اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: تأملات في بلاغة الخضر عليه السلام وأدبه الجمعة 24 أبريل 2015 - 15:45
تأملات في بلاغة الخضر عليه السلام قال العلامة ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير 16/14: إن قال قائل: كيف أضاف الخضر قصة استخراج كنز الغلامين لله تعالى، وقال في خرق السفينة ((فأردت أن أعيبها)) فأضاف العيب إلى نفسه؟ قيل له: إنما أسند الإرادة في الجدار إلى الله تعالى لأنها في أمر مستأنف في زمن طويل غيب من الغيوب، فحسن إفراد هذا الموضع بذكر الله تعالى، وإن كان الخضر قد أراد ذلك الذي أعلمه الله تعالى أنه يريده. وقيل: لما كان ذلك خيراً كله أضافه إلى الله تعالى، وأضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب؛ لأنها لفظة عيب، فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله ((وإذا مرضت فهو يشفين)) فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند إلى نفسه المرض، إذ هو معنى نقص ومصيبة، فلا يضاف إليه سبحانه وتعالى من الألفاظ إلا ما يستحسن منها دون ما يستقبح، وهذا كما قال تعالى ((بيدك الخير)) واقتصر عليه فلم ينسب الشر إليه، وإن كان بيده الخير والشر والضر والنفع، إذ هو على كل شيء قدير، وهو بكل شيء خبير. وقال في الغلام: }فأردنا{ فكأنه أضاف القتل إلى نفسه، والتبديل إلى الله تعالى. قال: ((فأردت أن أعيبها)) ولم يقل: فعبتها، ليدل على أن فعله وقع عن قصد وتأمل؛ وضميرا الجماعة في قوله ((فخشينا)) وقوله ((فأردنا)) عائدان إلى المتكلم الواحد بإظهار أنه مشارك لغيره في الفعل. وهذا الاستعمال يكون من التواضع لا من التعاظم لأن المقام مقام الإعلام بأن الله أطلعه على ذلك وأمره فناسبه التواضع فقال ((فخشينا.. فأردنا))، ولم يقل مثله عند ما قال ((فأردت أن أعيبها)) لأن سبب الإعابة إدراكه لمن له علم بحال تلك الأصقاع. وقد أسند الإرادة في قصة الجدار إلى الله تعالى دون القصتين السابقتين لأن العمل فيهما كان من شأنه أن يسعى إليه كل من يقف على سره لأن فيهما دفع فساد عن الناس بخلاف قصة الجدار فتلك كرامة من الله لأبي الغلامين. وقال النسفي رحمه الله تعالى في تفسيره3/23: وإنما ذكر أولاً ((فأردت)) لأنه إفساد في الظاهر وهو فعله، وثالثاً ((فأراد ربك)) لأنه إنعام محض وغير مقدور للبشر، وثانياً ((فأردنا)) لأنه إفساد من حيث الفعل وإنعام من حيث التبديل.