المصـــــــــــراوية
المصـــــــــــراوية

المصـــــــــــراوية

 
الرئيسيةاليوميةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مدرسة ستالين والتزوير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح المحلاوى

صالح المحلاوى


اعلام خاصة : مدرسة ستالين والتزوير 192011_md_13005803803
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 18119
تاريخ التسجيل : 15/11/2011
الموقع الموقع : المحلة - مصر المحروسة
العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى
المزاج : متوفي //

مدرسة ستالين والتزوير Empty
مُساهمةموضوع: مدرسة ستالين والتزوير   مدرسة ستالين والتزوير I_icon_minitimeالخميس 29 يناير 2015 - 13:03

مدرسة ستالين للتزوير
اقتباس :
«سيكون من غير التاريخي في الواقع، إذا ما قمنا، عند تقييمنا لتروتسكي، بتجاهل نضاله ضد البلشفية خلال السنوات الأربع عشرة الأولى من وجودها - أو النظر إلى أن هذه المسألة منتهية عبر الاستشهاد بملاحظة يزعم أن لينين قالها عن سلطة تروتسكي في 1917 (في خضم الثورة وبعد أن لم يقض هذا الأخير في الحزب سوى أقل من أربعة أشهر) بأنه منذ أن فهم تروتسكي استحالة الوحدة مع المنشفيك، "لم يعد هناك بلشفي أفضل منه".» (Cogito، صفحة:Cool

هكذا ينهي مونتي جونستون الجزء الأول من كتابه "البعيد المدى والمعقد، لكن المفيد للغاية" عن تاريخ البلشفية. وبما أن لديه طريقته الخاصة في استخدام المصادر، فإنه يرفض الاعتراف بملاحظة "يزعم" أن لينين أدلى بها "عن سلطة تروتسكي". ما هي تلك الملاحظة، ولماذا قالها لينين؟
خلال اجتماع للجنة بتروغراد في 14 نوفمبر 1917، تحدث لينين عن خطر النزعات التوفيقية داخل قيادة الحزب، والتي ما زالت تشكل تهديدا حتى بعد ثورة أكتوبر. يوم 14 نوفمبر، وبعد أحد عشر يوما على نجاح الانتفاضة، استقال ثلاثة من أعضاء اللجنة المركزية (كامينيف وزينوفييف ونوغين) احتجاجا على سياسات الحزب، وأصدروا إنذارا نهائيا (ultimatum) للمطالبة بتشكيل حكومة ائتلافية تضم المناشفة والاشتراكيين الثوريين، "وإلا فإن الطريق الوحيد الذي سيبقى هو الحفاظ على حكومة بلشفية بحتة عن طريق الإرهاب السياسي". وأنهوا بيانهم بتوجيه نداء إلى العمال من أجل "المصالحة الفورية" على أساس شعارهم "تحيا حكومة مشكلة من كل الأحزاب السوفييتية"!. بدا أن هذه الأزمة ستدمر كل المكاسب التي حققتها ثورة أكتوبر. وردا على خطورة الوضع، دعا لينين إلى طرد هؤلاء القادة. في ظل هذا الوضع حيث ألقى لينين خطابه الذي ينتهي بعبارة: "لا تصالح! من أجل حكومة بلشفية متجانسة". وفي النص الأصلي لخطاب لينين نجد الكلمات التالية:
اقتباس :
«أما بالنسبة للائتلاف فإنني لا أستطيع أن أتحدث عنه بجدية. لقد قال تروتسكي منذ فترة طويلة إن الاتحاد مستحيل. لقد فهم تروتسكي هذا الأمر، ومنذ ذلك الوقت فصاعدا لم يعد هناك بلشفي أفضل منه».

