أخرج البخارى عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضى الله عنها ويشرب عندها عسلاً ، فَتَوَاطأتُ أنا وحفصة ن أيا منا دخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم فلتقل له :-إنى أجد منك ريح مغافير (وهو شئ ينضحه شجر العرفط حلو ولكنه كريه الرائحة كالثوم أو البصل)هل أكلت مغافير ..؟ فدخل النبى على إحداهما فقالت ذلك : فقال : " لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له " فنزلت : " وإذا أسَرَ النبى إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض ..فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير ..إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ..عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً " ـــــــــــ
وقد روى سبب آخر لنزول هذه الآيات غير قصة العسل الذى حرمه على نفسه بسبب توطؤ عائشة مع حفظة رضى . سبب يتعلقن بأم إبراهيم القبطية التى ذُكِرَ أن الرسول أصابها فى بيت حفصة وفى يومها فعضبت حفصة وقالت : يا نبى الله لقد جئت شيئاً ما جئت به إلى أحد من أزواجك فى يوم وفى دورى وعلى فراش. قال : " ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها " قالت : بلى . فحرمها وقال لها : " لا تذكرى ذلك لأحد " فذكرته عائشة فأظهره الله عليه فأنزل الله تعالى : " يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك "
الآيات كلها .
فكفَّر النبى صلى الله عليه وسلم عن يمينه ..ـــــــــــ
ويرى البخارى أنها كانت فى قصة العسل .. غيرة من زينب رضى الله عنها أن الرسول قال حين ما قالت إحداهن .. هل أكلت مغافير ؟إنى أجد منك ريح مغافير..قال الرسول : لا ولكنى كنت أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبرى بذلك أحداً " قال : ابن عباس : لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن المرأتين من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى :-" إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبمكا
حتى حج عمر وحججت معه ، فلما كنا ببعض الطريق . قلت يا أمير المؤمنين : -:- من المرأتان من أزواج النبى اللتان قال الله تعالى فيهما : " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما "
فقال عمر : وا عجباً لك يا ابن عباس .. وكأنه كره السؤال ولكنه لم يكتمه عنه :-قال عمر : هما حفصة وعائشة ثم أخذ يسوق الحديث . قال عمر : كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهمن نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم . وكان منزلى فى بنى أمية بن زيد بالعوالى ، فتَغَضَّبْتُ يوماً على امرأتى فإذا هى تراجعنى فقالت : ما تنكر أن أراجعك فو الله إن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قال عمر : فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت :-أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم قلت : وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل .. ؟قالت : نعم قلت : قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر ! أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله ؟ فإذا هى قد هلكت !لا تراجعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئاً ، وسلينى ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت جارتك هى أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك - يريد عائشة قال عمر : وكان لى جار من الأنصار ، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل وأنزل يوماً ، فيأتنى بخبر الوحى وغيره ، وآتيه بمثل ذلك . قال : وكنا نتحدث أن غسان ؟ تتهيأ للحرب لتغزوننا فنزل صاحبى يوما ثم أتانى عشاء فضرب بابى ثم نادانى فخرجت له فقال: حدث أمر عظيم !فقلت : وماذا ؟ أجاءت غسان ؟ تتهيأ للحرب لتغزونا . قال : لا ، بل أعظم من ذلك وأطول !طلق الرسول نساءه قلت : قد خابت حفصة وخسرت ! قد كنت أظن هذا كائناً ، حتى إذا صليت الصبح شددت علىَّ ثيابى ثم نزلت فدخلت على حفصة وهى تبكى .. فقلت : أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أدرى هو هذا معتزل فى هذه المشربة (الغرفة) فأتيت غلاماً له أسود فقلت : استأذن لعمر ، فدخل الغلام ثم خرج إلىَّ فقال : -قد ذكرتك له فصمت ، فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكى بعضهم ، فجلست قليلاً ثم غلبنى ما أجد فأتيت الغلام فقلت : -استأذن لعمر . فدخل الغلام فقلت : اسأذن لعمر . فدخل الغلام ثم خرج إلىَّ فقال : قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبنى ما أجد ، فأتيت الغلام فقلت : استأذن لعمر !فدخل ثم خرج إلىَّ فقال : - قد ذكرتك له فصمت ، فوليت مدبراً فإذا الغلام يدعونى فقال: ادخل فقد أذن لك . فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر فى جنبه ، فقلت : أطلقت يا رسول الله نساءك ؟ فرفع رأسه إلىَّ وقال : - " لا " فقلت : الله أكبر !لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء .فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ، فتغضبت علىّ امرأتى يوما فإذا هى تراجعنى ، فأنكرت أن تراجعنى فقالت : ما تنكر أن أراجعك فو الله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل ، فقلت :-- قد خاب من فعل ذلك منهم وخسر ، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله ؟. فإذا هى قد هلكت ، فتبسم رسول اله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله فدخلت على حفصة فقلت : لا يغرك أن كانت جارتك هى أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك . فتبسم مرة أخرى ..فقلت : أستأنس يا رسول الله ؟ أى أتأذن لى بالجلوس قال : " نعم " فجلست فرفعت رأسى فى البيت فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلاَّ ثلاثة جلود ..فقلت : أدع يا رسول الله أن يوسع على أمتك ، فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالساً ثم قلا : 0" أفى شكٍّ أنت يا ابن الخطاب
أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا "
فقلت : - استغفر لى يا رسول الله وكان أقسم ألا يدخل عليهم شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل . قلت : يا رسول الله . ما يشق عليك من أمر النساء .. فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك . وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولى ، فنزلت هذه الآية الكريمة .. آية التخيير " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خير منكن
" وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل
وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " التحريم 4،5
فقلت : أطقلتهن يا رسول الله ؟ قال : " لا " فقمن على باب المسجد فناديت بأعلى صوتى : لم يطلق نساءه ونزلت هذه الآية : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعو به "
" ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم
لعلمه الذين يستنبطونه منهم" النساء 84
فكنت أنا استنبطت هذا الأمر كذا فى التفسير لابن كثير . وأخرج الحديث أيضاً عبد الرزاق وابن سعد وابن حيان والبيهقى وابن جرير وابن المنذر وغيرهم كما فى الكنز (1/269) ـــــــــ