تَذَكَّرتَ شَجواً مِن شَجاعَةَ مُنصِبا
| تَليداً ومُنتاباً مِنَ الشَوقِ مُحلبا
|
تَذَكرتَ حيّاً كانَ في مَيعَةِ الصِبا
| وَوَجداً بِها بَعدَ المَشيبِ مُعَقِّبا
|
إِذا كانَ يَنساها تَرَدَّدَ حبُّها
| فَيالَكَ قَد عَنّى الفؤادَ وَعَدَّبا
|
ضَنىً مَن هَواها مُستَكِنٌّ كأَنَّهُ
| خَليعُ قِداحٍ لَم يَجِد مُتَنَشَّبا
|
فَأَصبَحَ باقي الودِّ بَيني وَبينَها
| رَجاءً عَلى يأَسٍ وَظَنّاً مُغَيَّبا
|
وَيَومَ عَرَفتُ الدارَ مِنها بِبَيشَةٍ
| فَخِلتُ طُلولَ الدارِ في الأَرضِ مِذنَبا
|
تَبَيَّنتُ مِن عَهدِ العِراصِ وأَهلِها
| مرادَ جَواري بِالصَّفيحِ وَمَلعَبا
|
وأَجنَفَ مأَطور القَرى كانَ جُنَّةً
| مِنَ السَيلِ عالتَهُ الوَليدَةُ أَحدَبا
|
بِعَينيك زالَ الحَيُّ مِنها لنيَّةٍ
| قَذوفٍ تَشوقُ الآلِفَ المُتَطَرَّبا
|
فَزَمُّوا بِلَيلٍ كُلَّ وَجناءَ حُرَّةٍ
| ذَقونٍ إِذا ما سائقُ الرَكبِ أَهذبا
|
وأَعيَسَ نَضّاخِ المَقَذِّ تَخالُهُ
| إِذا ما تَدانى بِالظَعينَةِ أَنكَبا
|
ظَعائنَ مُتباعِ الهَوى قَذَفِ النَوى
| فَرودٍ إِذا خافَ الجَميعُ تَنكَّبا
|
فَقَد طالَ ما عُلِّقتَ لَيلى مُغَمَّراً
| وَليداً إِلى أَن صارَ رأَسُكَ أَشيبا
|
فَلا أَنا أُرضي اليَومَ مَن كانَ ساخِطاً
| تَجَنُّبَ لَيلى إِن أَرادَ تَجَنُّبا
|
رأَيتُكِ مِن لَيلى كَذي الداءِ لَم يَجِد
| طَبيباً يُداوي ما بِهِ فَتَطَبَّبا
|
فَلَمّا اشتَفى مِمّا بِهِ عَلَّ طِبَّهُ
| عَلى نَفسِهِ مِمّا بِهِ كانَ جَرَّبا
|
فَدَع عَنكَ أَمراً قَد تَوَلّى لِشأَنِهِ
| وَقَضِّ لُباناتِ الهَوى إِذ تَقَضَّبا
|
بِشَهمٍ جَديَليّ كأَنَّ صَريفَهُ
| إِذا اصطُكَّ ناباهُ تَغَرُّدُ أَخطَبا
|
بَرى أُسَّهُ عِندَ السِفارِ فَرَدَّهُ
| إِلى خالِصٍ مِن ناصِعِ اللَونِ أَصهبا
|
بِهِ أَجتَدي الهَمَّ البَعيدَ وأَجتَزي
| إِذا وَقَدَ اليَومُ المَليعَ المُذَبذَبا
|
أَلا أَيُّهَذا المُحتَدينا بِشَتمِهِ
| كَفى بيَ عَن أَعراضِ قَوميَ مُرهَبا
|
وَجازَيتَ مِنّي غَيرَ ذي مثنويةٍ
| عَلى الدَفعَةِ الأَولى مُبِرّاً مُجَرَّباً
|
لِزازَ حِضارٍ يَسبِقُ الخَيلَ عَفوهُ
| وَساطٍ إِذا ضَمَّ المَحاضيرَ مُعقبا
|
سَجولٌ أَمامَ الخَيلِ ثاني عَطفِهِ
| إِذا صَدرُهُ بَعدَ التَناظُرِ صَوَّبا
|
تَعالَوا إِذا ضَمَّ المَنازِلُ مِن مِنىً
| وَمَكّةُ مِن كُلِّ القَبائِلِ مَنكِبا
|
نواضِعُكُم أَبناءَنا عَن بَنيكُمُ
| عَلى خَيرِنا في الناسِ فَرعاً وَمَنصِباً
|
وخَيرٍ لِجادٍ مِن مَوالٍ وَغيرِهِم
| إِذا بادَرَ القَومُ الكَنيفَ المُنَصَّبا
|
وَأَشرَعَ في المِقرى وَفي دَعوَةِ النَدى
| إِذا رائِدٌ لِلقَومِ رادَ فأَجدَبا