بعد وفاة لينين، شنت الزمرة الحاكمة: ستالين وكامينيف وزينوفييف، حملة منهجية لتزوير التاريخ، تهدف إلى التقليل من شأن دور تروتسكي في الثورة وتعزيز أدوارهم. وللقيام بذلك، كان عليهم أن يخترعوا أسطورة "التروتسكية"، لحفر هوة بين موقف تروتسكي وموقف لينين و"اللينينيين" (أي هم أنفسهم). وبدأ المؤرخون المبتذلون في النبش في ركام قمامة الجدالات القديمة التي كانت قد نسيت منذ فترة طويلة من قبل أولئك الذين شاركوا فيها: نسيت لأن جميع المسائل التي أثيرت خلالها كانت قد حلت بفضل تجربة أكتوبر وبالتالي لم يعد لها سوى أهمية تاريخية مجردة. لكن العقبة الخطيرة في طريق المزيفين كانت هي ثورة أكتوبر نفسها. وقد تمت إزالة هذه العقبة عن الطريق حذف اسم تروتسكي تدريجيا من كتب التاريخ، من خلال إعادة كتابة التاريخ، وأخيرا من خلال المنع الصريح لكل إشارة تظهر ولو بشكل بسيط دور تروتسكي.
مونتي جونستون نفسه يسوق مثالا جيدا على ذلك: في طبعة 1934 لكتاب ستالين "ثورة أكتوبر" نجد العبارة التالية:
اقتباس :
«كل المهام العملية في العلاقة مع تنظيم الانتفاضة أنجزت في ظل القيادة المباشرة للرفيق تروتسكي، رئيس مجلس سوفييت بتروغراد. ويمكن القول بالتأكيد أن الحزب مدين في المقام الأول وبشكل أساسي إلى الرفيق تروتسكي في الانتقال السريع للحامية العسكرية إلى جانب السوفييت والطريقة الفعالة التي نظم بها عمل اللجنة الثورية العسكرية».

يقول مونتي جونستون: «لقد تم شطب هذا المقطع بشكل غير مبرر من نص المقال المنشور في أعمال ستالين، موسكو، 1953، الجزء الرابع، ص 157» (التشديد من عندنا)
"شطب بشكل غير مبرر" هي لغة رجل تفاجئ وغضب بسبب بعض التفاصيل البسيطة وغير المتوقعة. لكن لا يوجد شيء يثير الدهشة حيال ذلك، ودهشة الرفيق جونستون كاذبة تماما. فهو يدرك جيدا أن كل كتب التاريخ السوفياتية حتى وقتنا الحاضر لا تتألف إلا من الروايات الخاطئة والكاذبة تماما حول الثورة الروسية، وخاصة حول دور تروتسكي. كانت تشويهات 1924 شديدة الوقاحة على الرغم من أنها لم تكن سوى ممهد للحظة التي سيستبدل فيها ستالين ما كتب أعلاه ويكتب ما يلي:
اقتباس :
«لم يلعب الرفيق تروتسكي أي دور خاص، سواء داخل الحزب أو في انتفاضة أكتوبر، ولم يكن في مقدوره أن يلعب أي دور باعتباره كان عضوا جديد نسبيا في حزبنا في فترة أكتوبر». (ستالين: الأعمال الكاملة، موسكو، طبعة 1953)

