التجارة في الحضارة الإسلامية كانت عالمية
كان للعرب قبل الإسلام علاقات تجارية مع البلدان المجاورة وبخاصة مع بلاد الشام،. وقد اهتم العرب بعد الإسلام بهذا المرفق الاقتصادي لا سيما بعد اتصافهم بالأمم الأخرى، وتقدمهم في ميدان الحضارة. فكثر عدد التجار الرحالين منهم، حتى صارت التجارة من المظاهر المهمة في الحياة العربية ومن الأسس الاقتصادية فيها. وصارت سفن العرب تجوب الأنهار والبحار، وقوافلهم تخترق المهاد والسهوب، تنقل مختلف البضائع في ذهابها وإيابها.
امتدت شبكة التجارة في الحضارة الإسلامية إلى أرجاء البلاد الإسلامية كلها والتي كانت تعج بالتجار والسلع المختارة. وانتقل فيها الذهب والملح المعروف وقتها بالذهب الأبيض شمالاً وشرقاً من صحاري إفريقيا إلى المغرب وإسبانيا وفرنسا وكانت التجارة البريّة التي تمر عبر طريق الحرير القلب النابض للاقتصاد الإسلامي. أمّا التجارة البحرية فكانت بمحاذاة شواطئ إفريقيا وأوروبا.
كانت الإسكندرية ميناءً كبيراً آخر عند مصب دلتا نهر النيل في البحر الأبيض المتوسط. حيث كانت تنبض بالحياة لأنها كانت ممراً لطريق التوابل بوصفها بوابة تعبر منها البضائع القادمة من المحيط الهندي إلى أوروبا عبر البحر الأحمر ونهر النيل . وكان في الإسكندرية ميناءان، إسلامي في الغرب ومسيحي في الشرق تفصل بينهما جزيرة فاروس ومنارتها الضخمة التي عُدّت حينذاك من عجائب الدنيا.
كما حَمَل التُجّار المسلمون بضائعهم إلى العالم فقد حملوا الإسلام معهم أيضاً. ففي القرن الثامن مثلاً أقيمت مستعمرة للتجار المسلمين على الشاطئ الصيني كوانج تشو الموجود في مدينة كانتون حالياً. وبفضل أمانة هؤلاء التجار ونزعتهم الودية انتشر الإسلام في الصين وبالطريقة نفسها انتشر في إفريقيا الوسطى فالبربر وخصوصاً البدو في شمال افريقيا هم الذين حملوه إليها عبر الصحاري حيث تربط الطرق التجارية نهر النيل بالبحر الأحمر.