ابن سينا، هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما.
حياته
ولد في قرية أفشنة الفارسية سنة 370هـ (980م) وتوفي في همدان سنة 427هـ (1037م). عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء.
عاش ابن سينا في أواخر القرن الرابع الهجري وبدايات القرن الخامس من الهجرة، وقد نشأ في أوزبكستان، حيث ولد في "خرميش" إحدى قرى "بخارى" في أغسطس 908م. وتلقى تعليمه في سنوات تشكله الأولى على يد أبيه. كان والده أحد مشايخ الطائفة الإسماعيلية، وهي طائفة من المسلمين ترتكز أفكارها على نمط من الأفلاطونية الجديدة. ورغم أن ابن سينا لم يتبع أبداً معتقدات والده، إلا أنه استفاد جداً من حقيقة أن الكثير من العارفين حينها كانوا يجتمعون في البيت عند أبيه للحديث والمناظرة. ولما أصبح في عمر عشر سنوات، كان ابن سينا قد أصبح حافظاً للقرآن مثلما حفظ الكثير من القصائد العربية وغيرها من الأعمال الأدبية.
[2]وسرعان ما أخذت هذه الاندفاعة المبكرة للمعرفة ابن سينا إلى أساتذة المنطق والغيبيات البارزين. وحين بلغ الثامنة عشرة من العمر أحس أنه لم يعد بحاجة لمعلميه هؤلاء فمضى يواصل دراسته بنفسه. وهكذا حصَّل معرفة معمقة في علوم الطب والشريعة والغيبيات.
ومما كان له أبلغ الأثر في تطوره الفكري تمكنه من الإطلاع على موجودات المكتبة الغنية في قصر السمنديين، وهم أول عائلة حاكمة كبيرة من أصول محلية ظهرت في فارس بعد الفتح العربي لها. وقد سمح لابن سينا بدخول تلك المكتبة العظيمة بعد نجاحه في علاج الأمير نوح بن منصور السمندي من مرض عجز كل أطباء عصره المشهورين عن علاجه.
حتى إذا بلغ العشرين من عمره توفي والده، فرحل أبو علي الحسين بن سينا إلى جرجان، وأقام بها مدة، وألف كتابه القانون في الطب، ولكنه ما لبث أن رحل إلى "همدان" فحقق شهرة كبيرة، وصار وزيرا للأمير شمس الدين البويهي، إلا أنه لم يطل به المقام بها. ففي عام 1022 توفي شمس الدولة ليجد ابن سينا نفسه وسط محيط غير مريح. وتسبب موت راعيه في مرحلة من المصاعب بلغت ذروتها بسجنه. ولحسن حظه، استطاع ابن سينا أن يهرب إلى أصفهان، 250 ميلاً جنوب طهران، مصحوباً برهط صغير من أعوانه وقرر أن يستقر فيها. وفعلاً قضى في أصفهان 14 عاماً في طمأنينة نسبية. وفيها أنهى كتابه القانون في الطب كما أنهى أيضاً كتابه الشهير الآخر كتاب الشفاء.
وفاته
رحل إلى أصفهان وحظي برعاية أميرها علاء الدولة، هناك أصاب جسده المرض واعتلّ، حتى قيل إنه كان يمرض أسبوعاً ويشفى أسبوعاً، وأكثر من تناول الأدوية، ولكنّ مرضه اشتدّ، وعلم أنه لا فائدة من العلاج، فأهمل نفسه وقال: "إن المدبر الذي في بدىء عجز عن تدبير بدني، فلا تنفعنّ المعالجة"، واغتسل وتاب، وتصدق بما لديه من مال للفقراء، وأعتق غلمانه طلباً للمغفرة، وتوفي في يونيو 1037م، في سن الثامنة والخمسين من عمره، ودفن في همدان، ايران.
اسهاماته العلمية
وكان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، ولُقِّب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي، كما عرف بأمير الأطباء وأرسطو الإسلام، وكان سابقا لعصره في مجالات فكرية عديدة، ولم يصرفه اشتغاله بالعلم عن المشاركة في الحياة العامة في عصره؛ فقد تعايش مع مشكلات مجتمعه، وتفاعل مع ما يموج به من اتجاهات فكرية، وشارك في صنع نهضته العلمية والحضارية.
