اسمه الحقيقي عرفات داوود حسن المطري، ولد في مدينة “يافا” في 8 ديسمبر عام 1938 ضمن أربعة عشر أخا. عاش في مخيم “البداوي” شمال لبنان، اهتم بالفن والسينما الذي أحبهما منذ الصغر، وكان يقوم بتقليد الفنانين وتجسيد أدوارهم؛ حيث تأثر بهم كثيرا.
على مدار حياته قدم نحو 101 عملا فنيا، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون، وتقدم أعماله مسلسل “دائرة الدوء”، وفيلم “نساء بلا غد” عام 1968، و”كلنا فدائيون” عام 1969، وقام بتأليف عملا واحدا وهو فيلم “الفلسطيني الثائر” عام 1969. واستطاع أن يلحق بنجوم زمن الفن الجميل ليشاركهم أعمالهم: فريد شوقي، أحمد رمزي، سميرة أحمد، أحمد مظهر، . كما استفاد منه الأجيال الجديدة من الفنانين والذي قام بالتمثيل معهم في عدد كبير من الأعمال التي أنتجت خلال السنوات الأخيرة، كان آخرهم فيلم “عنتر وبيسة” إنتاج عام 2004، وفيلم “عش البلبل” عام 2013، ومسلسل “إمبراطورية مين” عام 2014، وفيلم “4 كوتشينة” لم يعرض بعد. أما عن العمل الذي حقق خلاله شهرة كبيرة، فكان ذلك بعد أداء دوره في مسرحية “بهلول في اسطنبول” عام 1998.
أشتهر بأدوار الشر التي قدمها على مدار تاريخه الفني بأشكال متنوعة، بحسب قصة كل فيلم، وكان بارعا في جذب أنتباه الجمهور من خلال ملامحه القوية وصوته الأخشن الذي ساعده على إتقان أدوار الشر التي علقت بأذهان الجمهور.
وتتلمذ غسان مطر على يد عمالقة الفن سيد بدير ويوسف وهبي وإسماعيل يس، وكانت بدايته التمثيل منذ عام 1963، وكانت انطلاقته في أدوار الشر بداية من دور “عطوة” الي قدمه في فيلم “المتعة والعذاب”، من تأليف وإخراج نيازي مصطفى، وشارك التمثيل النجوم نور الشريف، شمس البارودي، سهير رمزي، صفاء أبو السعود.
الأفلام الوطنية
عمل غسان مطر في أفلام عبرت عن الكفاح الفلسطيني، فهو كان مناضلا بالدرجة الأولى، وكان عضوا في إحدى الحركات الخاصة بالمقاومة الفلسطينية، وقام بتنفيذ عمليات سرية جعلته ضمن قائمة المطلوبين لدى الإسرائيليين، وكان وقتها غسان زميلاً للزعيم الراحل ياسر عرفات الرئيس السابق لفلسطين، وكان يعتبره الأب الروحي له، وكان يقوم بأدوار مخابراتية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث كان له دوراً في نقل المعلومات لأعضاء قوات المقاومة في مصر وفلسطين ولبنان والأردن والتنسيق بين جميع فصائلها؛ ولذلك حاول الانضام إلى جيش التحرير الفلسطيني وقدم أوراقه لهم في عام 1958، وكان يشكل وقتها في بغداد، لكنه لم يقبل لأنه كتب على سجله “متهم بالتحريض.. ناصري”.
وقدم غسان مطر في رحلة نضاله عدد من الأفلام الوطنية التي عبرت عن المقاومة الفلسطينية، من هذه الأفلام “كلنا فدائيون”، الذي أنتج في عام 1969، والذي تناولت قصته مجموعة من الشباب الفدائيين الفلسطينيين، يخططون وينفذون عملياتهم في الأراضى التي احتلتها إسرائيل، ويخون أحد الشباب زملائه من الفدائيين، ويرشد رجال العدو الإسرائيلي على مكانهم، ويصطدم الفدائيون بقوات العدو، ويموتون شهداء جميعًا، مما يصدم الشاب الخائن، الذي يدرك أن موت زملائه كان سببا لاستشهادهم، فيقرر بأن يقوم بعمل فدائي؛ فيفجر موقف للشرطة الإسرائيلية، ويحمل السلاح، ويرتدي ثوب الفدائيين، وينضم إلى فريق الفدائيين.
