيلة لتبينها
فهي لا شك قد حطت رحالها
حتى الصباح
حيث لم يستطع اللصوص تبين مكانها
ووجدوا عن بعد منزلاً مهدما به أثره من نار
فذهبوا إليه وطرقوا الباب
وقالوا
نحن جماعة من الغزاة المجاهدين في سبيل الله
أظلم علينا الليل
ونريد أن نبيت في ضيافتكم
وأحسن الرجل استقبالهم
وأفرد لهم غرفته
وقام على خدمتهم
وقدم لهم أكل أهل بيته
وكان للرجل ولد مقعد قد شله المرض عن الحركة .
وفى الصباح خرج اللصوص
وقام الرجل وأخذ الوعاء
الذي كان فيه فضل مياههم وباقي اغتسالهم
وقال لزوجته
امسحي لولدنا بهذا الماء أعضاءه ،فلعله يشفى ببركة هؤلاء
الغزاة المجاهدين في سبيل الله
فهذا الماء باقي
وضوئهم واغتسالهم .
وفعلت الأم ذلك .
وفى المساء رجع اللصوص إلى دار الرجل وقد غنموا
وسرقوا وانتبهوا ليقضوا ليلتهم في خفية عن أعين
قد تكون تترصدهم
ووجدوا الولد المقعد يمشى سوياً !
فقالوا لصاحب الدار وقد تعجبوا واندهشوا
أهذا الولد الذي رأيناه بالأمس وفى الصباح مقعداً ؟ ! .
قال الرجل
نعم
فلقد أخذت فضل مائكم وبقية وضوئكم
ومسحته به
فشفاه الله ببركتكم
ألستم غزاة مجاهدين من أهل الله ؟ ! ! .
فأخذوا في البكاء والنشيج وقالوا له
أيها الرجل اعلم أننا لسنا غزاة
وإنما نحن لصوص
قطاع طريق
غير أن الله قد عافى ولدك بحسن نيتك
ولقد تبنا إلى توبة نصوحاً
وخرجوا يوزعون المال على الفقراء والمحتاجين
وتحللوا من الذنب
وتحرروا من الكذب
وتقدموا إلى جيش المسلمين يلتحقون به
ليكونوا فعلاً
كما كذبوا أولاً
غزاة مجاهدين في سبيل الله .