وكان لذلك كله أبلغ الأثر في إضفاء المسحة العقلية على آرائه ونظرياته، وقد انعكس ذلك أيضا على أفكاره وآثاره ومؤلفاته، فلم يكن ابن سينا يتقيد بكل ما وصل إليه ممن سبقوه من نظريات، وإنما كان ينظر إليها ناقدا ومحللا، ويعرضها على مرآة عقله وتفكيره، فما وافق تفكيره وقبله عقله أخذه وزاد عليه ما توصل إليه واكتسبه بأبحاثه وخبراته ومشاهداته، وكان يقول: إن الفلاسفة يخطئون ويصيبون كسائر الناس، وهم ليسوا معصومين عن الخطأ والزلل.
ولذلك فقد حارب التنجيم وبعض الأفكار السائدة في عصره في بعض نواحي الكيمياء، وخالف معاصريه ومن تقدموا عليه، الذين قالوا بإمكان تحويل بعض الفلزات الخسيسة إلى الذهب والفضة، فنفى إمكان حدوث ذلك التحويل في جوهر الفلزات، وإنما هو تغيير ظاهري في شكل الفلز وصورته، وفسّر ذلك بأن لكل عنصر منها تركيبه الخاص الذي لا يمكن تغييره بطرق التحويل المعروفة.
وقد أثارت شهرة ابن سينا ومكانته العلمية حسد بعض معاصريه وغيرتهم عليه، ووجدوا في نزعته العقلية وآرائه الجديدة في الطب والعلوم والفلسفة مدخلا للطعن عليه واتهامه بالإلحاد والزندقة، ولكنه كان يرد عليهم بقوله: "إيماني بالله لا يتزعزع؛ فلو كنت كافرا فليس ثمة مسلم حقيقي واحد على ظهر الأرض".
العلوم الفلكية
كان لابن سينا ريادات في العديد من العلوم والفنون؛ ففي مجال علم الفلك استطاع ابن سينا أن يرصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة في يوم (10 جمادى الآخرة 423 هـ = 24 مايو 1032م)، وهو ما أقره الفلكي الإنجليزي "جيرميا روكس" في القرن السابع عشر. قام بدراسات فلكية حينما كان في أصفهان ولاحقاً في همذان. وأثمرت هذه الدراسات عدداً من الاستدلالات التي ثبتت صحتها بعد قرون. وعلى سبيل المثال استطاع رصد كوكب الزهرة كبقعة على سطح الشمس واستنتج محقاً أن الزهرة لابد وأن يكون أقرب للأرض مما هو للشمس. كما ابتكر أيضاً جهازاً لرصد إحداثيات النجوم.
[2]واشتغل ابن سينا بالرصد، وتعمق في علم الهيئة، ووضع في خلل الرصد آلات لم يُسبق إليها، وله في ذلك عدد من المؤلفات القيمة، منها:
- كتاب الأرصاد الكلية.
- رسالة الآلة الرصدية.
- كتاب الأجرام السماوية.
- كتاب في كيفية الرصد ومطابقته للعلم الطبيعي.
- مقالة في هيئة الأرض من السماء وكونها في الوسط.
- كتاب إبطال أحكام النجوم.
علم الأحياء
وله أيضا قيمة في علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) خاصة في المعادن وتكوين الحجارة والجبال، فيرى أنها تكونت من طين لزج خصب على طول الزمان، وتحجر في مدد لا تضبط، فيشبه أن هذه المعمورة كانت في سالف الأيام مغمورة في البحار، وكثيرا ما يوجد في الأحجار إذا كسرت أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها.
كما ذكر الزلازل وفسرها بأنها حركة تعرض لجزء من أجزاء الأرض؛ بسبب ما تحته، ولا محالة أن ذلك السبب يعرض له أن يتحرك ثم يحرك ما فوقه، والجسم الذي يمكن أن يتحرك تحت الأرض، وهو إما جسم بخاري دخاني قوى الاندفاع أو جسم مائي سيّال أو جسم هوائي أو جسم ناري.
