في احد المدن التي كان يحكمها اميرٌ عادل ، شغله الشاغل تفقد احوال الرعيه ، وقضاء حوائجهم ، والسهر على راحتهم ، إرضاءً لله وخوفاً من سخطهِ وعقوبتهِ. إذ انه كان يدرك ان الحكم ليس إلا امانه قد وضعت في يدهِ وإن لم يُسلطها بالحق سيكون حسابهُ لدى الديان عسير.
وبينما كان الامير كعادتهِ يجول ارجاء المدينه يتفقد رعاياه متخفيا وقد دخل السوق ، وإذ بهِ يرى رجلاً شديد التكبر ، قد حاكت اخلاقه الذميمه صورة بغيضه لوجههِ ، فأصبح يُعرف بها.
تعجب الامير من حالهِ ، ولِما هو على هذا الحال ، وقرر ان يسعى لأن لا ينجوا هذا الرجل بفعلتهِ ، إذ ان التكبر وازدراء الناس عاده ذميمه ، تورث المرء كره الناس وبعدهم عنه.
وسرعان ما مرة الايام ، ودارة دوائرها حتى اصاب البلاد قحطٌ مفجع ، اتى على جميع محاصيل القمح فجعلها كالهباء ، جميع الناس في تلك القريه اخذوا يتعاونون معاً لتفادي تلك الازمه الخانقه التي حلت بالجميع .
اما صاحبنا فلم يجد من يمد لهُ يد العون ، ولم يقم احد ببيعهِ حاجتهُ من القمح ليقتات بهِ ، غضب الرجل غضباً شديداً وتوعد الجميع انهُ سيشكوهم إلى الحاكم العادل. لكن الناس لم يبالوا في تهديداتهِ فهم على درايه بحكمة ودراية امير البلاد.
ذهب الرجل إلى قصر الامير العادل ، طالباً منهُ ان يُعينه على الناس ويقتص لهُ منهم لمنعهم اياه القمح ، ورفضهم للتعامل معهُ. سرعان ما تذكر الامير ملامح هذا الرجل ، وما كان عليهِ من غرور وسوء خلق. ادرك حينها الامير انها اللحظه المناسبه للإقتصاص من هذا المغرور.
اخذ الامير يطرح على هذا الرجل العديد من الاسئله ، تدور حول سبب امتناع الجميع عن مد يد العون له ، ورفضهم وبشده التعامل معه تماماً.
لكن الرجل لم يجد جواباً شافيا لأسألة الامير التي كانت تشد الخناق عليهِ اكثر فأكثر. فلم يجد سوى الصمت تاره ، والتمتمه بكلمات غير مفهومه اخرى.
عندها ادرك الامير ان هذا هو مصير كل مغرور سيء الخلق ،فوبخهُ على سوء معاملتهِ لمن حوله ، وبين لهُ ان هذا ليس إلا عواقبا لأفعالهِ الذميمه. ثم استدعى الحراس وطلب منهم إلقاؤه خارج القصر.
من تواضع لله رفعه الله . و من تواضع للناس رفعه الناس . و التواضع صفة النبلاء