كُلما شعرتُم بإسوداد الحيّاة ، و خفقانِ القُلوب ، وتضخُم الضغوط و المشاغل وَ كُلما شعرتم بنغزات الألم ، وابتعاد الصديق ، وتشتت الأهل ، وفقد الحَبيب ، و قَهر العدوّ كُلما شعرتُم بالضُعف و الانهزاميّة و غّركُم الفَشل وَطوقتكُم الأوهامُ وَ الهُموم ، وَ بالكَسل وَ الغَمْ .. كُلما أحست قُلوبكم الوحدة وَ الشوق إلى الحُزن وفقدتم لذة السعادة حتّى ما طاقت نفوسكم العيش لوذوا إلى الله ، وادمعوا ، ابكوهُ رجاءً وَ خوفًا و طَمعًا ابكُوه حُبًا و أملًا | هو رَبُكم مَن لكمْ إذا توليّتُم عَنه ؟ مَن لكُم إذا اشّتد البلاء ؟ وزادت المِحن ؟ مَنْ لكم إذا فاضَ الدَمع و ضاق الصَدر ، من لكم في البأس ؟ من لكم حين الضُر ؟ وهل إلى غَير الله سَبيل ؟ كلما داهمكم خطب وابتغيتم المعونة فقولوا " يا الله " ، وكلما أصابتكم شدة وفقدتم المساعد فقولوا " يا اللهقولوا " يا الله " تُحسوا بأن قلوبكم قد غمرها الاطمئنان وبأن نفوسكم قد عاد إليها الأمل هَواجسُ الضيق وَ الكَدر تُحيطُ بيّ ، فقدتُ لذة الحيّاة ، فقدتُ بهجة الدُنيّا ، وَ سعادة الأيامُ أتعبني النحيبُ وأرهقني البُكاء حَتى إذا ما يئستُ كُل اليأس ، و أيقنتُ أني هالكةُ لا مَحالة .. تغمُرني كأنها الثلجٌ على قَلبي ، تزيدُني صبرًا إلى صَبري ، وَ ثباتًا إلى ثباتْ ، وَ حمدًا إلى حَمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه ) إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق بما به الصدر الرحيب وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوط منك خوف يمن به اللطيف المستجيب وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها فرج قريب
إن لم يكن لنا خير فيما نكره لم يكن لنا خير فيما نحب . لو أن العسر دخل في حجر اء اليسر حتى يدخل معهأتيأس أن ترى فرجا ! فأين الله والقدر ؟ siلا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله جاء رجلٌ إلى مالك بن دينار -رحمه الله- فقال : " إنّي أسألُكَ بالله أنْ تدعو لي فأنا مضطر! " قال : "إذًا فاسألهُ ؛ فإنّه يُجيبُ المضطرَ إذا دعاه . وهل حياة المرء إلا في قلوب أصدقاءه ووجوه أحبابه . من أجل ذلك اقترن الموت بالخروج من الديار .. لـ علي الطنطاوي رحمه الله رأى فضيل بن عياض قوما من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون ، فناداهم : مهلا يا ورثة الأنبياء ، مهلا ثلاثا ، إنكم أئمة يقتدى بكم .