اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56600 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: (الشماتة) الأربعاء 10 فبراير 2016 - 11:42
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستقبل يومه بهذا الدعاء الأواب الرباني الانساني اللطيف: «اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك».. إن هذا النبي الذي اتسع قلبه للبشرية كلها: يشكر ربه بالنيابة عن كل الناس على كل نعمة أسبغها الله على كل انسان، وكل مخلوق.. فإن تعبير (أو بأحد من خلقك): ينتظم جميع الناس، نعم. جميع الناس، مسلمهم وكافرهم ـ فقلب: هذا صفاؤه، وهذه رحمته لا يتسع للتشفي والشماتة وليست تجتمع الرحمة الغامرة، والقسوة الشامتة في قلب واحد. ـ في الشماتة معنى خبيث من معاني الحسد.. يقول ابو حامد الغزالي: «وهذا أشد أبواب الحسد، فان من آذاه شخص بسبب من الاسباب، وخالفه في غرض بوجه من الوجوه: أبغضه قلبه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقد.. والحقد يقتضى التشفي والانتقام، فإن عجز عن ان يتشفى بنفسه أحب ان يتشفى منه الزمان «!!!». ومن المعلوم في دين الاسلام ـ بالضرورة ـ: ان الحسد محرم: بواعثه وصوره ومقاصده.. ولو لم يكن في الشماتة الا معنى الحسد: لوجب على المسلم التحرر والتطهر منها: في الشعور واللفظ. ـ حكى النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، شيئا من ذكرياته المريرة في مكة المكرمة، فقال لها: «لقد لقيت من قومك. وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، فانطلقت وانا مهموم على وجهي، فرفعت رأسي، فاذا بسحابة اظلتني، فنظرت فاذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: ان الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ ثم قال: يا محمد ان الله قد سمع قول قومك لك، وانا ملك الجبال، وقد بعثني ربي اليك لتأمرني بأمرك. ان شئت ان اطبقت عليهم الأخشبين (جبلين عظيمين بمكة المكرمة). فقال النبي: بل ارجو ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا». لقد جاء النبي: النصر الكوني وهو في ساعة العسرة.. وقد كانت فرصة للانتقام من مضطهديه وظالميه... بيد ان صاحب الخلق العظيم أبى ان يشمت بهم وهم هالكون، لان (رحمة العالمين) لا يعرف الا الرحمة على كل حال. ـ أرقى مقامات التوحيد: اثنان: عبادة الله وحده لا شريك له.. والإحسان إلى خلقه.. والشماتة ليست إحسانا إلى الخلق، بل هي إساءة إليهم، فهي .. سقوط شنيع عن مقام عال من مقامات التوحيد والايمان.. وللربط التكاملي بين المقامين: اقترنت «اتق الله حيثما كنت» ، بالإحسان إلى الناس «وخالق الناس بخلق حسن». «اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك»..