المصـــــــــــراوية
المصـــــــــــراوية

المصـــــــــــراوية

 
الرئيسيةاليوميةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح المحلاوى

صالح المحلاوى


اعلام خاصة : الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا) 192011_md_13005803803
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 18119
تاريخ التسجيل : 15/11/2011
الموقع الموقع : المحلة - مصر المحروسة
العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى
المزاج : متوفي //

الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا) Empty
مُساهمةموضوع: الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا)   الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا) I_icon_minitimeالخميس 29 يناير 2015 - 13:10

الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا) Images?q=tbn:ANd9GcSlXB5SG5IJ09xq0Vdm8OL2pUMW0aKYYL1rXpTVC6zoyI8HD5KGiW2qDYM





"أن تقتل إنسانا من أجل خير العالم أمر يتناقض مع خير العالم، ولكن أن تتألم وتضحي بنفسك من أجل العالم ذلكم هو الخير كله" ماوتسي تونغ .




مقدمة:

قد يبدو مفهوم الثورة السلمية للوهلة الأولى مفهوما كلاسيكيا لا يختلف كثيرا عن غيره من المفاهيم التي تجاوره في المكان وتجانسه في الدلالة. ولكن ما أن يـتأمل المرء فيه ويتمعن في تجلياته حتى يجد نفسه في فضاء فكري مترامي الأبعاد والأطراف، وفي خضم التمعن والنظر، يدرك المتأمل أن مفهوم اللاعنف مفهوم في فلسفة وفلسفة في مفهوم.
وليس من المصادفة أن يرتبط هذا المفهوم ارتباطا عميقا بالحكمة الإنسانية الشرقية، بما تشتمل عليه هذه الحكمة من إشراقات إنسانية، وشطحات صوفية كانت وما زالت قادرة على التوغل في أعمق مناطق الوعي الأخلاقي والوجداني في الإنسان؛ وليس غريبا أن يتعانق جمال هذا التسامح الصوفي المتضوّع بالحكمة الشرقية، مع سمو الحكمة المسيحية القديمة، وليس من العجب أيضا أن يخفق بين هاتين الحكمتين قلب المهاتما غاندي الكبير، الذي مَتحَ رحيق المحبة والتسامح من معين الحكمة الهندية القديمة، ونهل من معين الحضارة الغربية المتدفقة، فجاء عطاؤه غمرا إنسانيا مصقولا في منهج فكري فلسفي أصيل، فأخذ المفكرون من ذلك العطاء يرتحقون ومن هذا الفكر ينهلون في سبيل بناء فلسفة إنسانية للسلام قادرة على أن تنير دروب الشعوب المظلومة والمغلوبة على أمرها في نضالها من أجل الحق والحرية والسلام.
لقد استلهم المهاتما غاندي(1) حكمتي الشرق والغرب، فأخصب ما بينهما ليشيّد فلسفة جديدة كان لها أثر كبير في توجيه النضال الإنساني من أجل الحرية والسلام. ولكن حبه للسلام ونضاله من الحرية لم يحصناه ضد الشهادة التي كان يطلبها تيمنا بقوله “تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر" (2). فكان على موعد من الشهادة وكان له ما أراد، حيث منحه أحد الهندوس المتعصبين شرف الشهادة فنهض بها رمزا للحرية وعنوانا لفلسفة النضال السلمي من أجل الحرية والسلام (3). رحل غاندي ولكن أنساقه الفكرية مازالت تشكل طاقة إنسانية حيوية تعتمدها الشعوب في النضال ويعتمدها المفكرون في تأجيج هذا النضال وعقلنته فكريا ونظريا مستلهمين روح غاندي وفلسفته(4).
مؤثرات غاندي :

