الشاعر
حماد عجرد
شاعر من شعراء العصر العباسي
لا يختلف كثيراً عن بشار بن برد
وهو (حماد عجرد)
الذي كان واحداً من كبار هَجَّائي عصره
وكانت بينه وبين بشار جولات كثيرة من الهجاء المتبادل
وتميز هجاء حماد بفحشه الشديد
وامتلائه بالألفاظ المستنكرة التي يأباها الذوق وتَمُجُّهَا الآذان
حتى بدا بشار أمامه شاعراً مهذَّباً، عفيف اللفظ، رقيق الصورة!!!.
اشتركا في المصير الذي صار إليه كل منهما
وهو القتل بسبب الشعر
فقد رأينا كيف قتل بشار بسبب هجائه للمهدي
وسترى هنا مصير حماد
وكيف قُتل
بسبب تشبيبه بامرأة تسمى زينب بنت سليمان.
فقد كان محمد بن أبي العباس السفاح يهوى زينب
فخطبها فلم يزوجوه
وكان حماد صديقه ونديمه
فقال له محمد:
قل فيها شعراً
فقال حماد على لسان محمد:
زَيْنَبُ، ماذَنْبِي؟ ومَاذا الذَّي غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا؟! وَاللهِ، ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ذَنْباً! فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ؟! إن كنت قد أغضبتكم ضلة فاستعتبوني إنني أعتب عودوا على جهلي بأحلامكم إنني وإن لم أذنب المذنب |
فلما بلغ هذا الشعر مسامع محمد بن سليمان
-أخو زينب- نَذَر دمَه
وأصر على قتله
لكنه لم يستطع لمكانة حماد من محمد بن أبي العباس.
فلما مات محمد
جَدَّ ابنُ سليمان في طلب حماد
فلم يجد حماد من يستجير به
فاستجار بقبر سليمان بن علي
والد محمد بن سليمان
وراح يمدحه ويمدح سليمان
فقال:
مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ[1] لَم يُوجِبِ اللـ ـهُ عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْـ عَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا يا ابْنَ بِنْتِ النَّبيِّ أَحْمَدَ لا أَجْـ عَلُ إلاَّ إليكَ مِنْكَ الفِرَارَا غَيْرَ أني جَعَلْتُ قَبْرَ أَبِي أَيْـ يُوبَ لِي مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ جَارَا وَحَرِيٌّ مَنِ اسْتَجَارَ بِذَاكَ الْـ قَبْرِ أَنْ يَأْمَنَ الرَّدَى وَالعِثَارَا لمْ أَجِدْ لِي مِنَ العِبَادِ مُجِيرا فَاسْتَجَرْتُ التُّرَابَ وَالأَحْجَارَا |
لكن محمد بن سليمان لم يرض بهذا
وقال:
والله لأبُلَّنَّ قبر أبي من دمه
فلم يجد حمادُ بُدّاً من الفرار إلى بغداد
ليستجير بجعفر بن المنصور الذي أجاره
واشترط لذلك أن يهجو محمد بن سليمان
فقال فيه حماد:
قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارَا قَدْ لَعَمْرِي فَرَرْتُ مِن شِدَّةِ الخَوْ فِ وَأَنْكَرْتُ صَاحِبي نَهارَا! وَظَنَنتُ القُبُورَ تَمْنَعُ جَارا فَاستجرْتُ التُّرَابَ والأَحْجَارَا! كُنتُ عندَ استجارَتي بِأبي أَيْـ يُوبَ أَبغي ضَلالةً وخسارَا لم يُجِرْني وَلمْ أَجَدْ فِيهِ حَظّا أَضْرَمَ اللهُ ذَلِكَ القَبْرَ نارَا |
فلما بلغ محمداً قولُه
قال:
"والله لا يفلتني أبداً
وإنما يزداد حتفاً بلسانه
ولا والله لا أعفو عنه
ولا أتغافل أبداً".
وظل ابن سليمان يطلب حماداً
وحماد ينتقل من مكان إلى مكان يبحث عن مأوى وملاذ
حتى أدركه ابن سليمان في منطقة تسمى الأهواز
فأرسل مولى له فظفر به
فقتله.