ويتحدث عن السحب وكيفية تكونها؛ فيذكر أنها تولد من الأبخرة الرطبة إذا تصعّدت الحرارة فوافقت الطبقة الباردة من الهواء، فجوهر السحاب بخاري متكاثف طاف الهواء، فالبخار مادة السحب والمطر والثلج والطل والجليد والصقيع والبرد وعليه تتراءى الهالة وقوس قزح.
علم النبات
كتاب أسباب حدوث الحروف. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
وكان لابن سينا اهتمام خاص بعلم النبات، وله دراسات علمية جادة في مجال النباتات الطبية، وقد أجرى المقارنات العلمية الرصينة بين جذور النباتات وأوراقها وأزهارها، ووصفها وصفا علميا دقيقا ودرس أجناسها، وتعرض للتربة وأنواعها والعناصر المؤثرة في نمو النبات، كما تحدث عن ظاهرة المساهمة في الأشجار والنخيل، وذلك بأن تحمل الشجرة حملا ثقيلا في سنة وحملا خفيفا في سنة أخرى أو تحمل سنة ولا تحمل أخرى.
وأشار إلى اختلاف الطعام والرائحة في النبات، وقد سبق كارل متز الذي قال بأهمية التشخيص بوساطة العصارة، وذلك في سنة 1353 هـ = 1934م.
الصيدلة وعلم الأدوية
كتاب المبدأ والمعاد. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
وكان لابن سينا معرفة جيدة بالأدوية وفعاليتها، وقد صنف الأدوية في ست مجموعات، وكانت الأدوية المفردة والمركبة (الأقرباذين) التي ذكرها في مصنفاته وبخاصة كتاب القانون لها أثر عظيم وقيمة علمية كبيرة بين علماء الطب والصيدلة، وبلغ عدد الأدوية التي وصفها في كتابه نحو 760 عقَّارًا رتبها ألفبائيا.
ومن المدهش حقا أنه كان يمارس ما يعرف بالطب التجريبي ويطبقه على مرضاه، فقد كان يجرب أي دواء جديد يتعرف عليه على الحيوان أولا، ثم يعطيه للإنسان بعد أن تثبت له صلاحيته ودقته على الشفاء.
كما تحدث عن تلوث البيئة وأثره على صحة الإنسان فقال: "فما دام الهواء ملائما ونقيا وليس به أخلاط من المواد الأخرى بما يتعارض مع مزاج التنفس، فإن الصحة تأتي". وذكر أثر ملوثات البيئة في ظهور أمراض حساسية الجهاز التنفسي.
الطب
كتاب عيون الحكمة. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
بالرغم من الشهرة العريضة التي حققها ابن سينا كطبيب والمكانة العلمية العظيمة التي وصل إليها حتى استحق أن يلقب عن جدارة بأمير الأطباء، فإنه لم يسعَ يوما إلى جمع المال أو طلب الشهرة؛ فقد كان يعالج مرضاه بالمجان، بل إنه كثيرا ما كان يقدم لهم الدواء الذي يعده بنفسه.
كان ابن سينا يستشعر نبل رسالته في تخفيف الألم عن مرضاه؛ فصرف جهده وهمته إلى خدمة الإنسانية ومحاربة الجهل والمرض.
واستطاع ابن سينا أن يقدم للإنسانية أعظم الخدمات بما توصل إليه من اكتشافات، وما يسره الله له من فتوحات طبيبة جليلة؛ فكان أول من كشف عن العديد من الأمراض التي ما زالت منتشرة حتى الآن، فهو أول من كشف عن طفيل "الإنكلستوما" وسماها الدودة المستديرة، وهو بذلك قد سبق الإيطالي "دوبيني" بنحو 900 سنة، وهو أول من وصف الالتهاب السحائي، وأول من فرّق بين الشلل الناجم عن سبب داخلي في الدماغ والشلل الناتج عن سبب خارجي، ووصف السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم، مخالفا بذلك ما استقر عليه أساطين الطب اليوناني القديم.
