هل تمنيت يوما أن تكون إحدى العرائس المتحركة كالتي لا نزال نشاهدها ونستمتع بها في أوبريت «الليلة الكبيرة» للراحلين صلاح جاهين، وسيد مكاوي، وأن تتلمس الفضاء من حولك، وأنت تتحرك بواسطة بعض الخيوط الرفيعة، بعضها يشدك لأعلى، وبعضها يجذبك للأسفل، وبعضها يطوحك يمينا ويسارا، كأنك في أرجوحة..؟ الآن يمكنك أن تكون بملامحك وملابسك وروح شخصيتك عروسة متحركة، تصنعها لك خصيصا الفنانة سارة البطراوي، التي تعشق العرائس المتحركة وترغب في تغيير الاستخدام النمطي لها كدمى في مسرح العرائس، إلى وسيلة جديدة ومميزة جدا تفرح الصغار والكبار معا.
عن فكرتها تقول البطراوي: «أحب العرائس جدا منذ الصغر كأي فتاة، ولكنني كنت أشعر دائما أن العروسة يمكن من خلالها أن يعبر الإنسان عما بداخله، فهي نسخة مصغرة من كل واحد فينا، كما أن لها (كاريزما) خاصة تجذب الصغار والكبار. ومن حبي للعرائس عندما تخرجت في كلية التربية الفنية، عملت في مسرح (ساقية الصاوي) للعرائس المتحركة (الماريونت)، وفي مسرح (الساقية) بدأت أتعلم كيفية صناعة هذه العرائس، كما التحقت بورشة عمل في (الساقية) لتعلم عرائس العصا، وذلك على يد اثنين من فناني العرائس الألمان.» تتابع: «من شغفي وحبي بالعرائس، بدأت أبحث على الإنترنت عن الجديد في عالم العرائس المتحركة، واكتشفت أننا في مصر لا نزال مبتدئين جدا في هذه الصناعة، ففي الخارج هناك أنواع كثيرة من العرائس، فقررت أن أطور من نفسي، وأن أعلم نفسي بنفسي من خلال القراءة والبحث على الإنترنت، لأنني أرغب في عمل نهضة في فن صناعة العرائس المتحركة بمصر».
عملت سارة على تطوير قدراتها في صناعة العرائس، ومن متابعتها لعالم العرائس حول العالم عرفت نوعا جديدا من العرائس المتحركة، وهو «العرائس العملاقة»، وتستخدم في الخارج في المهرجانات والمظاهرات، وعنها تقول: «أعجبتني فكرة العروسة العملاقة، وقررت تجربة الفكرة، وصنعت عروسة طولها 2 متر على شكل رجل فضاء، وتحتاج إلى خمسة أشخاص لتحريكها، وعرضتها في مهرجان (الكوربة) بضاحية مصر الجديدة العام الماضي، وأطلقت عليها اسم (كوربي) نسبة للمهرجان، ولاقت إقبالا شعبيا كبيرا، وتهافت رواد المهرجان على التقاط الصور معها، والاشتراك في تحريكها، مما شجعني كثيرا ودفعني للعمل على تطوير مهاراتي أكثر».
تضيف فنانة العرائس: «أردت أن أوسع مجالات استخدام العرائس المتحركة، وأن أجعل لها استخداما آخر في حياتنا بعيدا عن الاستخدام النمطي لها في مسرح العرائس، وفكرت في أن أجعل من العرائس المتحركة هدية شخصية مميزة في أعياد الميلاد والمناسبات الخاصة، فالفكرة ببساطة أنني أقوم بتصنيع، لمن يرغب من الأشخاص، عروسة تشبهه أو تشبه أي شخصية هو يحبها سواء حقيقية أو كرتونية، وتكون هذه العروسة هدية مميزة ومبتكرة تخص صاحبها فقط، ولا يمكن إيجادها مع أحد غيره لأنها تشبهه، وبالفعل وجدت الفكرة إقبالا كبيرا، وأحدث فكرة نفذتها كانت لعروسة وعريس طلبا مني عمل عروستين متحركتين لهما لوضعهما في حفل زفافهما، وقد لاقت صدى جذابا ومشجعا من جمهور الحفل».
وعن الخامات المستخدمة في صناعة العرائس، تشرح سارة: «هناك خامات كثيرة يمكن استخدامها في نحت وتشكيل العروسة، مثل الفوم والخشب وعجينة الورق والصلصال، ولكنني أفضل العمل بالفوم والخشب، رغم أنها أصعب، لأن ما يتم حذفه لا يمكن إعادته مرة أخرى، لذا فالعمل يحتاج إلى دقة ومهارة عاليتين.» تدرس سارة الشخصية قبل تحويلها إلى عروسة متحركة، من خلال رؤية عدة صور للوجه من كل الاتجاهات، فتقول: «العروسة عبارة عن وجه، لذا يجب أن أدرس وجه الشخصية جيدا وملامحها، وأعرف طريقة ملابسها حتى أصل لروح الشخصية وأبثها في العروسة، ليشعر من يراها بأنها حقيقية.» حجم العروسة متروك لصاحبها، فبحسب سارة: «من الممكن صناعة العروسة بأي حجم، ولا يشترط أن تكون عروسة بخيوط (ماريونت) فهي أكثرهم شهرة، ولكن هناك أنواع أخرى كثيرة من العرائس المتحركة، مثل عرائس العصا «Stick Puppet»، وهي عروسة بالحجم الطبيعي للإنسان حتى منطقة الخصر، ويتم تركيب الوجه والملابس على عصا، وهناك «Jacket Puppet»، وهي عروسة يتم ارتداؤها مثل الجاكيت، وهي غير معروفة هنا في مصر».
تطمح سارة إلى أن تمتلك مسرحا للعرائس متحركا يكون بمثابة كتاب مفتوح لكل أنواع العرائس المتحركة، وأن تستطيع ابتكار أساليب تحريك جديدة، وأفكار عرائس مبتكرة، كما تفكر في تنظيم ورش عمل لتعليم فن تصنيع وتحريك العرائس لتخرج جيلا قادرا على تكوين فرق مستقلة تستطيع منافسة التطور الدائم لهذا الفن في الخارج، وفي الوقت نفسه تضفي بسمة رائقة على الوجوه.