تشكل الحكمة الهندية القديمة (التاوية والبوذية والبرهمانية) المصدر الأساسي لفلسفة غاندي التسامحية. ويمكن القول بأن تأثير البوذية كان واضح المعالم في فكر وسلوك غاندي. ومن يتمعن جيدا سيجد بأن بوذا كان بمثابة المثل الأعلى لغاندي، وذلك نظرا للتجانس الكبير في السلوك والتفكير والعقيدة. وقد تبين لنا بعد قراءة متأنية لسيرة الرجلين وجود تأثير كبير لبوذا في غاندي، علما بأن الدراسات الجارية حول غاندي لا تتضمن الإشارة إلى هذا الأمر على الرغم من أهميته، وقد يعود ذلك إلى أن غاندي لم يُلحّ على هذا الجانب لأسباب قد تكون عقائدية. ومع ذلك فإنه تجب الإشارة إلى أن البوذية من أكثر العقائد تأكيدا على قيم التسامح، وأكثرها رفضا لكل أشكال العنف والإكراه والظلم، وهذا ما تقتضيه بالضرورة عقيدة التناسخ التي تشكل الصمام العقائدي للبوذية.
 ومن أجل أن ندلل على أهمية التأثير الكبير للبوذية في فكر غاندي التسامحي يمكننا أن نورد نموذجا فكريا حول قيمة التسامح البوذي في حوار يجرى بين بوذا وبورنا (أحد مريديه )، لقد أراد بوذا لمريده بورنا هذا أن يذهب إلى قبيلة(سرونا بارانتا) لنشر دعوته، وكان بوذا يعلم أن هذه القبيلة معروفة بالشراسة و الخشونة و لا ينجح معها إلا الرجل الحكيم الصبور، فأراد بوذا أن يعرف مدى استعداد بورنا هذا لتحمل مشقة الدعوة وعناء المواجهة عبر الحوار التالي بينهما :
-                         بوذا: إن رجال هذه القبيلة قساة القلوب سريعو الغضب، فإذا وجهوا إليك ألفاظا بذيئة خشنة ،ثم غضبوا عليك و سبّوك، فماذا أنت فاعل؟
-                         بورنا: أقول لا شك إن هؤلاء قوم طيبون لينو العريكة لأنهم لم يضربوني بأيديهم و لم يرجموني بالحجارة
-                          بوذا: فإن ضربوك بأيديهم و رجموك بالحجارة فماذا أنت فاعل ؟
-                          بورنا: أقول بأنهم قوم طيبون لينون إذ لم يضربوني بالعصي و لا بالسيوف .
-                         بوذا: فإن ضربوك بالعصي و السيوف ؟
-                          بورنا: أقول بأنهم قوم طيبون ورائعون لأنهم لم يحرموني من الحياة نهائيا.
-                         بوذا: فإن حرموك الحياة ؟
-                         بورنا: أقول بأنهم قوم طيبون إذ خلّصوا روحي من سجن هذا الجسد السيئ بلا ألم كبير.
-                         بوذا: أحسنت يا بورنا انك تستطيع بما أوتيته من الصبر و الثبات أن تسكن في بلاد قبيلة سرونا فاذهب إليهم وخلصهم مما هم فيه.
وهذا الحوار يدلل بصورة واضحة على عظمة فكرة التسامح في البوذية ورفضها للعنف بصورة مطلقة. كما يدل من جهة أخرى على أهمية تطهير النفس من مطلق الشرور التي تتصل بالقلب الإنساني مثل الكراهية والبغضاء والحقد والخوف. فبورنا في هذه الصورة لا يخاف ولا يوجد في قلبه إلا مطلق الحب والتسامح. وذلكم جوهر التسامح الذي يشكل صميم الفكرة الغاندية لمفهوم اللاعنف.
وما لا شك فيه أيضا أن غاندي قد تأثر بصورة كبيرة جدا بالحكمة المسيحية القديمة التي تتجانس مع جوهر البوذية في رفض العنف وطلب المحبة والسلام الأبدي. فاللاعنف يأخذ صورة حكمة إنسانية خلاقة في المسيحية الأولى دين المحبة والسلام. لقد أفاض السيد المسيح عليه السلام في دعوته الإنسانية الشاملة إلى المحبة والخير والإخاء الإنساني وإلى الرفض المطلق للعنف طلبا للمحبة والتسامح والسلام؛ وتكمن هذه الحكمة كليا في قوله المقدس "أحب أعداءك وأحسن إليهم". وفي قداسه الشهير أو عظة الجبل حيث يقول:" لا تناهض الشر، فمن ضربك على خدك الأيمن قدم له الأيسر (...) افعل الخير لمبغضيك وصلي من أجل ظالميك"(5). وتلك هي نماذج من الشهادات المسيحية الأولى على قيمة اللاعنف ودوره في الحياة الإنسانية. وقد شكلت مقولة السيد المسيح حكمة إنسانية ولكنها تجاوزت حدود الحكمة واتخذت لها صورة برنامج نضالي لمواجهة الأقوياء، وقد تجلت هذه الصورة الجديدة للمفهوم التي اتخذت من اللاعنف منهجا في مقاومة القهر الاستبداد، في ما سجله التاريخ من مقاومة