قالَ تعالى
{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)
آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) }( الكهف ).
أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا إنَّها قصةُ العبد الصالحِ :
ذي القرنينِ عليهِ السَّلام :
حيثُ وجدَ قوماً : قدْ وَسَّعَ اللهُ تعالى عليهمِ منْ المالِ ، فأعتمدوا على ذلكَ
وتحولوا إلى أمَّةٍ خاملة
– لا تعمل بنفسِها
فأرادَ ذو القرنينِ :
أنْ يجعلهم :
يعتمدونَ على طاقاتِهم
وأنْ يُخرجهم منْ حالةِ التوكلِ على الغيرِ وحالةِ الخمولِ
إلى حالةِ العمل وإلإعتماد على ألنفسِ !!
فأشركهم ببناءِ :
ردم عظيمٍ –
حالَ بينهم وبينَ إعدائهم منْ
(( يأجوج ومأجوج )) المفسدينَ في زمانِهم
دونَ أنْ يأخذَ منْ أموالهم شيئاً !!!
وقدْ نجحَ ذو القرنينِ بذلكَ نجاحاً كبيراً.
الوجه العلمي :
{ طلبوا منْ ذي القرنينِ عليهِ السَّلام :
أنْ يبني لهم سداً !! فلم يتفق معهم على ذلكَ :
وأقترح عليهم :
أنْ يبني لهم
ردماً
وهناكَ أختلافٌ كبيرٌ ما بينَ السدِّ والردمِ !!
فالسَّد :
يكونُ لهُ جوفٌ وأبوابٌ ومنافذٌ وسلالم لتفقدهِ وو ..
أمَّا الرَّدم :
فهو كتلةٌ غير مجوفةٍ ولا تحتاج الى بواباتٍ ولا منافذٍ ولا سلالم ٍ ولا ...}.
{يُشيرُ لنا اللهُ تعالى : الى شيءٍ منْ علمِ المعادنِ
(( ألتعدين ))
– فقدْ ذكرَ جلَّ شأنهُ :
الحديد و النحاس }.
{ يُشيرُ لنا اللهُ تعالى : الى علمِ المصبوباتِ
(( السِّبائكِ ))
وقدْ عملَ ذو القرنينِ الى تصنيعِ مسبوكةٍ قويَّةٍ جداً
منْ خلطِ خاماتِ الحديدِ المُنصهرِ معَ النحاسِ المُنصهرِ وبنسبٍ مثاليةٍ }.
{ بَيَّنَ لنا اللهُ تعالى :أنَّ منْ خصائصِ هذهِ المسبوكةِ :
دِقة أنهائها السَّطحي و متانة مادتها فكانَ ألامثل :
لمنعِ ألأعداءِ منْ تسلّقها ومنْ ثقبِها :
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا }
فَسبُحانَ منْ مَكَّنَ عبدة
- ذي القرنين : بهذا التمكينِ .