كما كشف لأول مرة عن طرق العدوى لبعض الأمراض المعدية كالجدري والحصبة، وذكر أنها تنتقل عن طريق بعض الكائنات الحية الدقيقة في الماء والجو، وقال: إن الماء يحتوي على حيوانات صغيرة جدا لا تُرى بالعين المجردة، وهي التي تسبب بعض الأمراض، وهو ما أكده فان ليوتهوك في القرن الثامن عشر والعلماء المتأخرون من بعده، بعد اختراع المجهر.
وكان ابن سينا سابقا لعصره في كثير من ملاحظاته الطبية الدقيقة، فقد درس الاضطرابات العصبية والعوامل النفسية والعقلية كالخوف والحزن والقلق والفرح وغيرها، وأشار إلى أن لها تأثيرا كبيرا في أعضاء الجسم ووظائفها، كما استطاع معرفة بعض الحقائق النفسية والمرضية عن طريق التحليل النفسي، وكان يلجأ في بعض الأحيان إلى الأساليب النفسية في معاجلة مرضاه.
علم الجراحة
كتاب الطبيعيات. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
وقد اتبع ابن سينا في فحص مرضاه وتشخيص المرض وتحديد العلاج الطريقة الحديثة المتبعة الآن، وذلك عن طريق جس النبض والقرع بإصبعه فوق جسم المريض، وهي الطريقة المتبعة حاليا في تشخيص الأمراض الباطنية، والتي نسبت إلى "ليوبولد أينبرجر" في القرن الثامن عشر، وكذلك من خلال الاستدلال بالبول والبراز.
ويظهر ابن سينا براعة كبيرة ومقدرة فائقة في علم الجراحة، فقد ذكر عدة طرق لإيقاف النزيف، سواء بالربط أو إدخال الفتائل أو بالكي بالنار أو بدواء كاو، أو بضغط اللحم فوق العرق.
وتحدث عن كيفية التعامل مع السهام واستخراجها من الجروح، ويُحذر المعالجين من إصابة الشرايين أو الأعصاب عند إخراج السهام من الجروح، وينبه إلى ضرورة أن يكون المعالج على معرفة تامة بالتشريح.
كما يعتبر ابن سينا أول من اكتشف ووصف عضلات العين الداخلية، وهو أول من قال بأن مركز البصر ليس في الجسم البلوري كما كان يعتقد من قبل، وإنما هو في العصب البصري.
وكان ابن سينا جراحا بارعا، فقد قام بعمليات جراحية ودقيقة للغاية مثل استئصال الأورام السرطانية في مراحلها الأولى وشق الحنجرة والقصبة الهوائية، واستئصال الخراج من الغشاء البلوري بالرئة، وعالج البواسير بطريقة الربط، ووصف بدقة حالات النواسير البولية كما توصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الناسور الشرجي لا تزال تستخدم حتى الآن، وتعرض لحصاة الكلى وشرح كيفية استخراجها والمحاذير التي يجب مراعاتها، كما ذكر حالات استعمال القسطرة، وكذلك الحالات التي يحذر استعمالها فيها.
الأمراض التناسلية
كتاب تسع رسائل في الحكمة. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
كما كان له باع كبير في مجال الأمراض التناسلية، فوصف بدقة بعض أمراض النساء، مثل: الانسداد المهبلي والأسقاط، والأورام الليفية.
وتحدث عن الأمراض التي يمكن أن تصيب النفساء، مثل: النزيف، واحتباس الدم، وما قد يسببه من أورام وحميات حادة، وأشار إلى أن تعفن الرحم قد ينشأ من عسر الولادة أو موت الجنين، وهو ما لم يكن معروفا من قبل، وتعرض أيضا للذكورة والأنوثة في الجنين وعزاها إلى الرجل دون المرأة، وهو الأمر الذي أكده مؤخرا العلم الحديث.
علم الفيزياء
كتاب علم الفلك. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
أما في مجال الفيزياء فقد كان ابن سينا من أوائل العلماء المسلمين الذين مهدوا لعلم الديناميكا الحديثة بدراستهم في الحركة وموضع الميل القسري والميل المعاون، وإليه يرجع الفضل في وضع القانون الأول للحركة، والذي يقول بأن الجسم يبقى في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة، فقد سبق ابن سينا إلى ملاحظة حركة الأجسام، واستنباط ذلك القانون الذي عبّر عنه بقوله: "إنك لتعلم أن الجسم إذا خُلي وطباعه ولم يعرض له من خارج تأثير غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين، فإذن له في طباعه مبدأ استيجاب ذلك".