البابا ليون pape Léon Le السلمية لاجتياح أتيلا Attila، عندما قام هذا الأخير بمهاجمة روما، وقد دهش أتيلا (6) عندما لم يجد أي مدافع أو مقاتل على الأسوار، وكان الناس يصلون في الكنائس، وكان رجال الدين من كهنة وقساوسة يطوفون بالدعاء المسالم والتراتيل الدينية في أرجاء المدينة، واستطاع البابا بطريقته هذه إنقاذ المدينة من السلب والحرق والاجتياح. وهناك عدد من الطوائف المسيحية التي مارست مبدأ اللاعنف في مواجهة القضايا السياسية، واقتصر اعتراضهم على الجانب الأخلاقي مثل(المومونيتس Mennonites والأميش les Amish والمورمون les Mormons في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية؛ والدوكهوبورس Doukhobors في روسيا، والهيتريت Hutterites في مورافيا.
ولا يتنكر غاندي أبدا لتأثره بالفكر الإسلامي وإعجابه به، إذا كان لشخصية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تأثير كبير في التكوين الفكري عند غاندي، ولنترك غاندي بعبر عن هذا التأثير بنفسه حيث يقول" لقد أردت أن أتعرف على أفضل ما في حياة شخص تخفق له قلوب ملايين من بني البشر... ولقد اقتنعت أكثر من أي وقت مضى بحقيقة أن السيف لم يكن هو من فاز في تلك الأيام، بل كانت البساطة والحب والتسامح، والمحو الذاتي التام للنبي(ص)، والاحترام الدقيق للعهود، والتكريس العظيم تجاه أصدقائه وأتباعه، وجرأته،وقلة خوفه، وثقته التامة بالله وبرسالته. هذه القيم الإنسانية وليس السيف هي السلاح الذي اعتمده المسلمون الأوائل في انتصارهم الإنساني. يقول غاندي عندما قمت بإغلاق المجلد الثاني (من سيرة النبي)، قمت بذلك بأسف لأنه ليس هنالك المزيد لأقوم بقراءته عن هذه الحياة العظيمة. ليس هنالك طريق للسلام، بل أن السلام هو الطريق "(7). ومما لا شك فيه أن تجربة انتشار الإسلام في الشرق الأقصى دون استخدام للقوة تجربة مثيرة للاهتمام ومن الضرورة بمكان لرجل في مقام غاندي أن يتلقف المعاني الأخلاقية التسامحية لهذه التجربة العظيمة.
كما يمكن الإشارة عدد من المفكرين الغربيين المحدثين الذين أثروا في فكر غاندي وفلسفته، مثل: الفيلسوف الإنكليزي النقدي جون راس كينغ John Ruskin، وليو تولستوي Léon Tolstoï في روسيا الذي تبادل الرسائل مع غاندي الشاب في نهاية حياته ما بين 1909-1910، في الوقت الذي كان فيه غاندي يناضل من أجل تحرير الهند والدعوة إلى الحقوق المدنية للهنود في جنوب إفريقيا(Cool. ويمكن الإشارة أيضا إلى الشاعر الأمريكي هنري دافيد تورو Henri David Thoreau (1817-1862) الذي ألف كتابا حول الحق في الرفض المدني (Civil Disobedience , 1849) وهو الكتاب الذي أثر في كل من غاندي وكينغ. لقد أسس تورو لأهمية الحكم الصادر عن الوعي الأخلاقي، حيث يرى أن الأحكام الأخلاقية الصادرة عن الوجدان الأخلاقي تكون عادلة بالضرورة وهي تعلي من شأن الكرامة أكثر من الخضوع للقانون. هذه النزعة التسامحية الفردية عند تورو أثرت في غاندي، واستطاعت أن توقظ فيه إحساسا متوقدا بالتقاليد الهندية القديمة المتعلقة باللاعنف والتسامح (9) .
وباختصار، يمكن القول بأن غاندي قد تأثر بعدد من المؤثرات الفكرية التي كان لها دور كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية، لقد تأثر غاندي وأيما تأثير بـ "نشيد الطوباوي" وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد واعتبرها غاندي بمثابة قاموسه الروحي ومرجعا أساسيا يستلهم منه أفكاره. كما تأثر تأثيرا كبيرا بموعظة الجبل اليسوعية، وفوق ذلك كله بكتاب "حتى الرجل الأخير" للفيلسوف الإنجليزي جون راس كينغ الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي "الخلاص في أنفسكم" الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر الأميركي هنري ديفد تورو "العصيان المدني". ويبدو كذلك تأثر غاندي بالبراهمانية التي هي عبارة عن ممارسة يومية ودائمة تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين(10) .
في مفهوم اللاعنف عند غاندي: الأهيماسا والساتياغراها:

