قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر متعمدا فقد حبط عمله " وفي طرق للحديث أنه " من ترك صلاة العصر متعمدا حتى تفوته فقط حبط عمله "
هل هو من ترك الصلاة في جماعة أم من ترك صلاة العصر بمعني من صلاة العصر في غير جماعة دون عذر كمرض أو نوم ـ ولو نوم كسلاً أو دون مبلاه كما لو نام قبل الأذان بقليل دون تنبيه أحد أن يقظه أو حتى ضبط المنبه ليقظه ـ فهل يدخل في مراد الحديث ...
وفقكم الله لخدمة الدين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم وتقبل الله منك اعمالكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسباب حبوط العمل في الحديث النبوي
أولاً : ترك صلاة العصر
عن أبي المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة، في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر فإن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من ترك صلاة العصر متعمداً فقد حبط عمله" .
وعن َابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مُرْسَلًا : " مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ"
قال ابن حجر في الفتح :" وأما الجمهور فتأولوا الحديث فافترقوا في تأويله فرقاً :
-…فمنهم من أَوَّل سبب الترك.
-… ومنهم من أوَّل الحبط.
-… ومنهم من أوَّل العمل.
أولاً : تأويل الترك : فقيل المراد من تركها جاحداً لوجوبها أو معترفاً لكن مستخفاً مستهزئاً بمن أقامها وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط ولهذا أمر بالمبادرة إليها وفهمه أولى من فهم غيره .
ثانياً : تأويل الحبط : وقيل المراد من تركها متكاسلاً لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد كقوله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى فقد أشبه من حبط عمله وقيل معناه كاد أن يحبط .
ثالثاً : تأويل العمل : وقيل المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ وقيل المراد بالحبط الإبطال أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به كمن رجحت سيئاته على حسناته فإنه موقوف على المشيئة فإن غفر له فمجرد الوقف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك وإن عذب ثم غفر له.
وقد شرح الترمذي الحبط على قسمين :
القسم الأول : حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات.
القسم الثاني : وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلا أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته .
وقيل المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع .
قال ابن حجر :" وأقرب هذه التأويلات قول من قال : "إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد والله أعلم".
لماذا خصَّ صلاة العصر :
قال النووي :" وإنما خصها بالذكر لأنها تأتي وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم".
و قال ابن تيمية- رحمه الله - في الفتاوى:" وحبوط العمل لا يتوعد به إلا على ما هو من أعظم الكبائر، وكذلك تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها:
-…فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها.
-… وهى التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها، فمن حافظ عليها، فله الأجر مرتين.
-… وهى التي لما فاتت سليمان- رضي الله عنه - فعل بالخيل ما فعل .
وفى الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : [ من فاتته صلاة العصر فكأنما وَتِرَ أهله وماله ] . والموتور أهله وماله يبقى مسلوبًا ليس له ما ينتفع به من الأهل والمال، وهو بمنزلة الذي حبط عمله".
ثانياً : المُفرِط في جمع الدنيا المانع من إخراجها في وجهها .
الكتاب : بحوث ودراسات من موقع الإسلام اليوم
قال في التيسير بشرح الجامع الصغير
للحافظ زين الدين عبد الرؤوف المناوي
( من ترك صلاة العصر ) متعمدا ( حبط عمله ) أي بطل كمال ثواب عمله يوم ذلك وخص العصر لان فوتها أقبح من فوات غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالامر بالمحافظة عليها.
والله أعلم .