الأعشى
===
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من بني قيس بن ثعلبة
يرجع نسبه إلى علي بن بكر بن وائل
وينتهي إلى ربيعة بن نزار.
يعرف بأعشى قيس أعشى قيس
ويكنّى بأبى بصير
ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير .
عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم
ولقب بالأعشى لضعف بصرة وعمى فى أواخر عمرة.
مولده ووفاته في قرية منفوحة فى اليمامة (أحد أحياء مدينة الرياض الآن)
وفيها داره وبها قبره.
يُعد الأعشى من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية
كان كثير الوفود على الملوك من الفرس والعرب
فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره.
كان غزير الشعر
يسلك فيه كل مسلك
وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعراً منه.
كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب
اعتبره أبو الفرج الأصفهاني
كما يقول التبريزي:
أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم.
قدّمت طائفة من النقاد القدماء الأعشى وفضلوه على غيره من الشعراء
ومنهم أبو عمرو بن العلاء.
وقد جعله ابن سلام في الطبقة الأولى من فحول الشعراء الجاهليين
وقيل فيه إنه أشعر الناس إذا طرب.
ومن قدّم الأعشى يحتج بكثرة طواله الجياد
وتصرّفه في المديح والهجاء وسائر فنون الشعر
وليس ذلك لغيره.
ويقال إنه أوّل من سأل (تكسب ) بشعره.
وهو صاحب أول قصة شعرية في الجاهلية
إذ مدح الشاعر شريح بن السموأل راوياً قصة وفاء السموأل بن عادياء.
ويغلب على شعر الأعشى اللون القصصي الحماسي
فالشاعر أدنى إلى القاص الذي يسجل أحداث عصره.
وقد أولع الأعشى ببعض أساليب كثر دورانها في شعره
أهمها أربعة وهي:
وحدة القصيدة
والاستدارة
والاستطراد
والقصص.
اشتهر الأعشى بالمديح والغزل
وكان له أثر كبير في زمانه
حتى قيل إنه ما مدح أحداً في الجاهلية إلا رفعه
وقصة مدحه للمحلَّق الكلابي مشهورة في كتب الأدب.
======
تعريف المعلقة
===
تحفل معلقة الأعشى بفيض من الصور والتشابيه والأوصاف الدقيقة اللينة لمفاتن المرأة وحوار الحب ولقاء المتعة وتصوير علاقات العشق الفاشلة، والحديث عن مجلس الشّراب مع الصحاب والقيان، أما موضوع الهجاء فهو موجه إلى يزيد بن شيبان، ولوم الشاعر له وافتخاره على قومه بالبلاء الأوفى بالحرب، والانتهاء إلى الوعيد والتهديد بالثأر. يحاول الأعشى في القصيدة أن يبين الحبّ الفاشل، وكيف أن المرء قد يعلق بفتاة لا تحبه بل تحب سواه، والآخر المحبوب قد لا يحبّها، وكيف تتشابك مثل هذه العلاقات الفاشلة. وكأن الأعشى يكشف عن الجانب الآخر من حياة البشر، جانب الانفعالات وعلاقات الحب والصدود، حتى ذهبت هذه الأبيات مضرب المثل، لصدقها وواقعيتها، وانطباقها على أحداث الناس في الجانب العاطفي من حياتهم، ولبلاغتها في تركيز الصورة والحكمة معاً.
=====
نص المعلقة
===
وودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ | | وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ |
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها | | تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ |
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا | | مرّ السّحابة ِلا ريثٌ ولا عجلُ |
تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ | | كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ |
ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها | | ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ |
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا | | إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ |
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة ً فَتَرَتْ | | وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ |
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة ٌ | | إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ |
صدّتْ هريرة ُ عنّا ما تكلّمنا | | جهلاً بأمّ خليدٍ حبلَ من تصلُ |
أأنْ رأتْ رجلاً أعشى أضر بهِ | | لِلّذّة ِ المَرْءِ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ |
هركولة ٌ فنقٌ درمٌ مرافقها | | كأنّ أخمصنها بالشّوكِ منتعلُ |
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَة | | والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل |
ما رَوْضَة ٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة ٌ | | خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ |
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ | | مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ |
يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة | | ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ |
علّقتها عرضاً وعلقتْ رجلاً | | غَيرِي وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ |
وَعُلّقَتْهُ فَتَاة ٌ مَا يُحَاوِلُهَ | | مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ |
وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني | | فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ |
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ | | نَاءٍ وَدَانٍ وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ |
قالتْ هريرة ُ لمّا جئتُ زائرها | | وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ |
يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ | | كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ |
لهُ ردافٌ وجوزٌ مفأمٌ عملٌ | | منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متّصل |
لمْ يلهني اللّهوُعنهُ حينَ أرقبهُ | | وَلا اللّذاذَة ُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ |
فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا | | شِيموا وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّملُ |
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ | | وَبِالخَبِيّة ِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ |
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ | | وَبِالخَبِيّة ِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ |
قالُوا نِمَارٌ فبَطنُ الخالِ جَادَهُما | | فالعَسْجَدِيّة ُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ |
فَالسّفْحُ يَجرِي فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ | | حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ فالجبلُ |
حتى تحمّلَ منهُ الماءَ تكلفة ً | | رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينة ِ السّهِلُ |
يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَباً | | زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ |
وبلدة ٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة | | للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ |
لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا | | إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ |
جاوزتها بطليحٍ جسرة ٍ سرحٍ | | في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل |
إمّا تَرَيْنَا حُفَاة ً لا نِعَالَ لَنَا | | إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ |
فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ | | وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ |
وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني | | وقدْ يصاحبني ذوالشَّرة ِ الغزلُ |
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني | | شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ |
في فِتيَة ٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا | | أنْ لَيسَ يَدفعُ عن ذي الحيلة ِ الحِيَلُ |
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً | | وقهوة ً مزّة ً راووقها خضلُُ |
لا يستفيقونَ منها، وهيَ راهنة ٌ | | إلاّ بِهَاتِ وَإنْ عَلّوا وَإنْ نَهِلُوا |
يسعى بها ذو زجاجاتٍ لهُ نطفٌ | | مُقَلِّصٌ أسفَلَ السّرْبالِ مُعتَمِلُ |
وَمُستَجيبٍ تَخالُ الصَنجَ يَسمَعُهُ | | إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ |
منْ كلّ ذلكَ يومٌ قدْ لهوتُ به | | وَفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَلُ |
والسّاحباتُ ذيولَ الخزّ آونة ً | | والرّافلاتُ على أعجازها العجلُ |
أبْلِغْ يَزِيدَ بَني شَيْبانَ مَألُكَة ً | | أبَا ثُبَيْتٍ أمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ |
ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أثلَتِنَا | | وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أطّتِ الإبِلُ |
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ | | عِندَ اللّقاءِ فتُرْدي ثمّ تَعتَزِلُ |
لأعرفنّكَ إنْ جدّ النّفيرُ بنا | | وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّوَّافِ وَاحتَمَلوا |
كناطحٍ صخرة يوماً ليفلقها | | فلمْ يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ |
لأعرفنّكَ إنْ جدّتْ عداوتنا | | والتمسَ النّصر منكم عوضُ تحتملُ |
تلزمُ أرماحَ ذي الجدّينِ سورتنا | | عنْدَ اللّقاءِ، فتُرْدِيِهِمْ وَتَعْتَزِلُ |
لا تقعدنّ، وقدْ أكلتها حطباً | | تعوذُ منْ شرّها يوماً وتبتهلُ |
قد كانَ في أهلِ كَهفٍ إنْ هُمُ قعدوا | | وَالجاشِرِيّة ِ مَنْ يَسْعَى وَيَنتَضِلُ |
سائلْ بني أسدٍ عنّا، فقد علموا | | أنْ سَوْفَ يأتيكَ من أنبائِنا شَكَلُ |
وَاسْألْ قُشَيراً وَعَبْدَ الله كُلَّهُمُ | | وَاسْألْ رَبيعَة َ عَنّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ |
إنّا نُقَاتِلُهُمْ ثُمّتَ نَقْتُلُهُمْ | | عِندَ اللقاءِ وَهمْ جارُوا وَهم جهلوا |
كلاّ زعمتمْ بأنا لا نقاتلكمْ | | إنّا لأمْثَالِكُمْ يا قوْمَنا، قُتُلُ |
حتى يَظَلّ عَمِيدُ القَوْمِ مُتّكِئاً | | يَدْفَعُ بالرّاحِ عَنْهُ نِسوَة ٌ عُجُلُ |
أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ، فَأقْصَدَهُ | | أو ذابلٌ منْ رماحِ الخطّ معتدلُ |
قَدْ نَطْعنُ العَيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ | | وقدْ يشيطُ على أرماحنا البطلُ |
هَلْ تَنْتَهون وَلا يَنهَى ذوِي شَططٍ | | كالطّعنِ يذهبُ فيهِ الزّيتُ والفتلُ |
إني لَعَمْرُ الذي خَطّتْ مَنَاسِمُها | | لهُ وسيقَ إليهِ الباقرِ الغيلُ |
لئنْ قتلتمْ عميداً لمْ يكنْ صدداً | | لنقتلنْ مثلهُ منكمْ فنمتثلُ |
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبّ مَعرَكَة | | لمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ |
نحنُ الفوارسُ يومَ الحنو ضاحية ً | | جنبيْ فطينة َ لا ميلٌ ولا عزلُ |
قالوا الرُّكوبَ فَقُلنا تلْكَ عادَتُنا | | أوْ تنزلونَ فإنّا معشرٌ نزلُ |