 صقل غاندي مفهوم اللاعنف وقدمه للإنسانية منهجا أخلاقيا في النضال الإنساني من أجل الحرية والحقيقة. ويرتكز مفهوم اللاعنف عند غاندي على ركيزتين أساسيتين هما الأهيماسا والساتياغراها. ولا يمكننا فهم الدلالة الفكرية لمفهم اللاعنف عند غاندي من دون العودة إلى هذين المفهومين.
فاللاعنف ترجمة لكلمة A-himsa في اللغة السنسكريتية (لغة البراهمة القديمة في الهند). وهذه الكلمة موظفة في اللغة السنسكريتية وفي النصوص البوذية والهندوسية واليانية. و تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الديانة اليانية - إحدى ديانات الهند القديمة – كانت تعتمد منهجا في تطهير النفس الإنسانية باللاعنف. وهذه الكلمة كما هو مبين مركبة من كلمتين هما العنف ونفيه في السنسكريتية فكلمة himsa تعني الرغبة في التدمير واستخدام العنف ضد كائن حي، وبالتالي فإن إضافة البادئة "a" تعطي الكلمة معنى النفي فتتحول الكلمة إلى صيغة a-himsa وهي هنا تعني العرفان والترويض والسيطرة على الرغبة والميول والعنف الذي يوجد في داخل الإنسان وهي الطاقة التي تدفع الإنسان إلى إقصاء الآخر وإيذائه وإبعاده ومن ثم إماتته.
ويعد مفهوم الساتياغراها الركيزة الثانية لمفهوم اللاعنف عند غاندي. لقد اتخذ غاندي مفهوم الساتياغراها شعارا لمسيرته النضالية، وعنوانا لفلسفته الأخلاقية، والساتاياغراها satyagraha كلمة سنسكريتية قديمة تعني قوة الحقيقة (satya =قوة – agraha =الحقيقة). وهكذا قام غاندي بتسويق فكرة "الساتياغراها" المعتمدة على التزاوج ما بين الحقيقة (ساتيا) والحب (أغراها). ومن هذه الفكرة استنبط مبدأ المقاومة اللاعنفية، باذراً بذلك البذرة الأولى لحركة شعبية جماهيرية ستتوسع وتتعدد وسائلها السلمية وينحني لها العالم احترام(11) .
وفي التصور الجديد لهذا المفهوم تأخذ الساتياغراها صورة القوة الأخلاقية في أسمى صورها، "إن الثبات على الحقيقة يحتاج إلى إرادة كبيرة لا تتوفر لأي كان، لأن هذا الثبات سيتعرض لامتحانات كثيرة، قد تجبر كثيرين على التراجع والتسليم. كما أن الثبات على الحقيقة يتطلب أن يكون الإنسان مستعداً للتضحية وتجشم عناء التعذيب والاضطهاد، وهذا كله يحتاج إلى قوة وإرادة واستعداد للبذل والتضحية"(12). والساتياغراها فوق ذلك كله تجسد مبدأ الحب، إذ لا تدعو أبدا إلى كراهية الخصوم والحقد عليهم، وهذا ما كان غاندي يحثّ أتباعه عليه ويحضهم على كره الإثم وليس الآثم، ووفقا لهذا التصور فإن الساتياغراها تعتمد الحب الإنساني وتركن إليه في مواجهة العنف والكراهية والانتقام.
ومن جديد يجب التأكيد أن الساتياغراها تحتاج إلى ضبط النفس والتحكم بالذات، والصبر وقوة الاحتمال، “فمن يتعرض للأذى بسبب موقفه الثابت على الحق، ولا يرد العنف بمثله، ولا يسمح للبغض أو الرغبة في الانتقام بالتسلل إلى نفسه إنسان قوي جداً، وليس ضعيفاً أبدا ً(13). والساتياغراها ليست حركة رفض غير واعي لمجرد الرفض، بل هي حركة واعية عاقلة تعرف ما تريد، وتعرف لماذا تقاوم، وبعبارة أخرى ليست حركة فوضى وشغب، بل حركة بناء وتصحيح (14) .
 لقد عمل غاندي على نشر مبدأ الساتياغراها وتوضيح معالمه، ووجد أن الشعب لن يفهم هذا المبدأ ما لم تقم فئة متنورة واعية من المفكرين والمناضلين باستخدامه بينهم بصورته السليمة الصحيحة، لذلك فقد توجه إلى العمل على إيجاد هذه النخبة المثقفة القادرة على فهم مبادئ الساتياغراها ونشرها بيم الناس بالصورة المثلى لمعانيها ودلالاتها (15) .
 إن إصرار غاندي على نشر مبدأ (الساتياغراها) يدل على إيمانه العميق بها منهجا للمقاومة، ولا ننسى أن غاندي استخدم الساتياغراها في جنوب إفريقيا حيث كانت حينها بلدا عنصريا، وعندما كان الهنود فيها جالية مهاجرة وهي على صغرها كانت متعددة الطوائف والأعراق والأديان. وعندما عاد غاندي للهند استمر في دعوته إلى فلسفة اللاعنف ومنهجه رغم أن الهند كانت بلداً محتلاً، عمل فيه الانكليز على تفرقة الناس وإثارة النعرات الطائفية بينهم، وقد وجد غاندي أن العنف يؤدي إلى الخراب والتدمير، بينما يأخذ الثبات على الحقيقة إلى وحدة الشعب الهندي ويجعلهم قوة لا يستهان بها قادرة في النهاية على تحقيق النصر المنشود(16).

