العابد
اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
| موضوع: فأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم البدن الأحد 13 مارس 2016 - 9:22 | |
|
قال الامام ابن القيم رحمه الله (كلما خف البدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي.وكلما ثقل وأخلد إلى الشهوات والراحة ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفليّة فترى الرجل روحه في الرفيق الأعلى وبدنه عندك فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش وآخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات فإذا فارقت الروح البدن التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى فعند الرفيق الأعلى كل قرّة عين وكل نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك قال تعالى:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكا} فذكره كلامه الذي أنزله على رسوله, والإعراض عنه ترك تدبره والعمل ب والمعيشة الضنك, فأكثر ما جاء في التفسير أنها عذاب القبر قاله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عباس. وفيه حديث مرفوع ( ذكره ابن كثير في تفسيره عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل:{ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} قال:" ضمّة القبر له" وأصل الضنك في اللغة: الضيق والشدة وكل ما ضاق فهو ضنك يقال: منزل ضنك وعيش ضنك, فهذه المعيشة الضنك, في مقابلة التوسيع على النفس والبدن بالشهوات واللذات والراحة فإن النفس كلما وسعت عليها ضيّقت على القلب حتى تعيش معيشة ضنكا, وكلما ضيّقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسح فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة وسعة المعيشة في الدنيا بحكم الهوى ضنكها في البرزخ والآخرة فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومهما. فأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم البدن فإن نعيم الروح وشقاءها أدوم وأعظم ونعيم البدن وشقاءه أقصر وأهون والله المستعان. العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا فإنهم لا يقدرون على تركها ولكن يأمرهم بترك الذنوب مع إقامتهم على دنياهم فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم بالفريضة فإن صعب عليهم ترك الذنوب, فاجتهد أن تحبب الله إليهم بذكر آلائه وإنعامه وإحسانه وصفات كماله ونعوت جلاله, فإن القلوب مفطورة على محبته فإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب والاستقلال منها, والإصرار عليها وقد قال يحي بن معاذ:طلب العاقل لدنيا خير من ترك الجاهل لها.العارف يدعو الناس إلى الله من دنياهم, فتسهل عليهم الإجابة والزاهد يدعوهم إلى الله بترك الدنيا, فتشق عليهم الإجابة ) |
|