اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
موضوع: ما أنزل الله من داء الا ولة دواء الثلاثاء 27 يناير 2015 - 11:11
قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، كتاب الطب ) كذا لهم ، إلا النسفي فترجم " كتاب الطب " أول كفارة المرض ولم يفرد كتاب الطب ، وزاد في نسخة الصغاني " والأدوية " . والطب بكسر المهملة وحكى ابن السيد تثليثها . والطبيب هو الحاذق بالطب ، ويقال له أيضا طب بالفتح والكسر ومستطب وامرأة طب بالفتح ، يقال " استطب " تعاطى الطب و " استطب " استوصفه ، ونقل أهل اللغة أن الطب بالكسر يقال بالاشتراك للمداوي وللتداوي وللداء أيضا فهو من الأضداد ، ويقال أيضا للرفق والسحر ، ويقال للشهوة ولطرائق ترى في شعاع الشمس وللحذق بالشيء ، والطبيب الحاذق في كل شيء ، وخص به المعالج عرفا ، والجمع في القلة أطبة وفي الكثرة أطباء . والطب نوعان : طب جسد وهو المراد هنا ، وطب قلب ومعالجته خاصة بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام عن ربه سبحانه و - تعالى - . وأما طب الجسد فمنه ما جاء في المنقول عنه - صلى الله عليه وسلم - ومنه ما جاء عن غيره ، وغالبه راجع إلى التجربة . ثم هو نوعان : نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر بل فطر الله على معرفته الحيوانات ، مثل ما يدفع الجوع والعطش . ونوع يحتاج إلى الفكر والنظر كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال ، وهو إما إلى حرارة أو برودة ، وكل منهما إما إلى رطوبة ، أو يبوسة ، أو إلى ما يتركب منهما . وغالب ما يقاوم الواحد منهما بضده ، والدفع قد يقع من خارج البدن وقد يقع من داخله وهو أعسرهما . والطريق إلى معرفته بتحقق السبب والعلامة ، فالطبيب الحاذق هو الذي يسعى في تفريق ما يضر بالبدن جمعه أو عكسه ، وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه ، ومدار ذلك على ثلاثة أشياء : حفظ الصحة ، والاحتماء عن المؤذي ، واستفراغ المادة الفاسدة . وقد أشير إلى الثلاثة في القرآن : فالأول من قوله - تعالى - فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وذلك أن السفر مظنة النصب وهو من مغيرات الصحة ، فإذا وقع فيه الصيام ازداد فأبيح الفطر إبقاء على الجسد . وكذا القول في المرض الثاني وهو الحمية من قوله - تعالى - : ولا تقتلوا أنفسكم فإنه استنبط منه جواز التيمم عند خوف استعمال الماء البارد . والثالث من قوله - تعالى - : أو به أذى من رأسه ففدية فإنه أشير بذلك إلى جواز حلق الرأس الذي منع منه المحرم لاستفراغ الأذى الحاصل من البخار المحتقن في الرأس . وأخرج مالك في " الموطأ " عن زيد بن أسلم مرسلا " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلين : أيكما أطب ؟ قالا : يا رسول الله وفي الطب خير ؟ قال : أنزل الداء الذي أنزل الدواء " .
e]ص: 141 ] قوله : ( باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) كذا للإسماعيلي وابن بطال ومن تبعه ، ولم أر لفظ " باب " من نسخ الصحيح إلا للنسفي .
قوله ( أبو أحمد الزبيري ) هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي ، نسب لجده وهو أسد من بني أسد بن خزيمة ، فقد يلتبس بمن ينسب إلى الزبير بن العوام لكونهم من بني أسد بن عبد العزى ، وهذا من فنون علم الحديث وصنفوا فيه الأنساب المتفقة في اللفظ المفترقة في الشخص . وقد وقع عند أبي نعيم في الطب من طريق أبي بكر وعثمان بن أبي شيبة " قالا حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي أبو أحمد الزبيري " وعند الإسماعيلي من طريق هارون بن عبد الله الحمال " حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري " .
قوله : ( عن أبي هريرة ) كذا قال عمر بن سعيد عن عطاء ، وخالفه شبيب بن بشر فقال " عن عطاء عن أبي سعيد الخدري " أخرجه الحاكم وأبو نعيم في الطب ورواه طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس ، هذه رواية عبد بن حميد عن محمد بن عبيد عنه ، وقال معتمر بن سليمان " عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة " أخرجه ابن عاصم في الطب وأبو نعيم ، وهذا مما يترجح به رواية عمر بن سعيد .
قوله : ( ما أنزل الله داء ) وقع في رواية الإسماعيلي من داء و " من " زائدة ، ويحتمل أن يكون مفعول أنزل محذوفا فلا تكون من زائدة بل لبيان المحذوف ، ولا يخفى تكلفه .
قوله : ( إلا أنزل له شفاء ) في رواية طلحة بن عمرو من الزيادة في أول الحديث يا أيها الناس تداووا " ووقع في رواية طارق بن شهاب عن ابن مسعود رفعه إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا وأخرجه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم ، ونحوه للطحاوي وأبي نعيم من حديث ابن عباس ، ولأحمد عن أنس إن الله حيث خلق الداء خلق الدواء ، فتداووا وفي حديث أسامة بن شريك " تداووا يا عباد الله ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، إلا داء واحدا الهرم " أخرجه أحمد والبخاري في " الأدب المفرد " والأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم ، وفي لفظ إلا السام بمهملة مخففة يعني الموت . ووقع في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود نحو حديث الباب في آخره " علمه من علمه وجهله من جهله " أخرجه النسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم . ولمسلم عن جابر رفعه لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله - تعالى - ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا ، ولا تداووا بحرام " وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالإنزال في حديث الباب وهو إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي - صلى الله عليه وسلم - مثلا ، أو عبر بالإنزال عن التقدير . وفيها التقييد بالحلال فلا يجوز التداوي بالحرام . وفي حديث جابر منها الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله ، وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية أو الكمية e]ص: 142 ] فلا ينجع ، بل ربما أحدث داء آخر . وفي حديث ابن مسعود الإشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد ، وفيها كلها إثبات الأسباب ، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وبتقديره ، وأنها لا تنجع بذواتها بل بما قدره الله - تعالى - فيها ، وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك ، وإليه الإشارة بقوله في حديث جابر " بإذن الله " فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته . والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب ، وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك ، وسيأتي مزيد لهذا البحث في " باب الرقية " إن شاء الله - تعالى - . ويدخل في عمومها أيضا الداء القاتل الذي اعترف حذاق الأطباء بأن لا دواء له ، وأقروا بالعجز عن مداواته ، ولعل الإشارة في حديث ابن مسعود بقوله وجهله من جهله إلى ذلك فتكون باقية على عمومها ، ويحتمل أن يكون في الخبر حذف تقديره : لم ينزل داء يقبل الدواء إلا أنزل له شفاء ، والأول أولى . ومما يدخل في قوله جهله من جهله " ما يقع لبعض المرضى أنه يتداوى من داء بدواء فيبرأ ثم يعتريه ذلك الداء بعينه فيتداوى بذلك الدواء بعينه فلا ينجع ، والسبب في ذلك الجهل بصفة من صفات الدواء فرب مرضين تشابها ويكون أحدهما مركبا لا ينجع فيه ما ينجع في الذي ليس مركبا فيقع الخطأ من هنا ، وقد يكون متحدا لكن يريد الله أن لا ينجع فلا ينجع ، ومن هنا تخضع رقاب الأطباء ، وقد أخرج ابن ماجه من طريق أبي خزامة وهو بمعجمة وزاي خفيفة " عن أبيه قال : قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به هل يرد من قدر الله شيئا ؟ قال : هي من قدر الله - تعالى - " والحاصل أن حصول الشفاء بالدواء إنما هو كدفع الجوع بالأكل والعطش بالشرب ، وهو ينجع في ذلك في الغالب ، وقد يتخلف لمانع والله أعلم . ثم الداء والدواء كلاهما بفتح الدال وبالمد ، وحكي كسر دال الدواء . واستثناء الموت في حديث أسامة بن شريك واضح ، ولعل التقدير إلا داء الموت ، أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت . واستثناء الهرم في الرواية الأخرى إما لأنه جعله شبيها بالموت والجامع بينهما نقص الصحة ، أو لقربه من الموت وإفضائه إليه . ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا والتقدير : لكن الهرم لا دواء له ، والله أعلم .