في مثل هذا اليوم 28 من شهر مارس 1959 استشهد عقيد
الولاية الثالثة الشهيد عميروش وعقيد الولاية السادسة الشهيد سي الحواس
اللذان سقطا في ميدان الشرف بجبل ثامر بمنطقة بوسعادة بعد اشتباك عنيف مع
فيالق الجيش الفرنسي شاركت بقواتها البرية والجوية. سقوط عميروش والحواس
كان ثمنه الاستقلال وعيد النصر ثلاثة سنوات بعد استشهادهما
رحم الله الشهداء
سي عميروش ولد العقيد عميروش آيت حمودة يوم 31 أكتوبر 1926 بقرية تاسافت أوقمون إحدى
قرى جبال جرجرة حيث شب وترعرع في أحضان الطبيعة، إنضم إلى حركة إنتصار
الحريات الديمقراطية بمدينة غليزان أين كان يشتغل في إحدى المتاجر إلى جانب
النشاط السياسي المتمثل في توزيع المناشير وتبليغ التعليمات والدعاية
للحركة وجمع الاشتراكات.كان نشاطه مكثفا وملحوظا مما جعل السلطات الفرنسية
تعتقله مرتين الأولى سنة 1947 والثانية سنة 1948 فأذاقته شتى أنواع الإهانة
والتعذيب بعدما ضاقت به السبل سافر إلى فرنسا سنة 1950 لمزاولة نشاطه
السياسي ، وقبل اندلاع الثورة التحريرية بشهرين عاد إلى أرض الوطن ليلتحق
باخوانه المجاهدين بناحية عين الحمام(ميشلي) سابقا ، مع بداية تجنيده أبدى
عميروش قدرة كبيرة في تنظيم الجهاد مما جعله يتدرج في المسؤوليات بدأ
بمسؤول ناحية عين الحمام بعد إستشهاد قائدها الأول ثم مسؤول ناحية القبائل
الصغرى أين تمكن في ظرف وجيز من إرساء النظام الثوري وتكوين الخلايا في
القرى والمداشر.
مع نهاية سنة 1955 إرتقى عميروش إلى رتبة ملازم ثاني ، وتمكن من مواجهة كل
المخططات التي رسمها العدو ومن أشهرها عملية الأمل والبندقية التي كانت من
أولى العمليات التي أنتجتها عبقرية روبير لاكوست. مرة أخرى برزت شجاعة
عميروش ومدى تحديه للمستعمر فرغم محاصرة المنطقة بأكثر من 60 ألف عسكري إلا
أنه بذل مجهودات جبارة لعقد مؤتمر الصومام ، فكثف من العمليات العسكرية في
الأماكن المجاورة لتضليل العدو ، كما أعد خمس كتائب وجهزها بالأسلحة لتشرف
مباشرة على أمن المؤتمرين إلى جانب الإستعانة بالمسبلين والمواطنين. في
ربيع سنة 1957 قام بمهمة إلى تونس إلتقى خلالها بقادة الثورة هناك ، واتصل
ببعض المسؤولين في الولايات ( الأولى ، الثانية) كان من بينهم سي الحواس.
وفي صائفة سنة 1957 تم تعيينه قائد الولاية الثالثة بعد أن التحق كل من كريم بلقاسم ومحمدي السعيد بلجنة التنسيق والتنفيذ بتونس.
بعد إجتماع العقداء سنة 1958.وبعد مناقشة أمور الثورة كلف العقيد عميروش
وزميله سي الحواس بمهمة الإتصال بالقيادة بتونس ، وتنفيذا لتلك المهمة
إلتقى عميروش سي الحواس و إتجها إلى نواحي بوسعادة وفي يوم 29 مارس 1959
وقع العقيدين في اشتباك عنيف مع قوات العدو استشهدا فيه معا بجبل ثامر
سي الحواس العقيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة "سي الحواس" من مواليد سنة : 1923 بمشونش
إحدى قرى الأوراس. نشأ بمسقط رأسه وسط عائلة ميسورة الحال مقارنة بالظروف
الصعبة في تلك الفترة ، تعلم اللغة والفقه بعدما حفظ ما تيسر من القرآن
الكريم على يد والده بزاوية أجداده.في سنة : 1937 توفي والده فامتهن
التجارة التي كانت السبب في تنقلاته ،ومكنته من الإحتكاك بأبرز أعضاء
الحركة الوطنية مثل العربي بن مهيدي ، محمد الشريف سعدان ومصطفى بن بولعيد.
بدأ نشاطه السياسي في حركة إنتصار الحريات الديمقراطية، عندما أدركت
السلطات الفرنسية خطورة و فعالية نشاطه بدأت تترصد تحركاته مما أدى به
للسفر إلى فرنسا لدعم نشاط الحركة الوطنية بالخارج.
مع فجر الثورة إلتحق سي الحواس بالرعيل الأول وبعد أيام قلائل كلف بالذهاب
إلى فرنسا لتبليغ العمال المهاجرين أنباء الثورة وأهدافها وذلك لتكذيب ما
كتبته وسائل الإعلام الفرنسية في تشويه حقائق الثورة. عاد إلى أرض الوطن في
ربيع سنة 1955 ملتحقا بصفوف جيش التحرير الوطني وقد زود المجاهدين بكمية
معتبرة من الألبسة وبعض الإحتياجات ومبلغ مالي هام. وفي شهر سبتمبر 1955
وبقرار من قادة الأوراس انتقل إلى الصحراء للعمل على توسيع رقعة الثورة في
تلك المنطقة الصعبة ، تمكن سي الحواس في جانفي 1957 من الإلتقاء بعميروش
حيث تمت دراسة كيفية تطبيق قرارات المؤتمر وبعد ذلك عقد سي الحواس بمنطقته
إجتماعا لإطاراته أبلغهم بقرارت المؤتمر.
عاد سي الحواس من تونس في شهر جوان 1957 وهو يحمل رتبة ضابط ثاني قائد
المنطقة الثالثة للولاية الأولى ، وبعد مدة قصيرة ترقى إلى رتبة صاغ أول
بالولاية ، وبعد وفاة علي ملاح عين قائدا للولاية السادسة .في أوائل شهر
نوفمبر 1958 حضر سي الحواس الإجتماع التاريخي المعروف بمؤتمر العقداء وبعد
دراسة الوضعية العامة للثورة في الداخل والخارج كلف العقيد سي الحواس
وعميروش بالقيام بمهمة الإتصال بقيادة الثورة المتواجدة بالخارج. تنفيذا
لتلك المهمة قدم العقيد عميروش في شهر مارس 1959 من الولاية الثالثة و
إلتقى بزميله سي الحواس نواحي بوسعادة.وفي يوم 29 مارس 1959 بجبل ثامر وقع
القائدان في الإشتباك الذي تحول إلى معركة ضارية استشهدا فيها معا