وهكذا ووفقا لهذه الصورة فإن اللاعنف الغاندوي يأخذ صورة مبدأ أخلاقي، يرسخه غاندي بقوله :" إنني أؤمن بمبدأ اللاعنف" (17). وهو إذ يؤمن به فلأنه وكما يراه غاندي يشكل المنهج الصحيح في البحث عن الحقيقة، ولذلك يعلن دون تراجع أو تردد بأن اللاعنف هو الطريق الذي يهتدي به الإنسان في بحثه عن الحقيقة، وأن اللاعنف والحقيقية مرتبطان برابطة لا ينفصم عراها أبدا، وكلاهما يشكلان وجهين غير متمايزين لحقيقة واحدة(18) .

اللاعنف بين الحكمة والفلسفة :

يأخذ مفهوم اللاعنف كما أشرنا في البداية حضوره المميّز في الحكمة القديمة، حيث يتألق مضيئا في حكمة بوذا(وفلسفته(19)، ويأخذ امتيازه الروحي في رسالة السيد المسيح ودعوته. وقد قدّر لهذا المفهوم أن ينتقل من صورته كحكمة إنسانية قديمة إلى هيئته كفلسفة إنسانية واعدة أومضها غاندي بعبقريته الأخلاقية في العصر الحديث.
ولكن حكمة اللاعنف الذي كان بالنسبة لأسلافه من المفكرين أداة فردية لتطهير النفس وتحسين أدائها الأخلاقي اتخذت على يد غاندي صورة منهج فكري وفلسفة للنضال السياسي والاجتماعي ضد الظلم والقهر الذي تعانيه الشعوب. وقد تعددت عوامل تطور هذا المفهوم من مقام الحكمة إلى وضعيته كفلسفة، وتنوعت دلالاته الوظيفية والفكرية، حيث اتخذ صورته الفكرية النضالية الأكثر سموا وتوقدا على يد المهاتما غانديGANDHI (Mohandas Karamchand) 1869-1948 الذي أسس له ليكون منهجا فكريا ونضاليا لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني، وإلغاء نظام الطبقات الاجتماعية، وتحقيق المصالحة السياسية والمذهبية بين الهندوس والمسلمين. وقد استحق غاندي في نضاله الفكري السلمي احترام وتقدير الشعوب المناضلة والمفكرين الأحرار في مختلف أنحاء العالم، وقد تجلى هذا التقدير في قول المفكر الأمريكي مارتن لوثر كينغ King Martin Luther (1929-1968) :" لقد أحيا المسيح الروح في أعماقنا فعلمنا غاندي كيف نعيشها" «Le Christ a fourni l’esprit, Gandhi a montré comment l’utiliser» (20).
 لقد برهن غاندي عبر نضاله السلمي أن مفهوم اللاعنف بأبعاده الإنسانية يشكل أداة حقيقية في الصراع من أجل الحق والعدالة ونصرة المستضعفين والمظلومين، وبرهن أيضا أن هذا المفهوم يمتلك قدرة هائلة في تحقيق الأغراض السياسية والاجتماعية للشعوب المستضعفة في مختلف أنحاء العالم. وانطلاقا من النجاح الكبير الذي حققه غاندي في توظيفه النضالي لمفهوم اللاعنف، بدأ هذا المفهوم يُستخدم كأداة نضالية في عدد كبير من بلدان العالم في الأمس واليوم، لقد استخدمه الأيرلنديون في نضالهم من أجل الاستقلال، ووظفه السود في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل حقوقهم السياسية والمدنية، وتبناه الشعب الفرنسي لتحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وما زال هذا المفهوم يطرح نفسه بأدواته الفاعلة مشروعا إنسانيا نضاليا تتبناه الشعوب المغلوبة على أمرها في مواجهة مختلف أشكال والظلم والقهر الإنساني(21).
فاللاعنف، وفقا لغاندي، برنامج نضال متكامل، إنه سلاح حقيقي فاعل يمكن للضعفاء والمقهورين أن يوظفوه في معاركهم الإنسانية من أجل الحق والخير والسلام، ويمكنهم أن يستلهموه قوة قادرة على إحياء الوعي الأخلاقي للجماهير، وتثوير الرأي العام، وفضح الجرائم الأخلاقية للظالمين، وإيقاظ الضمائر، وإحياء القلوب الميتة، وفتح العيون الهاجعة، وهو في النهاية، وعندما يحسن استخدامه، يؤدي إلى إضعاف عزيمة المعتدي وهزم إرادته، وكسر شوكته ودفعه إلى طاولة الحوار والبحث عن السلام.
جبروت اللاعنف وقوته: اللاعنف ليس ضعفا واستسلاما.

