اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ونعيما
فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته.
اللهم كما آمنا به ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله.
اللهم كما آمنا به ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله.
اللهم كما آمنا به ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله.
اللهم احشرنا تحت لوائه، اللهم احشرنا تحت لوائه، اللهم أحينا على سنته.
اللهم أحينا على سنته، اللهم أحينا على سنته.
اللهم توفنا على ملته، اللهم توفنا على ملته.
اللهم اسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً.
اللهم عافنا واعف عنا، واغفر لنا وارحمنا، اللهم عافنا واعف عنا، واغفر لنا وارحمنا.
اللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، اللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض.
اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً ورضواناً، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً ورضواناً؛ إنك ولي ذلك ومولاه، وأنت على كل شيء قدير.
أما بعد: فيا أيها الأحبة في الله! مرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات الإيمان، في ضيافة الحق جل وعلا، وعلى مائدة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنضر الله هذه الوجوه، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وتقبل الله مني وإياكم صالح الأعمال، وغفر الله لي ولكم.
ثم أما بعد: فإن لقاءنا هذا هو مع موضوع هام، إنه موضوع الخوف من سوء الخاتمة، أسأل الله أن يحسن ختامي وختامكم.
اعلموا -أيها الإخوة في الله- أن الله جل وعلا خلق الإنسان ولم يتركه سدىً وهملاً، بل إن الله جل وعلا قد خلق هذا الإنسان، وحد له القوانين، وشرع له التشريعات، ووضع له الحدود التي تكفل سعادته في الدنيا والآخرة، فإن أطاع الإنسان أوامر مولاه؛ فأتمر بأوامره، وانتهى بنواهيه، ووقف عند حدوده جل وعلا؛ ضمن الله عز وجل له السعادة في دنياه، والنجاة والفوز في أخراه، وإن شذ هذا الإنسان عن أوامر الله جل وعلا، وعن نواهي الله عز وجل، ولم يقف عند حدوده؛ خاب -والله- وخسر في الدنيا والآخرة؛ فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق سدىً وهملاً، قال صاحب (معارج القبول) عليه رحمة الله: اعلم بأن الله جل وعلا لم يخلق الخلق سدىً وهملاً بل خلق الخلق ليعبدوه وبالإلهية يفردوه فالله جل وعلا خلقك، وأنزل إليك الكتب، وأرسل إليك الرسل، فأمرك ونهاك، وحد لك حدوداً لا ينبغي أن تتجاوزها أو تتعداها، ثم بين لك المصير، وحدد لك الجزاء؛ حتى لا تأتي يوم القيامة وتقول: يا رب! لم يبلغني رسولك، ولم أقرأ كتابك، بل أقام الله جل وعلا عليك الحجة في هذه الحياة، فأنزل عليك الكتب، وأرسل إليك الأنبياء والمرسلين، وأبقى لك بعد الأنبياء والمرسلين ورثة الأنبياء وورثة المرسلين، ألا وهم العلماء الذين -دوماً وأبداً- يذكرونك بأوامر الله، ويحذرونك من نواهي الله، ويذكرونك بأن تكون وقافاً عند حدود الله جل وعلا؛ ضماناً لسعادتك وفلاحك ونجاحك في الدنيا والآخرة.
وحق على الله -أيها الأحبة في الله- لمن اتقاه أن يحسن بدايته، وأن يتولى رعايته، وأن يحسن نهايته، والتقوى كما عرفها علي رضوان الله عليه: هي العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل، وهذا وعد من الله جل وعلا للمتقين أن يحسن بدايتهم، وأن يتولى في الحياة رعايتهم، وأن يحسن نهايتهم بالفلاح والنجاح والتوحيد والإيمان.
وقد بين الله جل وعلا لك أن المصير: إما جنة -نسأل الله أن يجعلنا من أهلها- وإما نار {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
إذاً: أنت أيها الإنسان مخلوق لله جل وعلا، ومؤتمر بأوامر الله، وملتزم بقوانين الله جل وعلا، فطالما أنك مخلوق لله فأنت عبد لمولاك، ولا ينبغي للعبد أن يتصرف في ملك سيده إلا بإذن وتصريح منه، فيقف عند أوامره، وينتهي بنواهيه، ويمتثل بحدوده جل وعلا، فإذا التزمت بالأوامر والنواهي والحدود حدد الله جل وعلا لك المصير، وإن كانت الأخرى فإن الأمر واضح، يقول الله جل وعلا: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:7 - 10].
وقال في سورة النازعات: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41]، وقبل ذلك يقول الله جل وعلا: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37 - 39].