ولم يكن هذا بدوره سوى خطوة أخرى نحو الانحطاط الشامل للبيروقراطية الستالينية التي اتهمت ليس فقط تروتسكي، بل كل القيادة "البلشفية القديمة" بكونها متعاونة مع الفاشية الألمانية من أجل إسقاط الاتحاد السوفياتي. ومن بين التهم التي تم توجيهها خلال محاكمات الثلاثينات السيئة الذكر، اتهام بوخارين، الذي وصفه لينين في وصيته المحضورة "المفضل لدى الحزب كله"، بالتخطيط لاغتيال لينين في عام 1918!
وقد نشرت هذه الملاحظة التي "يزعم أن لينين قالها عن سلطة تروتسكي" في الطبعة الأصلية من محضر لجنة بتروغراد، لكنها اختفت في وقت لاحق على أساس أنه قد تم نسخ خطاب لينين بشكل غير صحيح من قبل مقرر اللجنة. مما لا شك فيه إن النص كله، كما هو الحال مع العديد من خطب لينين، قد تم تحريره بشكل سيء، مليء بالثغرات والجمل الغير مكتملة. لكن لم يتم حذف سوى صفحة واحدة: الصفحة التي تحتوي على تصريحات لينين حول تروتسكي. في كتابه: "مدرسة ستالين في التزوير"، استنسخ تروتسكي صورة للصفحة المذكورة. ويوجد الأصل في محفوظات تروتسكي، إلى جانب قدر كبير من المواد الأخرى التي تم حضرها في الاتحاد السوفياتي. مونتي جونستون لا يشكك في صحة الوثيقة. إنه لا يجرؤ على ذلك: فلقد أكد صحتها ليس فقط كل المؤرخين الجديين للثورة الروسية، بل أيضا تلك الوثائق المنشورة من قبل البيروقراطية السوفياتية بعد المؤتمر العشرين، بما في ذلك "وصية" لينين المحضورة، والتي نشرت من قبل المعارضة اليسارية في روسيا، والتروتسكيين في الخارج قبل ثلاثين عاما من قيام الزمرة السوفياتية الحاكمة بنشرها للعموم. بطبيعة الحال، لم يعملوا على نشر سوى جزء صغير من الوثائق التي تظهر معارضة لينين لستالين. لكن ما زالت الكمية الأكبر من الوثائق وراء الأبواب الموصدة بإحكام، في القسم "المغلق" من مكتبة لينين، المتاح فقط لـ "مؤرخي" الحزب المأجورين.
يمكن التأكد من صحة ما قاله لينين من خلال السياق الذي كان يتحدث فيه. كان يتحدث بشأن مسألة النزعة التوفيقية، لم يكن هناك قبل الحرب مدافع مفوه عنها أكثر من تروتسكي. كان تروتسكي يعتقد، على أساس تجربة ثورة 1905، أن نهوضا ثوريا جديدا سيدفع أفضل العناصر من بين المناشفة إلى اليسار، ويمكن من تحقيق الوحدة مع البلاشفة. ولقد أثبتت الأحداث نفسها عدم صحة هذا الموقف. تروتسكي، في عام 1917، اعترف بخطئه دون تردد وألغى من ذهنه بشكل نهائي أي فكرة للتوحيد مع المناشفة. لكن كتلة "البلاشفة القدماء"، من جهة أخرى، تشبثوا بعناد بأوهامهم التوفيقية حتى بعد الاستيلاء على السلطة. إن ما كانوا يطالبون به في نوفمبر 1917 كان بمثابة الردة (restoration)، أو الثورة المضادة بثوب ديمقراطي. سنطرح على مونتي جونستون سؤالا مباشرا: من الذي تصرف كبلشفي حقيقي في عام 1917، هل هو تروتسكي أم من كانوا يسمون أنفسهم "البلاشفة القدامى"؟ إنه لن يجيب. لكن لا مشكلة فقد قدم لينين الجواب عن هذا السؤال في اجتماع لجنة بتروغراد في نوفمبر 1917.
في الصفحة 21 من مؤلفه يستشهد جونستون بفقرات من رسالة لينين الأخيرة إلى المؤتمر -الوصية المحضورة الشهيرة- والتي لم تصبح متاحة لقواعد الأحزاب الشيوعية من قبل قادة الاتحاد السوفياتي إلا بعد المؤتمر العشرين. نقل جونستون ما قاله لينين حول السمات الشخصية لتروتسكي، ولكنه يغفل جملة واحدة وثيقة الصلة جدا بمؤلفه. لقد أكد لينين، في كلمته الأخيرة للحزب الشيوعي الروسي، على انه لا ينبغي أن يستخدم ماضي تروتسكي الغير بلشفي ضده.
وقد خصص مونتي جونستون أكثر من نصف مؤلفه في النبش عن كل ما يمكن أن يجده من الجدل الأكثر غموضا الذي يعود إلى الفترة السابقة لـ 1917. لكنه تغافل عن الاستشهاد بكلمة لينين الأخيرة عن تروتسكي وعلاقته بالحزب البلشفي، قبل عام 1917.
بالنسبة للينين، كما هو الشأن بالنسبة لتروتسكي، شكل عام 1917 نقطة تحول حاسمة، مما يجعل كل الجدل القديم مع تروتسكي بدون معنى. وهذا هو السبب الذي جعل لينين لم يشر إليها مطلقا بعد عام 1917. وهذا هو السبب أيضا الذي جعل تروتسكي، في 1921، يخبر أولمينسكي أنه لا معنى لنشر رسالته إلى شخيدزه. مونتي جونستون يلمح، على هذه الأسس، إلى أن تروتسكي كان مذنبا باستعمال نفس أساليب التزوير التي كان يستعملها ستالين!
اقتباس :
يقول جونستون: «عندما سأله أولمينسكي، رئيس لجنة تاريخ الحزب، عما إذا كان ينبغي نشر [الرسالة إلى شخيدزه]، أجابه أن ذلك "غير مناسب"، مضيفا بطريقة أبوية أن: "القارئ اليوم لن يفهم، ولن يجري التعديلات التاريخية اللازمة، وسوف يشعر فقط باللبس". كان هذا بالضبط هو السبب الذي دفع ستالين إلى حضر وتزييف الوثائق التاريخية، وهو ما ندد به تروتسكي في السنوات اللاحقة بشكل صحيح» (Cogito صفحة 7، التشديد من عندنا)