يقول غاندي «يمكن لمجموعة صغيرة من الشجعان بعزيمتها وإيمانها أن تغيّر مجرى التاريخ» (22). وكان يؤكد دائما “بأن أعتى نظام سياسي يمكن إسقاطه بدون سفك قطرة دم واحدة" (23). ويتضح هذا الأمر في قول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل الذي رفض الاشتراك في الحرب العالمية الأولى: "إذا استعمل شعب بأسره المقاومة السلبية بإصرار وإرادة عازمة وبنفس القدر من الشجاعة والانضباط اللذين يظهرهما الآن في الحرب، فبإمكانها أن تحقق حماية اكبر وأتم لكل ما هو جيد في الحياة العامة مما تستطيع أن تحققه القوات البرية والبحرية وبدون أي من تلك المجازر والخسائر ومشاهد القسوة التي ترتبط بالحرب الحديثة"(24).
 لقد أوضح غاندي، في كثير من المواقف والرؤى والاتجاهات، أن اللاعنف ليس عجزا أو ضعفا أو استسلاما أو هزيمة بل هو كما يقول:" أعظم قوة متوفرة للبشرية، إنه أقوى من أقوى سلاح دمار تم تصميمه ببراعة الإنسان". وهو بذلك يوضح بأن اللجوء إلى العنف قد يكون مبررا ومشروعا في حالات معينة حيث يقول:"إنني قد ألجأ إلى العنف ألف مرة إذا كان البديل القضاء على عرق بشري بأكمله". فالهدف من سياسة اللاعنف في رأي غاندي هي إبراز ظلم المحتل من جهة وتأليب الرأي العام على هذا الظلم من جهة ثانية تمهيدا للقضاء عليه كلية أو على الأقل حصره والحيلولة دون تفشيه.
وفي هذا تقول سونيا غاندي رئيسة الائتلاف التقدمي الموحد في الهند: “يعتقد البعض أن اللاعنف هو دليل على الضعف أو الجبن، ولكن هذا بعيد تماما عن الحقيقة. إن اللاعنف يتعدى المقاومة السلبية أو العصيان المدني، فتتطلب ممارسته الحقيقية انضباطا صارما للعقل، وشجاعة لمواجهة العدوان، وقناعة أخلاقية لمواصلة المسيرة، والقوة لتنفيذ ذلك دون الشعور بأي حقد على الخصم" (25).
وغالبا ما يجري الخلط بين اللاعنف وبين السلبية والاستسلام، ولكن الأمر ليس على هذه الصورة أبدا، فاللاعنف شيء آخر مختلف تماما عن معنى السلبية والاستسلام، إنه وإن كان فعلا مسالما لاعنف فيه، فإنه نشاط حيوي فاعل ومؤثر، يمتلك طاقة حيوية من القوة والقدرة والاقتدار، ويتطلب في الوقت ذاته درجة عالية من السيطرة وضبط النفس، من أجل تحقيق مراميه الإنسانية. فالتمرد، ورفض الإذعان والخضوع، وعدم التعاون مع الظالم، والإضراب والمظاهرات، والاحتجاجات، والمسيرات، والاعتصامات، والندوات الفكرية المناهضة، هي في جوهرها صيغ من الممارسات التي يقتضيها مفهوم اللاعنف بدلالاته الإنسانية.
ومما لا شك فيه أن اللاعنف يمارس القوة والضغط والإكراه، ولكن ممارسة هذه القوة تجري في سياق مسار إنساني يتحلى بالقيم الأخلاقية ويستلهم معانيها، إنه عنف أخلاقي يستهدف إحياء الضمائر وتحريك الوجدان؛ فاللاعنف يمتلك أدواته وقوته إنه سلاح، ولكنه سلاح إنساني بامتياز لأنه يجعل الآخر أكثر إنسانية ويحرّض فيه كل المعاني المفترضة في الإنسان. وهو بذلك يتميز بنبله وأصالته وتفوقه الأخلاقي حيث يتم استخدام المعايير الأخلاقية الأفضل في حركته وفعله وممارساته. وعندما يحدث أن يجري العمل وفقا للمبدأ الأنوي الذاتي بعيدا عن مبدأ الحوار مع الخصم فإن الأمر يتحول إلى سياسة وليس إلى ممارسة لمبدأ اللاعنف بتعيناته الحقيقية. ولكن هل حقا يمكن للعنف أن يكون حلا مثاليا لمختلف أشكال الصراعات؟ وهل يمكن لهذا المفهوم أن ينمي لدى الأفراد وعيا أخلاقيا ليس له وجود في الحالة الفطرية للإنسان؟
اللاعنف طاقة روحية:

