اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: كيف تصبر على أذى الناس؟ الجمعة 3 أبريل 2015 - 14:27
إذا جاءك أذى من الناس لا تحزن على ذلك فإنك مأجور على صبرك ، سَأَل موسى ربَّه أن يَكُفَّ أَلْسِنَة الناس عنه فقال الله عز و جل: يا موسى ما اتخذت ذلك لنفسي ، و إني أخلقهم و أرزقهم و إنهم يسبوني و يشتموني فإنك لن تستطيع أن تعتقل ألسنة البشر عن فرْي عرضك ، و لكنك تستطيع أن تفعل الخير ، وتجتنب كلامهم و نقدهم. يقول أحد أدباء الغرب: أفعل ما هو صحيحاً ثم أدر ظهرك لكل نقد سخيف. و من الفوائد و التجارب:لاترد على كلمة جارحة فيك ، أو مقولة أو قصيدة فإن الاحتمال دفن المعايب و الحُلُم عِزّ. والصَّمت يقهرالأعداء، قال الشاعر: حَسَدُوا الفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ *** فَالنَّاسُ أَعْدَاءٌ لَهُ وَ خُصُومُ كَضَرَائِرَ الحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا *** حَسَداً وَ مَقْتاً إِنَّهُ لَذَمِيمُ و يقول آخر: وَ هُمْ يَحْسُدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفَا**حَتَّى عَلَى المَوْتِ لاَ أَخْلُو مِن الحَسَدِ الناس قد يؤذونك و خاصة بأقوالهم السيئة , فَلاَبُدَّ لك أن تعلم أن هذا الأذى يضرهم و لا يضرك , إلا إذا شغلت نفسك بأقوالهم فعندها ستتضايق، و إن أهملتها فستكون مرتاحاً قال صلى الله عليه و سلم: "أتدرون مَنِ المُفلِس؟ إنَّ المُفلس مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام و زكاة ويأتي و قد شتم هذا و قذف هذا وأكل مال هذا , و سَفَكَ دَمَ هذا و ضرب هذا ، فيُعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته , فإذا فُنِيَتْ حسناتُه قبل أن يَقْضِي ما عليه أُخِذَ مِن خطاياهم فَطُرِحَت عليه ثم طُرِحَ في النار" رواه مسلم. فإذن الذي يغتابني و يسبني و يتكلم علي هو في الحقيقة يعطيني من حسناته و يُحسن إلي فـجزاه الله خيراً. فإذا قال لك شخص كلاماً يُؤذيك , فاتركه و اذهب و هو الذي سيتضايق ويغتاظ (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) و أما إذ أشغلت نفسك بهذا الكلام فستتضايق حتماً , و قد مر عمر بن عبد العزيز في سوق المدينة فَعُثِّرَ في رَجُلٍ ، فقال له الرجل: أعمى؟ ، قال عمر: لا ، و قد أراد به الحارس – حارس عمر– ، فقال عمر: دَعْهُ ، سألني: أعمى؟ قلت: لا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : * أن يشهد أن الله -سبحانه و تعالى- خالق أفعال العباد؛ فانظر إلى الذي سلَّطهم عليك ، و لا تنظر إلى فعلهم بك ، تسترِح من الهمِّ و الغمِّ. * أن يشهد ذنوبه، وأنَّ الله إنما سلطهم عليه بذنبه ، و إذا رأيت العبد يقع في الناس إذا آذوه. و لا يرجع إلى نفسه باللَّوْمِ و الاستغفار؛ فاعلم أنَّ مصيبته حقيقية ، وإذا تاب واستغفر و قال هذا بذنوبي؛ صارت في حقِّه نعمة. * أن يشهد العبد حُسن الثواب الذي وعده الله لمن عفا و صَبر، كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌمِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40] * أن يعلم أنَّه ما انتقم أحدٌ قطُّ لنفسه إلا أورثه ذلك ذُلاًّ يجده في نفسه،فإذا عفا؛ أعزه الله تعالى. و هذا مما أخبر به الصادق و المصدوق عليه الصلاة و السلام، حيث يقول: (ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عِزًّا)، فالعزُّ الحاصل له بالعفو أحبُّ إليه و أنفع من العزِّ الحاصل له بالانتقام، فإنَّ هذا عِزٌّ في الظاهر، و هو يُورِث في الباطن ذُلاًّ، و العفو ذُلٌّ في الظاهر، و هو يُورِث العزَّ باطنًا و ظاهرًا.