وهو بذلك سبق إسحاق نيوتن بأكثر من ستة قرون وجاليليو بأكثر من 5 قرون وليوناردو دافنشي بأكثر من 4 قرون؛ مما يستحق معه أن ينسب إليه ذلك القانون الذي كان له فضل السبق إليه: "قانون ابن سينا للحركة والسكون".
كما ابتكر ابن سينا آلة تشبه الورنية Vernier، وهي آلة تستعمل لقياس الأطوال بدقة متناهية.
واستطاع بدقة ملاحظة أن يفرق بين سرعتي الضوء والصوت، وهو ما توصل إليه إسحاق نيوتن بعد أكثر من 600 سنة، وكانت له نظرياته في (ميكانيكية الحركة)، التي توصل إليها "جان بيردان" في القرن الرابع عشر، و(سرعة الحركة) التي بنى عليها "ألبرت أينشتين" نظريته الشهيرة في النسبية.
الموسيقى
ولابن سينا إسهاماته في الموسيقى، ويقال إنه كاتب رباعيات شعرية فارسية وقصائد قصيرة، منها:
"من وسط الأرض نهضت للسماء السابعة وتربعت على عرش زحل حللت عقداً كثيرة في الطريق إلا العقدة الكبرى: قَدَر البشر"
من كتبه
أقدم نسخة لابن سينا الصفحة الثانية من القانون في الطب عام 1030 ميلادية
وضع ابن سينا حوالي 450 مؤلفاً، لم يصلنا منها سوى 240 تقريباً. ومن بين أعماله المتوفرة لنا اليوم، هناك 150 في الفلسفة و40 في الطب وهما الميدانان العلميان اللذان قدم فيهما أكبر إنجازاته. كما وضع أعمالاً في علم النفس والجيولوجيا والرياضيات والفلك والمنطق.
وقد كتب كل مؤلفاته باللغة العربية باستثناء كتابين اثنين وضعهما بالفارسية وهي لغته الأم. أحد هذين الكتابين هو بعنوان "موسوعة العلوم الفلسفية" والثاني هو دراسة عن النبض أصبح ذائع الشهرة لاحقاً.
في الفلسفة
كتاب الشفاء. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة
* الإشارات والتنبیهات: في كتابه كتاب الإشارات الذي ذهب فيه مذهب أرسطو وقربه قليلاً إلى الأديان، فهو مؤسس الاتجاه الفلسفي الذي تحدى العقيدة وفكرة النبوة والرسالة في الإسلام
[3] وكان يقول بقدم العالم وإنكار المعاد ونفي علم الله وقدرته وخلقه العالم وبعثه من في القبور.
وذهب ابن سينا مذهب الفلاسفة من أمثال لبفارابي أبي نصر التركي الفيلسوف، وكان الفارابي يقول بالمعاد الروحاني لا الجثماني، ويخصص بالمعاد الأرواح العالمة لا الجاهلة، وله مذاهب في ذلك يخالف المسلمين والفلاسفة من سلفه الأقدمين، وأعاد تلك الفكرة ابن سينا ونصره، وقد رد عليه الغزالي في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً له كفَّره في ثلاث منها وهي قوله بقدم العالم، وعدم المعاد الجثماني، وقوله إِنَّ الله لا يعلم الجزئيات، وبدّعه في البواقي.
لا شك أن صحبته لفلاسفة الباطنية (أبو عبد الله النائلي الذي علمه بصغره) قد أثرت في تفكير ابن سينا، وهيأته للدور الذي لعبه في تنشيط تيار الفلسفة واتخاذها موقف التحدي للعقيدة الإسلامية، ومثال على ذلك "نظرية المعرفة" والتي ساوى فيها الفلاسفة مع الأنبياء، وقد خص الفلاسفة بميزة أخرى وهي أن الفلاسفة استمروا في رسالتهم وارتقاء معارفهم في الوقت الذي ختمت النبوة بمحمد.