يومض اللاعنف بطاقة روحية تكره الخصم على التفكير وتدفعه لمراجعة الذات ووضعها في موضع التساؤل. وتكمن قوة اللاعنف هنا في قوة الحقيقية والعدالة التي تفرض هيمنتها على الناس والأفراد. فالخصم كما يراه غاندي ليس عدوا يجب الانتصار عليه، بل رجلا ضالا غافلا يجب صدمة وإيقاظه من غفلته وغفوته. وهنا نجد غاندي لا يدعو إلى الحقد على الخصم أبدا، بل يدعوا إلى الشفقة عليه دائما. فاللاعنف يهدف إلى الكشف عن أخطاء الخصم وإصلاحها واستبعاد المفاهيم الخاطئة غير الأخلاقية لديه. وبالتالي فإن الإنسان الذي لا يجد في نفسه الكفاءة على تمثل هذه الرؤية لا يمكنه أن يتابع النضال من أجل العدالة والسلام. فالعنف غالبا ما يكون ردة فعل على عنف الخصم واحتمالاته، وهو العنف الذي يجد في العنف المضاد تبريرا له، ولكن عندما يصطدم هذا العنف بالفراغ فإنه يعقلن نفسه وتتبدد قوته. وهنا يمكن القول بأن قلب الإنسان هو ميدان اللاعنف ومجاله الحيوي. فاللاعنف يمارس قوته ولكنه يستهدف الجانب الإنساني والوجداني في الإنسان.
إذا جارينا ما يذهب إليه الفيلسوف الإنكليزي هوبس Hobbes (Thomas) 1588-1679 بقوله إن “الإنسان ذئب الإنسان" «l’homme est un loup pour l’homme» فإنه لا يوجد حلّ آخر سوى استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل القضاء على هذا الذئب الذي يهددنا (26). ولكن مفهوم اللاعنف لدى غاندي وعلى خلاف رؤية هوبس يريد أن يثق بالمبدأ الأخلاقي، وقد يكون هذا المبدأ مدفونا غائرا غائبا ولكنه بالتأكيد موجود في قلب الخصم. ووفقا لهذا التصور فإن المعركة ليست معركة فيزيائية بين طرفين متعارضين: بل في صميم الصديق والخصم حيث يجب على الإنسان أن يتحرر من هيمنة الغرائز البدائية والأولية التي تمنعه من إطلاق الوجدانية الكامنة فيه.
فاللاعنف لا يهدف أبدا إلى سحق الخصم ومغالبته، بل إلى الانتصار على الشر الذي ينمو في قلبه مانعا إياه أن يكون كما يجب أن يكون الإنسان. وإذا كان الناس قد تورطوا في أعمال الشر واستخدموه، فإن فلسفة اللاعنف تدرك هذه الحقيقة وتدفع مريديها إلى العمل على تطهير النفس الإنسانية من أدرانها وأوجاعها الكامنة في الشر والحقد والكراهية. وهكذا تأخذ فلسفة اللاعنف صورة منهج أصيل يعمل على تحريض الخصم على الحوار والتأمل مع ذاته ومع خصومه. وهنا تكمن الوسيلة الوحيدة لكسر حلقة العنف وتكره ممارسيه على التراجع. وذلك لأن الرد على العنف بالعنف وعلى الشر بالشر يزيد العنف عنفا والشر شرا. ولكن وعلى خلاف ذلك فإن اللاعنف يدفع بقوته الروحية أنصاره إلى التماهي مع قيم السلام والخير والسلام. فالشر لا يوقفه الشر بل الخير هو الذي يستطيع أن يواجه نزعة الشر وطفرته كما يقول بوذا.
نوعية اللاعنف :

