وعن أبى موسى الأشعرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كَمُلَ من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "أخرجاه فى الصحيحين
جبريل يقرئها السلام :وفى صحيح البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام "
قالت : وعليه السلام ورحمة الله ..كما أنها رأت جبريل عليه السلام دون أن تدرى .. فى صورة دحية الكلبى الصحابى المعروف الذى كان يأتى جبريل فى صورته .عن أبى سلمة قال : قالت عائشة :رأيت النبى صلى الله عليه وسلم واضعاً يديه على معرفة فرس دحية الكلبى وهو يكلمه فقلت :يا رسول الله رأيتك واضعاً يدك على معرفة فرس دحية الكلبى وأنت تكلمه قال : أورأيته ؟ قلت : نعم قال : ذاك جبريل وهو يقرئكِ السلام قلت : وعليه السلام . جزاه الله من صاحب ودخيل([1]) خيرا فنعم الصاحب ونعم الدخيل .وعن القاسم عن عائشة قالت : وثب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبة شديدة فنظرت فإذا رجل معه واقف على "برذون" (دابة أقل قليلاً من الفرس خاصة بجبريل) ، وعليه عمامة بيضاء طرفها بين كتفيه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع يده على معرفة برذونهفقلت : يا رسول الله لقد راعتنى وثبتك ، من هذا ؟قال : أرأيته ؟ قلت : نعم قال : ومن رأيت ؟ قلت : دحية بن خليفة الكلبى قال : ذلك جبريل عليه السلام ـــــــــــ
تصريح الرسول بحبها :وكما كانت عائشة تغار من خديجة التى لم ترها ولم تجاورها فى حياة زوجية .. بل كانت تغار لمجرد ذكراها بعد وفاتها .. فلم يكن عجيبا من زوجات الرسول الأخريات أن يغرن من عائشة وهن يرينها .. بيتها بجوار بيوتهن .. ففكرن فى أن يتقدمن بشكوى إلى رسول الله .. ولكن مع من ؟ .. مع فاطمة .. إنها أقرب واحدة إليه .. فاستاذنت فاطمة عليه وهو مع عائشة فى مرضها فأذن لها ودخلت عليه فقالت :يا رسول الله : أزواجك أرسلننى إليك ..يسألنك العدلَ فى أبنة أبى قحافة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : أى بنية .. ألست تحبين ما أحب ؟قالت : بلى قال : فأحبى هذه وأشار إلى عائشة فقامت فاطمة عليها السلام فخرجت فجاءت أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فحدثتهن بما قالت وبما قال لها .. فقلن :ما أغنيتِ عنا من شئ فارجعى فحدثيه عنا مرة أخرى ..فقالت فاطمة عليها السلام : والله لا أكلمه فيها أبداـــــــــــ
إنها ابنة أبى بكر : ولما لم تحقق سفارة فاطمة هدفها -أرسلن بعدها زينب بنت جحش فأستأذنت فأذن لها ، فدخلت فقالت :يا رسول الله ، أرسلنى إليك أزواجك ..يسألنك العدل فى بنت أبى قحافةقالت عائشة : ووقعت فىَّ زينبوظلت عائشة صامته ولكنها تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظر منه الإذن فى أن ترد على ما تقوله زينب ..ولم تزل صامته حتى عرفت بذكائها أنه لا يكره لها أن ترد وأن تنتصر لنفسها وتقول عائشة : فوقعتُ بزينب ولم أتركها إلا بعد أن افحمتها واعجزتها عن الرد فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال : " إنها ابنة أبى بكر " !