وكان اتباعه يدعون ب"الألى" وقالوا مقالته ومن أشهرهم النصير الطوسي واسمه محمد بن عبد الله ويقال له الخواجا نصير الدين، الذي انتصر لمذهب ابن سينا والذب عنه وشرح إشاراته وكان يسميها "قرآن الخاصة"، ويسمي كتاب الله "قرآن العامة"، ورد على الشهرستاني في مصارعته ابن سينا بكتاب سماه مصارعة المصارع.
- كتاب الشفاء: يعتبر موسوعة كبرى في العلوم الطبيعية وما بعد الطبيعة اشتهرت في القرن العاشر الميلادي. أراد ابن سينا أن يغطي به كل ما شملته علوم ما بعد الطبيعة في ذلك الوقت. ويبين ابن سينا الغرض من هذا الكتاب فيقول: "فإن غرضنا في هذا الكتاب الذي نرجو أن يمهلنا الزمان إلى ختمه، ويصحبنا التوفيق من الله في نظمه،أن نودعه لباب ما تحققناه من الأصول في العلوم الفلسفية المنسوبة إلى الأقدمين... وتحريت أن أودعه أكثر الصناعة، وأن أشير في كل موضع إلى موقع الشبهة وأحلها لإيضاح الحقيقة بقدر الطاقة. واجتهدت في اختصار الألفاظ جدا ومجانبة التكرار أصلا إلا ما يقع خطأ أو سهوا. ولا يوجد في كتب القدماء شيء يعتد به إلا وقد ضمناه كتابنا هذا، وقد أضفت إلى ذلك ما أدركته بفكري وحصلته بنظري وخصوصا في علم الطبيعة وما بعدها".[4]
- كتاب النجاة: يتطرق ابن سينا في كتابه هذا إلى علم المنطق والطبيعيات، ثم الهندسة والحساب، فبعضا من علم الفلك، ليختمه بالعلم الإلهي و سبل النجاة في الحياتين الدنيا والآخرة. قد أورد في مقدمته "أن طائفة من الإخوان الذين لهم حرص على اقتباس المعارف الحكمية سألوه أن يجمع لهم كتاباً يشتمل على ما لا بد من معرفته لمن يؤثر أن يتميز عن العامة وينحاز إلى الخاصة ويكون له بالأصول الحكمية إحاطة وسألوه أن يبدأ فيه بإفادة الأصول من علم المنطق ثم يتلوها بمثلها من علم الطبيعيات ثم يورد من علمي الهندسة والحساب ما لا بد منه لمعرفة القدر الذي يقرن بالبراهين على الرياضيات ويورد بعده من علم الهيئة ما يعرف به حال الحركات والأجرام والأبعاد والمدارات والأطوال والعروض دون الأصول التي يحتاج إليها في التقاويم وما تشتمل عليه الزيجات مثل أحوال المطالع والزوايا وتقويم المسير بحسب التاريخ إلى غير ذلك وأن يختم الرياضيات بعلم الموسيقى ثم يورد العلم الآلهي على أن يبين وجهه ويوجزه ويذكر فيه حال المعاد وحال الأخلاق والأفعال النافعة فيه لدرك النجاة من الغرق في بحر الضلالات فأسعفهم بذلك وصنف الكتاب على نحو ملتمسهم، فبدأ بإيراد الكفاية من صناعة المنطق لأنه الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ فيما نتصوره ونصدق به والموصلة إلى الاعتقاد الحق بإعطاء أسبابه ونهج سبله".[5]
في الرياضيات
- رسالة الزاوية
- مختصر إقليدس
- مختصر الارتماطيقي
- مختصر علم الهيئة
- مختصر المجسطي
- رسالة في بيان علّة قيام الأرض في وسط السماء، طبعت في مجموع (جامع البدائع)، في القاهرة سنة 1917.
الطبيعيات وتوابعها
- رسالة في إبطال أحكام النجوم
- رسالة في الأجرام العلوية وأسباب البرق والرعد
- رسالة في الفضاء
- رسالة في النبات والحيوان
كتب الطب
كلية الطب وتدريب الموظفين، مكرسة إلى ابن سينا في مسقط رأسه، أفشنة
- كتاب القانون الذي ترجم وطبع عدّة مرات والذي ظل يُدرس في جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر.
