الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الصلاة، وجعل لنا صلة بينه وبيننا، نقبل فيها عليه، نعبده ونشكره، ونسأله ونذكره، سبحانه وتعالى، لا إله إلا هو ولا نعبد رباً غيره، ولا إله سواه، مالك الملك، وصل الله وسلم على نبينا محمد السراج المنير، والبشير النذير، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، علمنا الصلاة،
وقال صل الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وحذرنا ونبهنا من الإخلال بها، فإنها الركن الركين من أركان الإسلام، صل الله عليه وعلى آله وتابعيه إلى يوم الدين.
من اخطاء الصلاة : احذروا رفع أبصاركم في الصلاة، قال صل الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم)، فاشتد قوله في ذلك حتى قوله: (لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم).
وكذلك الالتفات لغير حاجة هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
ومن المنكرات العظيمة الشائعة، التي ندر أي يسلم منها مسجد جماعة، أو جماعة يصلون، كثرة الحركة والعبث في الصلاة، تشبيك الأصابع، وقضم الأظافر، وتسوية العقال، وغطاء الرأس، والنظر في الساعة، وربط الأزرار، وإمساك الجيب، وتعديل القلم، والعبث بالشعر واللحية، والإمساك بالسواك أثناء الصلاة ونحوها من الأمور العجيبة التي يقوم بها بعضهم، ولا يفعلون ذلك أمام الرؤساء والوجهاء والأكابر، فهم لا يقدرون الله قدره، ما قدروا الله حق قدره، ولو قدروه حق قدره ما فعلوا ذلك في الصلاة، ولقاموا خاشعين ساكنين، عليهم السكينة والخشوع،
كما أمر الله ورسوله: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ سورة البقرة238،
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون َسورة المؤمنون1-2.
وقد اتفق أهل العلم على أن الحركة الكثيرة المتوالية لغير حاجة في الصلاة تبطلها.
ومن الأمور العجيبة المنكرة:
عدم الطمأنينة في القيام، والركوع، والسجود، والجلسة بين السجدتين، قال صل الله عليه وسلم: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته)، كيف يسرق من صلاته؟ (لا يتم ركوعها ولا سجودها).
ولا ريب أن لص الدين أسوأ عند الله من لص الدنيا، هذه صلاة المنافقين، نقر كنقر الغراب، يكاد سجوده يسبق ركوعه، يقول: آمين، عند النزول للركوع، ويقول: سمع الله لمن حمده عند النزول إلى السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى وهو رافع إلى الجلسة بين السجدتين، فأي صلاة هذه؟ (ارجع فصل فإنك لم تصل).
ومن المنكرات:
الزيادة على الأذكار المشروعة، مثل قول بعض الناس: ربنا ولك الحمد والشكر، فكلمة الشكر لم ترد، ولم من ولا قالها رسول الله صل الله عليه وسلم، أهو خير أم أنتم الذين تزيدون، وإنما قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فلا تزد يا عبد الله،
وقول بعض الناس: اللهم صل على سيدنا محمد، ولفظ السيادة لم ترد، هو سيدنا رغماً عنا (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، ولكنه في هذا الموضع في التشهد لم يقل: أللهم صل على سيدنا محمد، كما لم يقل في الأذان: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، فلم تزيد،
لا تقل: هذه بدعة حسنة؛ فكل بدعة ضلالة.
هذا مفهوم مهم، ليس هناك بدعة حسنة، كل بدعة ضلالة،
فقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
وهناك زيادات في الصلاة كثيرة؛ كقول بعض الناس: استعنا بالله، إذا قال الإمام: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
سورة الفاتحة.
ومن المنكرات: ما يفعله الكثير من عدم تمكين الأنف والجبهة عند السجود، وكذلك رفع أصابع القدمين عن الأرض، وجعل القدمين معلقتين في الهواء، ورسول الله صل الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبع: الجبهة والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين).
ومن الأخطاء: تدلية بعض الناس لرءوسهم في الركوع إلى الأسفل، بل يجب أن يكون في مستوى الظهر، وإلصاق البطنين بالفخذين، وينبغي المجافاة واتباع السنة.
ومن الأخطاء: افتراش اليدين على الأرض كالكلب، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالثعلب، ونقرة كالغراب، ورفع اليدين عند السلام يميناً وشمالاً كذنب الخيل، كأذناب الخيل، ونحن نهينا عن التشبه بالحيوانات في الصلاة، فنهينا عن افتراش كافتراش الكلب، وإقعاء كإقعائه، والتفات كالتفات الثعلب، ونقر كنقر الغراب والديك، وإيطان كإيطان البعير، والإشارة بالكفين يميناً وشمالاً عند التسليم يميناً وشمالاً كأذناب الخيل، فترفع عن فعل الحيوانات والبهائم في الصلاة.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يحسنون وقوفهم بين يديك، وممن صلوا لوجهك ابتغاء ثوابك ومرضاتك،
اللهم أنعم علينا بنعمة الإيمان واليقين، وارزقنا صحة الصلاة وإقامة عمود الدين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.