أيضا فيلم “الفلسطيني الثائر” والذي أنتج في نفس العام 1969، وقام غسان بتأليفه بنفسه، ويتناول الفيلم قصة شاب فلسطيني عابث، يعيش حياة لاهية، دون أي إلتزام تجاه بلده المسلوب، لكنه يفقد أحد الأعزاء فيقرر أن يتحول إلى النضاليين ويتدرب على العمليات الخاصة، وفي إحدى هذه العمليات تحاصره قوات الاحتلال الإسرائيلية، لكنه بمهارته يكسر الحصار، ويهرب عائدًا إلى القاعدة التي يعسكر فيها الفدائيون، ويجهز نفسه لعملية جديدة بعد أن تعلم تجربة جديدة. والفيلمين من إنتاج لبناني. أيضا مسرحية “وا قدساه”، التي قدمها مع الفنانين محمود ياسين، وعبدالعزيز مخيون، وتوفيق عبدالحميد. وتعد هذه الأعمال من أوائل ما قدمه الفنان غسان مطر.
اغتيال عائلته
أثناء تمثيله دوره في مسلسل “محمد رسول الله” في القاهرة عام 1979، وكان برفقة المخرج محمد طنطاوي، ويستمع إلى أغاني إذاعة “مونت كارلو”، استقبل غسان مطر خبر استشهاد عائلته بأسرها، زوجته ونجله جيفارا ووالدته، وذلك في ليلة حرب المخيمات، وكانوا من أوائل الذين تم الإعلان عن اسمائهم بعد مقتلهم؛ حيث كان نظام الرئيس السوري حافظ الأسد يستهدفه من القصف في هذا اليوم، بسبب خلاف بينه وبين ياسر عرفات؛ حيث كان غسان يقوم بدور المعلق السياسي في حرب الخلافات الدائرة بين ياسر عرفات، والرئيس السوري، حسبما قال غسان في إحدى حواراته التليفزيونية، وبعد سماع غسان خبر استشهاد جميع عائلته، تلقى تليفونا أخبره بأن بناته لم يلقين مصرعهن، وأنهم عند رئيس الوزراء اللبناني وقتها، نبيه بري.
وبعد هذه الأزمة قدم غسان دور “رشوان” في فيلم “اللصوص” عام 1980، ثم دور “جلال” في مسلسل “اللقاء الأخير” عام 1982، وتوالت أعماله التي وصل عددها إلى 101 عملا.
ومن بين أهم أعماله دور “عبدالله” في فيلم “الشيماء” عام 1972، ودور “الأعور” في فيلم “الغضب”، و”غسان” في فيلم “الشيطان امرأة” في نفس العام. كما قام بدور “عباس” في فيلم “الأبطال” عام 1974، و”فارس الدين أقطاي” في مسلسل “الفرسان” عام 1994، و”موشي ديان” في فيلم “حائط البطولات” عام 1998، “أبو العباس” في مسلسل “الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان”.
كما شارك أيضا في أفلام: “55 إسعاف”، “كلم ماما”، “حرب الدخان”، “عوكل”، “عيال حبيبة”، “العيال هربت”، “لخمة راس”، “أحلام الفتى الطايش”، “أمير البحار”، “توم وجيري”، “عش البلبل”، آخرهم فيلم “عنتر وبيسه” عام 2014.
والجزء الخامس من سيت كوم “رجل وست ستات”، ومسلسلات “الزوجة الرابعة”، “الوهم”، “سقوط الخلافة”، الرجل العناب”، “نظرية الجوافة”، الجزء الرابع من “الكبير قوي”، آخرهم “إمبراطورية مين”، ولم يكمل دوره في مسلسل “ألف ليلة وليلة” الذي يجرى إنتاجه هذا العام.
ومن المقولات الشهيرة لغسان مطر في أعماله: “أعمل الصح”، “باي باي يا كوتش”. وتقلد غسان مطر منصب نائبا لرئيس اتحاد الفنانين العرب.
يذكر أن الفنان غسان مطر توفي في الأول من أمس 27 فبراير 2015، بعد صراع مع مرض سرطان المعدة، وقد فقدت الساحة الفنية بوفاته واحدا من أبرز فنانيها الذي تميز أداءة بالصدق الشديد، وبراعته في تمثيل أدوار الشر التي اشتهر بها.