اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 37678 تاريخ التسجيل : 25/02/2010 الموقع : ايطاليا العمل/الترفيه : دكتورة صيدلانية وافتخـــر المزاج : الحمد لله
موضوع: الدعاء في السجود الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 - 15:21
وضع السجود هو أكثر أوضاع الصلاة خضوعًا لله عزَّ وجلَّ، وأكثر المواطن ذلًّا له سبحانه وتعالى؛ ففيه تخضع الجبهة التي يعتزُّ بها الإنسان، ويسجد الأنف الذي يشمخ به الناس.. إنه المقام الذي لا يَقْبَل أحدٌ سَوِيُّ الفطرة أن يفعله إلَّا لله عزَّ وجلَّ؛ ومن هنا كان هذا أعظم إعلان للعبودية لربِّ العالمين، وإذا أدرك العبد طبيعة هذه العلاقة فإن إجابة دعائه تكون قريبة؛ ولذلك قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]، فالله قريبٌ من «عباده»، أما الذي لا يُدرك كُنْه هذه العلاقة فكيف يقترب من الله؟! غير أن هناك حكمة أخرى جميلة ودقيقة أراها من وراء جعل السجود هو موطن الإجابة الأقرب في الصلاة.. وهي أن السجود هو آخر عمل في الركعة، فكأنَّ كلَّ الركعة في تكبيرها وفاتحتها وقرآنها وركوعها وحمدها، ما هي إلَّا مقدِّمة مجَّدْتَ فيها الله وعظَّمْتَه حتى وَصَلْتَ في نهايتها إلى السجود الذي تطلب فيه من الله بغيتك.. وإذا رجعنا إلى المثال الذي ضربناه قبل ذلك، وفيه نطلب قرضًا من صاحب فضلٍ وقعنا في حقِّه، تُصبح الركعة كلها هنا كالمحاولات التي نبذلها للاعتذار عن خطئنا، ولتقديم التبجيل والتعظيم، وإظهار الانكسار والضعف، لنصل في النهاية إلى الموضع الذي نطلب فيه على استحياء ما نُريده من صاحب الفضل. ومن هنا جاء حثُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا على كثرة الدعاء في السجود، وعلى الاجتهاد فيه؛ فقد روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «.. فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عزَّ وجلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؛ فَقَمِنٌ [1] أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» [2].