ا
تكار مسرح الدمى ولّدته الحاجة إلى وسيلة تعبير شعبية تنفذ إلى قلوب العامة وعقولهم، بما يتواءم مع ثقافتهم ووعيهم.
إهتم الإنسان بالدمى المتحرّكة منذ القدم.هي فنّ قديم، عرفه اليونانيون القدامى، وأقدم سجلاته المدوّنة ورد في أعمال هيرودوت وكزينوفون (من القرن الثامن قبل الميلاد) وذكره أرسطو ولاحقاً أفلاطون. للدمى المتحرّكة ثلاثة أنواع رئيسة:
• الدمى المتحركة بالخيوط (العرائس)
• الدمى المتحركة بالعصيّ
إستخدم المصريون القدامى الدمى المتحرّكة بالخيوط، في الألف الثاني قبل الميلاد، خلال احتفالاتهم وتعبيراً عن عاداتهم وطقوسهم. كانت العروس تُصنع من الخشب كما وجد المنقِّبون في المقابر المصرية دمى مصنوعة من الطين والعاج ذات أذرع وأرجل متحرّكة.
الدمية العروس أو ما يُعرف بـ”الماريونيت”، يتم تشغيلها من أعلى المسرح بأسلاك أو سلاسل عمودية أو أفقية في أشكال مختلفة. والبراعة تحريك خيوط تتّصل بأعضائها المتعدّدة (بخلاف دمى خيال الظلّ)، ويكون جسم الدمية أسطوانياً وليس على شكل رقائق. لباس الدمى يتوافق مع شخصيتها في القصة، وهي ذات وجهٌ معبّر وشَعر أو منديل رأس أو قبّعة. ويكون شكل العروس جذّاباً يُثير الإنتباه ما يجعل الجمهور يتواصل بانسيابٍ مع العرض.
سيناريو عروض دمى “الماريونيت” بسيط يروي حكاية شخصيات من العرائس لا شخصيات بشرية. وطريقة تقديم هذه المسرحيات ذات ذكاء وإبداع تعتمد على حركات خفية. مقدّم القصة التمثيلية يختفي خلف الستارة في الظلام ويُحرّك اللعب بالخيوط مردّداً عبارات تنطبق على الحركة.
إضافة إلى التسلية يعكس مسرح العرائس قيماً ومبادئ إيجابية ورسائل لتغيير السلوك السلبي من خلال حكاية مبسّطة. والقصة ذات عناصر جذب تتناسب ومستوى الجمهور، وتحمل غالباً رسالة أو فكرة تعتمد الحوار والمعلومات وتُنمّي القدرات الإبداعية والمواهب خصوصاً عند الأطفال، وتساعد على اكتساب مهارات التواصل، الحديث والإنصات للآخرين.
ويعتمد مسرح دمى العرائس على عناصر عدة، منها: الجذب والإقناع، التشويق والخيال، الطرافة والبساطة. وأحياناً يتمّ إشراك المشاهدين في الحوار بأسئلة تُثير ذهنهم وتُناقشهم في قرارات تتّخذها العروس وفي أحداث وتصرّفات، وقد يُطلَبُ إليهم تصحيح أخطاء ونصح صاحبها. وتختلف أصوات الممثّلين بحسب الدور الذي يؤدّونه لذا يتكلّم محركّو الدمى من حناجرهم أو أنوفهم فينحف صوتهم أو يعرض كي يجذبوا المشاهد. وفي الماضي كان محرّكو الدمى ًيستخدمون زمّــارات مختلفة الأطوال والأحجام لإخراج أصوات متميزة عن الأصوات العادية، وكل هذا لشَدّ انتباه المشاهد إلى ما يجري على المسرح.
اليوم ومع تطوّر فكرة الدمى المتحركة بأنواعها المختلفة وانتشارها حول العالم ، باتت تُستخدم في البرامج التلفزيونية كما في السينما.