- كتاب الأدوية القلبية
- كتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية
- كتاب القولنج
- رسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب
- رسالة في تشريح الأعضاء
- رسالة في الفصد
- رسالة في الأغذية والأدوية
القانون في الطب
الصفحة الأولى من أولى مقالات كتاب القانون في الطب لابن سينا، من مخطوط يعود ربما للقرن الخامس عشر.
المقالة الرئيسية: القانون في الطب
حظي كتابه القانون في الطب شهرة واسعة في أوربا، حتى قال عنه السيد "وليم أوسلر": إنه كان الإنجيل الطبي لأطول فترة من الزمن.
وترجمه إلى اللاتينية "جيرارد من كريمونا"، وطبع نحو 15 مرة في أوربا ما بين عامي (1473 و1500) ثم أعيد طبعه نحو عشرين مرة في القرن السادس عشر.
وظل هذا الكتاب المرجع الأساسي للطب في أوربا طوال القرنين الخامس والسادس عشر، حتى بلغت طبعاته في أوربا وحدها أكثر من 40 طبعة.
واستمر يُدرَّس في جامعات إيطاليا وفرنسا وبلجيكا حتى أواسط القرن السابع عشر، ظل خلالها هو المرجع العلمي الأول بها.
أراجيز طبية
- أرجوزة في التشريح
- الألفية الطبية المشهورة التي ترجمت وطبعت
- أرجوزة المجربات في الطب
الموسيقى
- مقالة جوامع علم الموسيقى
- مقالة الموسيقى
- مقالة في الموسيقى
نحو نصف أعمال ابن سينا منظومة شعراً.
[6] كتب أشعاره بالعربية والفارسية. فعلى سبيل المثال, إدوارد گرانڤيل براون يدعي أن الأبيات التالية نُسبت بالخطأ إلى عمر الخيام, بينما مؤلفها هو ابن سينا
[7]:
از قعر گل سیاه تا اوج زحل،
Up from Earth's Centre through the Seventh Gateکردم همه مشکلات گیتی را حل،
I rose, and on the Throne of Saturn sate,بیرون جستم زقید هر مکر و حیل،
And many Knots unravel'd by the Road;هر بند گشاده شد مگر بند اجل.
But not the Master-Knot of Human Fate. وصفه جورج سارتون، أبو تاريخ العلوم بأنه "واحد من أعظم المفكرين وعلماء الطب في التاريخ"
[8] وأطلق عليه لقب "أشهر العلماء المسلمين وواحد من أشهر العلماء في جميع الأماكن والعصور" وهو واخحد من أبرز كتاب العالم الإسلامي في مجال الطب بعد أبو قراط وگالنيوس. يعتبر ابن سينا والرازي، أبو القاسم، ابن النفيس والعبادي من أهم مؤلفو الطب الإسلامي المبكر. يذكر ابن سينا في تاريخ الطب الغربي على أنه من أبرز الشخصيات التاريخية صاحبة الاسهامات الأساسية في مجال الطب والنهضة الأوروپية. يعتبر ابن سينا أيضاً مبتكر مفهوم قوة الدفع في الفيزياء.
[9]في إيران، يعتبر ابن سينا رمزاً وطنياً، وعادة ما يشار إليه على أنه واحد من أعظم الفرس. يوجد له الكثير من الپورتريهات والتماثيل في إيران. لا يزال تمثاله المثير للإعجاب، الذي يمثل حياة وأعمال الرجل الشهير "بطبيب الأطباء"، خارج متحف بخارى وله پورتريه معلق في بهو كلية الطلب في جامعة باريس. سمي على اسمه فوهة على سطح القمر، فوهة ابن سينا.
صورة لابن سينا على ساماني طاجيكي
سميت على اسمه أيضاً جامعة ابن سينا في همدان، إيران، وتحمل اسمه جامعة ولاية طاجيك في دوشانب، (عاصمة جمهورية طاجيكستان.