ـــــــــــ
وكانت عائشة تدل عليه بأنها الوحيدة البكر من بين جميع امهات المؤمنين بما فيهم خديجة رضى الله عنها قالت له بفطنتها وذكائها وبلاغتها فى التمثيل والتشبيه :يا رسول الله . أرأيت إن نزلت واديا فيه شجرة قد أُكل منها ، ووجدت شجرة لم يؤكل منها !فى أيهما كنت ترتع بعيرك ؟قال الرسول صلى الله عليه وسلم : قال : فى التى لم يؤكل منها قالت : فأنا كذلك التى لم يؤكل منها قبلك ..ـــــــــــ
المطالبة بالعدل فى الهدايا ..ولأن حب الرسول صلى الله عليه وسلم كان معروفاً للجميع ..فكان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ..وجاء الدور على أم سلمة بنت أبى أمية " زاد الركب " زوج رسول الله وهى من اللائى كانت عائشة تعمل حساباً لهن فقد كانت من الجميلات الأبيات اجتمع صواحب عائشة إلى بيت أم سلمة فقالوا :يا أم سلمة : إن الناس يتحرون بهداياهم اليوم الذى يكون فيه الرسول عند عائشة .. وإنا نريد الخير كما تريد عائشة ..فمرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان .. فذكرت أم سلمة هذا الرأى للنبى قالت أم سلمة : فأعرض عنى .. فى المرة الأولى ..وفى المرة الثانية .. فلما كان فى الثالثة ذكرت له ذلك فقال : يا أم سلمة : لاتؤذينى فى عائشة فإنه والله ما نزل على الوحى وأنا فى لحاف امرأة منكن غيرها ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما ذكر لأم سلمة وهو حق لأنه لا ينطق عن الهوى - ليسكتهن جميعاً ..وليعرفهن بفضل عائشة عليهن جميعاً .. فهى الوحيدة التى ينزل عليه الوحى وهو فى بيتها .أما عن مطالبتهن بالعدل بينهن وبين أبنة أبى قحافة على حد قولهن .. فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يراعى العدالة .. ولم يظلم منهن واحدة فكان يوزع الهدايا التى ترسل إليه فى يوم عائشة عليهن جميعاً .. ولم يكن يؤثر أى واحدة منهن فيما يقدر عليه من طعام أو شراب او لباس أو مبيت .. اما الحب القلبى فلا يد له فيه .. ولذا كان يقول مخاطباً ربه عز وجل " اللهم هذا قسمى فيما أملك ..
فلا تؤاخذنى فيما تملك ولا أملك " أى فى هذا الحب والميل القلبى
ـــــــــــ
كيف لا أغار وكانت عائشة رضى الله عنها لا تخفى غيرتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانت ترى أن هذه الغيرة أمر طبيعى لا يستدعى الإنكار بل إنها لتفخر به بأسلوبها الذكى الرشيق خرج من عندها الرسول صلى الله عليه وسلم ليلاً فغارت فجاء فرأى ما تصنع مما يدل على غيرتها فقال لها :" مالك يا عائشة أغرت ..؟ "
فقالت : وكيف لا يغار مثلى على مثلك قال ضاحكاً : " لقد جاءك شيطانك "قالت وهى تبادله مشاعره :يا رسول الله .. أمعى شيطان ؟قال : نعم قالت : ومعك أيضاً يا رسول الله ؟قال : نعم ولكن أعاننى الله عليه حتى أسلم ـــــــــــ
غيرتها من أم سلمة :وأخرج ابن سعد (8/94) عن عائشة قالت :لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضى الله عنها حزنت حزناً شديداً لِما ذكروا لنا من جمالها قالت : فتلطفت حتى رأيتها ..فرأيتها -والله- أضعاف ما وصفت لى فى الحسن والجمالقالت : فذكرت ذلك لحفصة -وكانتا يدا واحدة- فقالت حفصة : لا والله .. إنْ هذه إلا الغيرة .. ما هى كما يقولون ..فتلطفت لها حفصة حتى رأتها ..فقالت : قد رأيتها ، ولا والله ما هى كما تقولين ولا قريب مما تقولين .. وإنها لجميلة قالت عائشة : فرأيتها بعد ذلك ، فكانت لعمرى كما قالت حفصة ولكنى كنت غيرى!ـــــــــــ
([1]) الدخيل : الضيف