اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: للكبار فقط الثلاثاء 15 مايو 2012 - 15:44
تدخل الفتاة فرحة فخورة باب الأنوثة في سن العشرين وبسرعة البرق تمر السنوات تحمل أحداثا تشغل كل لحظة في حياتها ، تتزوج وتحب وتنجب وتربي وتعمل داخل البيت وخارجه وتواجه المصاعب والأفراح وتدور بها ساقية الأيام ،ولكنها بعد الخمسين تتلكأ كثيرا حين تجد نفسها وصلت لباب الخروج من عالم الأنوثة ودنيا الشباب والجمال. لقد انطبعت في وجدانها صورتها كامرأة شابة وكأنها لن تصل لأعتاب الخريف ولن تصبها الشيخوخة قط ، ورغم التغيرات الجسدية الإجبارية والتي لا مفر منها إلا أن الروح تظل متشبثة بالشباب ، تلك هي (أزمة منتصف العمر) أو (سن اليأس) بالنسبة للمرأة. تتغير رؤية المرأة لعالمها في تلك المرحلة وتتكتم معاناتها ومن الصعب أن تتكلم عنها ولكن المشاعر المكبوتة أخطر من المعلنة فحين نتكلم ونخرج أفكارنا للنور نجدها أيسر وأبسط ، ونجد لها أيضا ألف حل وحل. تتساءل الكاتبة الفلسطينية (سناء أبو شرار) في روايتها الحديثة (حالة روح لامرأة ما بعد الخمسين) فتقول: (هل حياة المرأة هي فعلا زوجها وأولادها ؟ أم لها حياة تختبئ تحت كل تلك الالتزامات والواجبات التي لا تنتهي ؟ حياة خافتة خجولة تتراءى لها حين تنظر إلي التجاعيد المبكرة علي وجهها ، تتراءى لها حين تستمع لقصة امرأة ما أكثر منها سعادة ، تتراءى لها حين يبدأ الصمت يغلف وجودها ويغلق كل من أولادها الباب خلفه ليبدأ حياة جديدة بعيدا عنها ، تتراءى لها حين تنظر إلي زوجها الذي يبدو غريبا عنها في لحظات ما من حياتها. في زمن لا ينتهي كنت أستيقظ صباحا لألبي كل طلبات أولادي وزوجي وهأنذا ألبي طلبات زوجي فقط لأن أولادي أصبحت لديهم بيوتهم المستقلة ، لسنوات كثيرة كنت أحب هذا الدور ويشعرني بقيمتي العالية عند زوجي ولكن الآن أصبح هذا الدور يرهق روحي لأنني أدرك الآن أن قيمتي لديه تكمن بكوني زوجته وأم أولاده لا كامرأة ، بل أكاد أشعر أنني لم يعد لي وجود في حياته كامرأة وربما لم يكن لي هذا الوجود أبدا ، الآن فقط أفهم بعد أن بلغت الثالثة والخمسين من عمري) لماذا لم تعاني جداتنا من هذه المشاعر ؟ ولماذا تبدو مسحة من الإحباط علي وجوه كثير من النساء في هذه السن ؟ فهي تشعر أن عمرها سرق منها دون أن تشعر ، أو أنها كان من الممكن أن تنال حظوظا أكثر مما نالت ، ولماذا تشعر أن عطاءها لزوجها وبيتها تحديدا ذهب هباءا ؟ تشعر أنها رغم تعليمها ومهارتها وشخصيتها عاشت مجرد ظلا لزوجها بلا كيان مستقل ، منحته كل حبها وعطائها وها هو لا يقدر ذلك ولا يقدرها هي بشكل خاص. الزوجة المتفرغة ليست مجرد ظلا لزوجها بل هي التي تمد ظلها ورعايتها علي البيت كله ، وهي ربة البيت وأساسه إنها فعلا (ست البيت) الفارق بين جيلنا وجداتنا أننا تعلمنا ودخلنا الجامعة وتسربت لنفوسنا الكثير من مفاهيم عصرنا القائمة علي الاستقلالية المطلقة للمرأة ، كانت جداتنا أسعد حالا ليس فقط لوضوح الدور والرضا به ولكن لأنها كانت تعرف كيف تظل مصدرا للعطاء في كل مراحل حياتها وكيف تتطور شخصيتها وعلاقاتها ببراعة شديدة ، دائما محاطة بالناس ودائما مشغولة بالنافع المفيد ، إن أبسط تعريفات السعادة أن تكون دائما مشغولا بعمل وأن لا تكون وحيدا أبدا ، ولأن نمط حياتنا المعاصر يحبسنا داخل بيوتنا وداخل أسرتنا الخاصة فقط فإن انتهاء مرحلة الانشغال الكامل بذلك الإطار يعطي الفرصة للوحدة والتفكير السلبي . الأمر الثاني هو مفهوم الحب وثباته علي معاني الإعجاب والانبهار كما كان في بداية الزواج ، الحب لا يختفي ولكنه يتطور ويتخذ أشكالا أخري. لكل سن جماله ومجالات نشاطه وعندما تبلغين الخمسين فقد صعدت ربوة العمر ووصلت لقمتها انظري من أعلي واكتشفي مساحات جديدة للجمال والعطاء من حولك ومعاني عميقة للحياة لا تتاح إلا للكبار فقط.