بما أن مونتي جونستون لم يقم أيضا بأدنى محاولة لشرح السياق التاريخي لهذه الرسالة - أو أي وثيقة أخرى- فإن دوافعه لاستخدامها واضحة تماما. نأمل أن نكون قد قدمنا بعض الأفكار حول "الدافع" الحقيقي لتروتسكي في هذه الفترة (1913)، أي رغبته في توحيد الحركة الماركسية. وفي كتابه "دفاعا عن الماركسية"، يفسر تروتسكي بشكل واضح أسباب موقفه. جونستون يقتبس من هذا العمل، لكن بنفس الطريقة الانتقائية المعتادة، حيث لم يستشهد سوى بجملة واحدة وهي: "لم أكن قد تخلصت في تلك الفترة وخصوصا في المجال التنظيمي من سمات ثوري برجوازي صغير". دعونا نستشهد بكلمات تروتسكي دون الاختصارات "المناسبة":
اقتباس :
«لدي في ذهني ما كان يسمى بكتلة غشت لسنة 1912. لقد شاركت بنشاط في هذا التكتل. وبمعنى ما كنت أنا من خلقها. من الناحية السياسية كنت اختلف مع المناشفة حول جميع المسائل الأساسية. وكنت اختلف أيضا مع البلاشفة اليساريين المتطرفين، الفبريوديين. في الاتجاه السياسي العام كنت أقرب كثيرا إلى البلاشفة. لكنني كنت ضد "النظام" اللينيني لأنني لم أكن قد تعلمت بعد أنه من أجل تحقيق الهدف الثوري لا بد من حزب ملتحم وممركز بحزم. لذلك شكلت تلك الكتلة المؤقتة التي كانت مكونة من عناصر غير منسجمة والتي كانت موجهة ضد الجناح البروليتاري للحزب.
« كان للتصفويين فرقتهم داخل كتلة غشت، كما كان للفبريوديين أيضا ما يشبه الفرقة. كنت أنا من كتب معظم الوثائق وقد كان الهدف من خلال تجنب الخلافات المبدئية خلق ما يشبه الإجماع حول "المسائل السياسية الملموسة ". لم تتضمن كلمة واحدة عن الماضي! وقد عرض لينين كتلة غشت لانتقادات لا ترحم ووجهت أقسى الضربات إلي. لقد أثبت لينين أنه ما دمت لا أتفق سياسيا لا مع المناشفة ولا مع الفبريوديين فإن السياسة التي كنت أتبعها كانت مغامرة. كان هذا قاسيا لكنه كان صحيحا.
«لأبدي "ظرف التخفيف" اسمحوا لي أن أشير إلى واقع أن المهمة التي وضعتها على كاهلي لم تكن دعم الفرقة اليمينية أو اليسارية المتطرفة ضد البلاشفة، بل توحيد الحزب ككل. لقد استدعي البلاشفة أيضا إلى كونفرانس غشت. لكن بما أن لينين رفض رفضا قاطعا الوحدة مع المناشفة (وهو الموقف الذي كان محقا فيه بشكل كامل) وجدت نفسي في كتلة غير طبيعية مع المناشفة والفبريوديين. وظرف التخفيف الثاني هو هذا: إن ظاهرة البلشفية باعتبارها الحزب الثوري الحقيقي كانت تنمو لأول مرة - حيث لم يكن لها في ممارسة الأممية الثانية أي نظير. لكنني لا أسعى بذلك لتبرئة نفسي من الذنب. فعلى الرغم من مفهوم الثورة الدائمة الذي ظهر بلا شك باعتباره وجهة النظر الصحيحة، لم أكن قد تخلصت في تلك الفترة وخصوصا في المجال التنظيمي من سمات ثوري برجوازي صغير. كنت مصابا بمرض التوفيقية تجاه المناشفة وبعدم الثقة في المركزية اللينينية. مباشرة بعد كونفرانس غشت بدأت الكتلة تتفكك إلى الأجزاء المكونة لها. وفي غضون أشهر قليلة لم أصبح خارج الكتلة من حيث المبدأ فقط، بل وتنظيميا أيضا» (دفاعا عن الماركسية، الصفحة 141)