ينبع اللاعنف ينبع من قوة الحقيقة، ويعمل على تطوير العمق الداخلي للإنسان والارتقاء به. فاللاعنف لا يختزل إلى مجرد فعاليات آنية تكتيكية أو تقنية للصراع، بل هو تدفق روحي وانسياب وجداني داخلي يتجلى في طلب الحق والعدالة. ومع ذلك فإن اللاعنف يتطلب في الوقت نفسه تفكيرا وتأملا وتماسكا، وهو نتاج تخطيط بعيد المدى يأخذ في حساباته الأسباب والنتائج. فكل عدوان يولد ضغطا نفسيا وإحساسا بالإكراه وهنا يتوجب على الإنسان المسالم أن يضبط اندفاعاته المضادة للعدوان ويسيطر عليها، وهذا السلوك المنظم غالبا ما يأخذ طابعا اجتماعيا إذ يتجلى في نضال الطبقات الاجتماعية والأمم المغلوبة. وبالتالي فإن كبت الدوافع العدوانية يتطلب قدرة كبيرة على ضبط الأنا والسيطرة عليها. وهنا يجب تصحيح فكرة خاطئة: فاللاعنف لا يعني أبدا أن الإنسان المؤمن به هو كائن سلبي دائما، بل وعلى خلاف ذلك يتميز اللاعنفي بأنه مناضل شرس في البحث عن الحقيقة والكشف عن المظالم ومحاصرة الظالمين. ومن أجل ذلك يجب على المرء أن يحظى بالشجاعة والقدرة على التضحية الإنسانية التي تفوق تضحية الشهداء في ساحات الحرب.
وهنا يميز لانزا ديل فاستو بين البطولة في ساحة المعركة والبطولة الأخلاقية، ففي المجال الأخلاقي تتمّ مهاجمة الشر في النفس، بينما يهاجم الإنسان أخاه الإنسان في ساحة الوغى. فالإنسان الذي يؤمن بمبدأ اللاعنف يطلب العدالة من خلال القوة الداخلية الكامنة فيه، وإذا ما تعرض للموت فإنه يعي تماما بأنه قد أخذ على عاتقه بأن يتحّمل هذا الأمر بدلا من أعدائه وجلاديه. فاللاعنف مطهم بكل الدوافع الإيجابية الخلاقة المفعمة بالشجاعة والعزيمة والقوة. فاللاعنفي يقدم نفسه قربانا على مذابح الحرية والعدالة والحق والخير والجمال. إنه شهيد يَصفح لجلاده، ويعمل على بناء الخير المطلق في النفوس، وذلك عبر القوة الروحية التي تنطلق من القلب وتستقر في الوجدان. وفي الحقيقة فإن اللاعنفي (معتنق اللاعنف كصيغة للنضال) يمتلك قوة تربوية هائلة إنه يعلم ويربي ويضرب مثلا في معاني الحق والحرية والجمال.
إن الابتزاز العاطفي والأخلاقي شكل مرفوض في منهج اللاعنف، فالتهديد والوعيد والابتزاز عمليات لا قيمة لها ولا معنى في الصراع المسالم، لأن هذه الممارسات ليست ممارسة روحية بل هي نوع من الاحتيال الزائف لتحقيق المصالح الخاصة والأنانية. واللاعنف لا يهدف أبدا إلى تحقيق مصالح خاصة أنانية، إنه جهاد اجتماعي مكرس لتحقيق أهداف إنسانية تتميز بنبلها وسموها. وفي هذا الأمر يقول غاندي “يمكنني أن أصوم ضد أبي من أجل أن يشفى من مرض أو عيب ولكنني لا أستطيع أن افعل ذلك من أجل أن أحظى بتركته ". فالعنف الأخلاقي وسوء المعاملة ليست سلاحا مشرفا، إنه أداة تستخدم للقهر وليس لتحرير الإنسان ومخاطبة النزعة الإنسانية فيه. فاللاعنف دائما ما يجلجل نفسه بألوان النظام الروحي وشفافيته، وهو لا يمثل خطرا أبدا بل يدفع عن الإنسانية كل خطر ممكن وينمي في الإنسان قواه الإنسانية الخلاقة. وهكذا فإن اللاعنف يفقد سموه الأخلاقي وعمقه الفلسفي وطابعه الإنساني إذا لم يأخذ صورة غاية إنسانية عليا تتصف بسموها وصفائها.
لقد أوضح غاندي في كثير من محطاته المنيرة بأن النضال السلمي قد يخفق أحيانا إذا كان الخصم الذي يمتلك قوى قاهرة جبارة بلا ضمير أو أخلاق وهنا يجد أنصار اللاعنف أنفسهم أمام الموت المحتم. والسؤال هنا هل يجب على أنصار اللاعنف أن يتراجعوا ويتخلوا عن غايتهم الإنسانية إزاء هذه القوة الجبارة؟ وجواب غاندي هو لا وألف لا "بل يجب عليهم في هذه الحالة أن يتسلحوا ويقاوموا وإذا لم يكن هناك خيار أبدا إلا العنف فإنني أنصح بالعنف" ومع ذلك كله فإنه وفي مواجهة العنف المعاصر فإن غاندي ينصح بالعودة إلى قوة الروح (27).
وهنا بالتحديد يؤكد جان ماري ميللر أن اللاعنف قوة حقيقية وليس مجرد حب مسالم، أنها قوة تمارس الضغط من غير عنف، وقد بينت التجارب أن اللاعنف قد أثمر نتائج غالبا ما كانت مجدية، وهذا ما برهن عليه سيزار شوفيرز، والمدافعون عن حقوق العمال المكسيك في كاليفورونيا، حيث نجحوا في حملة مقاطعتهم للعنب والخمور في تحقيق النتائج المرجوة وتغيير الوضعية القائمة. والوضع هنا يتعلق بوضعية من اللاعنف (المسلح) الذي يشكل أداة المجتمع من أجل الحصول على نتائج عاجلة: وبدلا من نداء القلب يمكن العمل على مخاطبة المصالح ومن أجل ذلك يتم تنظيم اللعبة، وبعدها يتم تحريض العدد الكبر من الناس من أجل التعاون والمشاركة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاعنف ضد العنف(منهجا ثوريا)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العنف
» العنف
» العنف
» العنف
» العنف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المصـــــــــــراوية :: المنتدى العام :: قسم التاريخ العام والشخصيات التاريخية-
انتقل الى: