بعض أحكام الجِعالة
تعريفها:
لغة:
الجعالة - بتثليث الجيم - أو الجعل أو الجعلية:
هي ما يُعطاه الإنسان على أمر يفعله.
واصطلاحًا
: هي التزام عِوَض معلوم على عمل معين أو مجهول عسر عمله.
مثالها:
قول القائل:
مَن ردَّ عليَّ دابَّتي الشاردة أو متاعي الضائع فله كذا
ومنها ما يخصص من المكافآت لأوائل الناجحين
ومنها الالتزام بمبلغ معين لطبيب يشفي مريضًا
أو لمعلِّم يحفِّظ ابنه القرآن.
مشروعيتها:
لم يجوِّز الحنفية الجعالة
لما فيها من الغَرَر
أي:
الجهالة في العمل
وتجوز الجعالة عند الجمهور
بدليل
قوله تعالى -:
﴿ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾
[يوسف: 72]
وبدليل ما جاء في السُّنة من أخذ الأجرة على الرُّقْية بالفاتحة في اللَّدِيغ
فلما سألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن ذلك ضحِك
وقال:
((وما أدراك أنها رقية؟!
خُذوها واضرِبوا لي فيها بسهم)).
والمعقول يؤيِّد ذلك
لأن الحاجة تدعو إلى الجعالة من رد ضالة أو عمل لا يقدر عليه صاحبه
فجاز بذل الجعل لمن يقوم بذلك العمل كالإجارة والمضاربة.
حكمتها:
الحاجة داعية إلى الجعالة على الأعمال
فقد يفقد الإنسان شيئًا ولا يجد مَن يتطوَّع بالبحث عنه وردِّه عليه
فيستعين على تحصيل ذلك بمن يقوم به على جُعْل يلتزمه
فشُرِعت تحقيقًا لهذه المصلحة وتلبيةً لتلك الحاجة.
الفرق بين الجعالة والإجارة على الأعمال:
1- لا تتحقق المنفعة للمالك في الجعالة إلا بتمام العمل
أمَّا في الإجارة فتتحقق المنفعة للمستأجر بجزء من العمل.
2- الجعالة عقد يحتمل فيه الغرر
فالعمل فيها قد يكون معلومًا وقد يكون مجهولاً
أما الإجارة فلا بد أن يكون العمل فيها معلومًا كالخياطة أو البناء.
3- لا يجوز اشتراط تقديم الأجرة في الجعالة بخلاف الإجارة.
4- الجعالة عقد جائز غير لازم
فيجوز فسخه
بخلاف الإجارة
فإنها عقد لازم لا يفسخ.
شروطها:
يشترط في الجعالة ما يلي:
1- أهلية العاقد: يشترط في الجاعل أن يكون بالغًا عاقلاً رشيدًا.
2- كون الجعل (الأجرة) مالاً معلومًا.
3- أن تكون المنفعة معلومة حقيقية مباحًا الانتفاع بها شرعًا
فلا تجوز الجِعالة على إخراج الجنِّ من شخص
أو على حلِّ سحر مثلاً
لأنه يتعذَّر معرفة كون الجن خرج أم لا
أو انحل السِّحر أم لا.
4- واشترط المالكية فقط ألا يُحدَّد للجعالة أجلٌ
وقال غيرهم:
يصح
كأن يقول:
مَن خاط لي هذا الثوب في يوم فله كذا.
بعض أحكام الجعالة:
1- الجعالة عقد جائز
أي:
غير لازم
يجوز لكل من المالك والعامل فسخه.
2- لا يستحق الجعل إلا بإذن صاحب العمل
كأن يقول:
مَن وجد لي ضالَّتي الفلانية فله كذا
فإذا عمل عامل بدون إذنٍ لم يستحق شيئًا
كما إذا وجد إنسان ضالة لآخر فردَّها عليه.
3- لا يستحق العامل الجعل إلا بالفراغ من العمل
كالبُرْء من المرض إن كان الجعل على الشفاء مثلاً.
4- تجوز الزيادة والنقصان في الجعل قبل الشروع في العمل
فلو قال له:
اعمل كذا ولك عشرة
ثم قال:
اعمله ولك عشرون أو لك خمسة
لزمه إن كان قاله قبل الشروع في العمل
أما إن كان بعد الشروع بالعمل
وجبت أجرة المثل للعامل.
5- الجماعة إذا عملوا العمل يقتسمون الجعل بينهم بالسوية
لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العِوَض فاشتركوا فيه.
6- إذا اختلف الجاعل والعامل في أصل الجعل أو قدرِه يُقبَل قول الجاعل
لأنه منكِر
والأصل براءة ذمته
وقال بعض الفقهاء:
تحالفا وتساقطت أقوالهما واستحق العامل أجرة المثل.
ويصدق الجاعل فيما لو اختلفا في نوع العمل
كأن يقول صاحب المال:
شرطت الجعل لرد سيارتي الضائعة
ويقول العامل:
بل شرطته لرد متاعك.