هكذا يكشف تروتسكي بشكل مباشر وبنزاهة، أخطائه ويشرحها. ليست لجونستون، بطبيعة الحال، أي مصلحة في ترك تروتسكي يتحدث عن نفسه، بل فقط اقتطاع عبارات معزولة ("مرض التوفيقية"، "ثوري برجوازي صغير") والتي يستخدمها بطريقة غير نزيهة تماما، وستالينية تماما. إنه يحاول الخلط (الوسيلة المفضلة لمدرسة التزوير الستالينية) بين ستالين وتروتسكي، الشيء الذي يعتبر إهانة. إن "هدفه" مزدوج: تشويه اسم تروتسكي بتصويره ككاذب ومزيف يخفي عمدا خلافاته السابقة مع لينين[!]؛ ومن جهة أخرى، محاولة أكثر بشاعة لتجميل الجرائم الستالينية الدموية، المبنية على عظام وأعصاب كائنات بشرية، من خلال وضع تلك الجرائم على نفس مستوى رسالة تروتسكي إلى أولمينسكي!
يستخدم مونتي جونستون هذه الرسالة من أجل تأكيد حججه حول "معارضة تروتسكي العنيفة" للينين. ويبدو أن بعض التعبيرات التي يستخدمها تروتسكي تؤكد ما يدعيه جونستون. لكن الاستشهاد بالرسالة كاملة تؤكد ما كتبه تروتسكي لأولمينسكي، حول أن القارئ لن يفهم الظروف التي تمت كتابة هذه الرسالة فيها، وأنه سوف يخرج باستنتاجات خاطئة، أي بالضبط نفس الاستنتاجات الخاطئة التي يحاول مونتي جونستون أن يقنع قرائه بها اليوم.
متى كتب تروتسكي هذه الرسالة ولماذا؟ يشرح تروتسكي بنفسه هذا في كتابه "حياتي":
اقتباس :
«لقد نشرت رسالتي ضد لينين إلى شخيدزه خلال هذه الفترة. يعود تاريخ تلك الرسالة إلى ابريل 1913، وسببها هو أن الجريدة الرسمية للبلاشفة التي كانت تصدر في سان بطرسبرغ أخذت عنوان جريدتي التي كنت أصدرها من فيينا، "برافدا- جريدة عمالية". وقد أدى ذلك إلى واحدة من تلك الصراعات الحادة الكثيرة الحدوث في حياة المنفيين. وفي رسالة خطية إلى شخيدزه، الذي وقف مرة بين البلاشفة والمناشفة، نفست عن غضبي على القيادة البلشفية وعلى لينين. بعد مرور أسبوعين أو ثلاثة كنت بدون شك سأخضع رسالتي لتنقيح كامل، أما بعد مرور سنة أو سنتين فقد صارت تبدو لي غريبة. لكن كان لتلك الرسالة مصير غريب. فقد تم اعتراضها من قبل الشرطة وبقيت في محفوظات الشرطة حتى اندلاع ثورة أكتوبر، حيث ذهبت إلى معهد تاريخ الحزب الشيوعي. كان لينين يعرف جيدا هذه الرسالة؛ وقد كانت تبدو له كما هو الحال بالنسبة إلي، من "بقايا ثلوج الأمس" لا أكثر. لقد كتبت الكثير من الخطابات من مختلف الأنواع خلال سنوات المنفى! وفي عام 1924، أخرج رجال الصف الثاني تلك الرسالة من الأرشيف ورموا بها في وجه الحزب، الذي كان ثلاثة أرباع أعضائه آنذاك منخرطين جدد. ولم يكن من قبيل المصادفة أن الوقت الذي تم اختياره لهذا هو الأشهر القليلة مباشرة بعد وفاة لينين. كان هذا شرطا ضروريا لسببين: ففي المقام الأول، لم يعد في إمكان لينين أن ينهض ويسمي هؤلاء السادة بأسمائهم الحقيقية، وفي المقام الثاني، كانت جماهير الشعب غارقة في الحزن على وفاة زعيمها. ولا تملك أي علم عن ماضي الحزب. قرأ الناس تصريحات تروتسكي المعادية للينين وتفاجئوا. صحيح أن تلك الملاحظات كتبت قبل اثني عشر عاما، لكن لا معنى للتسلسل الزمني أمام الاقتباسات العارية. إن الاستغلال الذي قام به رجال الصف الثاني لرسالتي إلى شخيدزه هو واحد من أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ العالم. إن الوثائق المزورة التي استعملها الرجعيون الفرنسيون في قضية دريفوس ليست شيئا بالمقارنة مع سياسة التزوير التي ارتكبها ستالين ورفاقه.» ("حياتي"، صفحات 515- 516)