|
وأَقوَلنا لِلضَّيفِ يَنزِلُ طارِقاً
| إِذا كُرِهَ الأَضيافُ أَهلاً وَمَرحَبا
|
وأَصبرَ في يَومِ الطِعانِ إِذا غَدَت
| رِعالاً يُبارينَ الوَشيجَ المُذَرَّبا
|
هُنالِكَ يُعطي الحَقَّ مَن كانَ أَهلَهُ
| وَيَغلُبُ أَهلُ الصِدقِ مَن كانَ أَكذَبا
|
وإِن تسأَموا مِن رِحلَةٍ أَو تُعَجِّلوا
| إِنى الحَجِ أُخبِركُم حَديثاً مُطَنِّبا
|
أَنا المَرءُ لا يَخشاكُمُ إِن غَضِبتُمُ
| وَلا يَتَوَقّى سُخطَكُم إِن تَغَضَّبا
|
أَنا ابنُ الَّذي فاداكُمُ قَد عَلِمتُمُ
| بِبَطنِ مُعانٍ والقيادَ المُجَنَّبا
|
وَجَدّي الَّذي كُنتُم تَظلَّونَ سُجَّداً
| لَهُ رَغبَةً في مُلكِهِ وَتَحَوُّبا
|
وَنَحنُ رَدَدنا قَيسَ عَيلانَ عَنكُمُ
| وَمَن سارَ مِن أَقطارِهِ وَتأَلَّبا
|
بِشَهباءَ إِذ شُبَّت لِحَربٍ شُبوبُها
| وَغَسّانَ إِذ زافوا جَميعاً وَتَغلِبا
|
بِنقعاءَ أَظلَلنا لَكُم مِن وَرائِهِم
| بِمُنخَرِقِ النَقعاءِ يَوماً عَصَبصَبا
|
فَأُبنا جِدالاً سالِمينَ وَغُودِروا
| قَتيلاً وَمَشدودَ اليَدَينِ مُكَلَّبا
|
أَلَم تَعلَموا أَنّا نُذَبِّبُ عَنكُمُ
| إِذا المَرءُ عَن مَولاهُ في الرَّوعِ ذَبَّبا
|
وَإِنّا نُزَكِّيكُم وَنَحمِلُ كَلَّكُم
| وَنَجبُرُ مِنكُم ذا العيالِ المُعَصَّبا
|
وَإِنّا بإِذنِ اللَهِ دَوَّخَ ضَربُنا
| لَكُم مَشرِقاً في كُلِ أَرضٍ وَمَغرِبا
|
عَلَينا إِذا جَدَّت مَعَدٌ قَديمَها
| ليَومِ النِجادِ مَيعَةً وَتَغَلُّبا
|
وَإِنّا أُناسٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً
| وَلا العَجزَ حينَ الجَدُّ حِلماً مَؤَرَّبا
|
وَنَحنُ إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها
| يُعَدُّ لَنا عَدّاً عَلى الناسِ تُرتَبا
|
سَبَقنا إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها
| ليَومِ حِفاظٍ مَيعَةً وَتَقَلُّبا
|
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً
| وَلا نُبسِلُ المَجدَ المُنى والتَجَلُّبا
|
وإِنّا نَرى مِن أُعدِمَ الحِلمَ مُعِدماً
| وإِن كانَ مَدثوراً مِنَ المالِ مُترِبا
|
وَذو الوَفرِ مُستَغنٍ وَيَنفَعُ وَفرُهُ
| وَلَيسَ يَبيتُ الحِلمُ عَنّا مُعَزَّبا
|
وَلا نَخذُلُ المَولى وَلا نَرفَعُ العَصا
| عَلَيهِ وَلا نُزجي إِلى الجارِ عَقرَبا
|
فَهَذي مَساعينا فَجيئوا بِمثلَها
| وَهَذا أَبونا فابتَغوا مِثلَهُ أَبا
|
وَكانَ فَلا تُودوا عَنِ الحَقِّ بِالمُنى
| أَفَكَّ وأَولى بِالعَلاءِ وَأَوهَبا
|
لِمَثنى المِئينَ والأَساري لأَهلِها
| وَحَملِ الضياعِ لا يَرى ذاكَ مُتعِبا
|
وَخَيراً لأَدنى أَصلِهِ مِن أَبيكُمُ
| ولِلمُجتَدى الأَقصى إِذا ما تَثَوَّبا
|