إن استخدام الستالينيين لهذه الرسالة هو مجرد واحد من أمثلة لا تحصى عن الأسلوب الخسيس الذي طوروه إلى درجة عالية من الإتقان. يمكننا القول إن الكثير من التعابير المستخدمة في تلك الرسالة، والتي يستغلها مونتي جونستون بشكل كبير، حادة وخاطئة. لكن هناك فرق كبير جدا بين كلمات قيلت في لحظة غضب مفاجئ أو في حرارة الجدل، وبين الافتراءات المدروسة والخبيثة التي يلجأ إليها الستالينيون بدم بارد. يرفع مونتي جونستون يديه بسخط ورع ضد عمليات التطهير الستالينية. لكنه لا يتردد في الرجوع إلى التزوير الذي طبخ من قبل زمرة ستالين وزينوفييف وكامينيف، بعد وفاة لينين. إن مونتي جونستون بترديده لهذه الأكاذيب والتزوير الخبيث، يكون بعيدا عن القطيعة مع أساليب ستالين، بل يعيد بعثها في ثوب جديد وبشكل أكثر "احتراما". لكنها ليست مختلفة مطلقا.
ليست "قضية" مونتي جونستون ضد تروتسكي جديدة ولا هي أصيلة. إنه فقط يغير افتراءات الثلاثينات القذرة التي انفضحت حول "تروتسكي الفاشي"، بالافتراءات "الخفية" السياسية المزعومة التي تعود إلى الفترة الأولى من صعود البيروقراطية في الاتحاد السوفياتي، في 1924-1929. في ذلك الوقت كانت أحداث أكتوبر 1917 ما تزال ماثلة في أذهان الناس مما يجعل من المستحيل توجيه الاتهام فورا إلى تروتسكي بأنه عميل للإمبريالية الألمانية، وإلى بوخارين بمحاولة اغتيال لينين في عام 1918. بدلا من ذلك، تم تشجيع المؤرخين المأجورين السوفييت على التنقيب في الأرشيفات، لإيجاد نفس الحجج بالضبط حول "معارضة تروتسكي العنيفة" للحزب البلشفي التي يستعملها مونتي جونستون الآن باعتبارها مساهمته الفريدة في العلوم التاريخية. وبما أن مونتي جونستون لم يضف شيئا إلى تلك الافتراءات المنافقة التي قيلت قبل أربعين عاما، فمن المناسب السماح لتروتسكي بالدفاع عن نفسه، تماما كما فعل في رسالته إلى مكتب تاريخ الحزب في عام 1924:
اقتباس :
«كما سبق لي أن ذكرت عدة مرات، خلال خلافاتي مع البلشفية حول سلسلة من المسائل الأساسية، كان الخطأ في جانبي. للإشارة، بشكل تقريبي ومختصر، إلى طبيعة ومدى خلافاتي السابقة تلك مع البلشفية، سوف أقول ما يلي: خلال ذلك الوقت الذي وقفت فيه خارج الحزب البلشفي، وخلال تلك الفترة التي وصلت فيها خلافاتي مع البلشفية إلى أعلى مستوى لها، لم تكن أبدا المسافة التي تفصل بين وجهة نظري وبين وجهة نظر لينين أكبر من المسافة التي تفصل بين الموقف الحالي لستالين وبوخارين وبين أسس الماركسية واللينينية.»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مدرسة ستالين والتزوير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المصـــــــــــراوية :: المنتدى العام :: قسم التاريخ العام والشخصيات التاريخية-
انتقل الى: