الحمد لله رب العالمين، اللهم باسمِك نبتدِي وبهديِك نهتدِي، وبك يا مُعين نسترشِدُ ونستعين، نسألُك أن تكحَلَ بنور الحق بصائرَنا، وأن تجعلَ إلى رِضاك مصائِرَنا، نحمدُك على أن سدَّدتَ على جادَّة الدين خُطواتنا، وثبَّتَّ على صِراط الحق أقدامَنا، ونُصلِّي ونُسلِّم على نبيِّك الذي دعا إليك على بصيرةٍ، وتولَّاك فكنتَ وليَّه ونصيرَه، وعلى آله المُتَّبعين لسُنَّته، وأصحابه المُبيِّنين لشريعته.
اللهم يا وليَّ المؤمنين تولَّنا، وخُذ بنواصِينا إلى الحق، واجعل لنا في كل غاشيةٍ من الفتنة رِداءً من السَّكينة، وفي كل داهِمةٍ من البلاءِ دِرعًا من الصَّبر، وفي كل داجِيةٍ من الشكِّ علمًا من اليقين، وفي كل نازِلةٍ من الفَزَع واقِيَةً من الثَّبات، وفي كل ناجِمةٍ من الضَّلال نورًا من الهداية، ومع كل طائفٍ من الهوَى رادِعًا من التقوى، وفي كل عارِضٍ من الشُّبهة لائِحًا من البُرهان، وفي كل مجهَلةٍ من الباطلِ معالِمَ من الحق واليقين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرَّد بالخلق والحُكم، ما شاءَ كانَ وما لم يشَأ لم يكُن، لا تتحرَّك ذرَّةٌ إلا بإذنه، والخلقُ مقهورون تحت قبضَته، ما من قلبٍ إلا وهو بين أُصبعين من أصابِعه إن شاءَ أقامَه وإن شاءَ أزاغَه، فهو الذي آتى نفوسَ المؤمنين تقواهَا، وهو الذي هداها وزكَّها، وألهَمَ نفوسَ الزائِغين فُجورَها وأشقاهَا.
يهدِي من يشاءُ بفضلِه ورحمتِه، ويُضِلُّ من يشاءُ بعدلِه وحِكمته، هذا فضلُه وعطاؤُه، وما فضلُ الكريمِ بممنون، وهذا عدلُه وقضاؤُه لا يُسألُ عما يفعلُ وهم يُسألُون.
وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانَة، ونصحَ الأمة، وتركَنا على البيضاء ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هالِك، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وراقِبُوه، وأطيعُوا أمرَه ولا تعصُوه، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].
أيها المسلمون:
حين أرادَ الله بالبشرية الخيرَ بعثَ فيها النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وأنزلَ عليه القرآن؛ فهدَى به من الضلالة، وبصَّر به من العَمَى، وأخرجَ الناسَ من الظلمات إلى النور، فقامَت حضارةٌ، وسادَت أُمم، ونهَضَت شُعوب، وما تمَّ ذلك - بعد توفيق الله - إلا بوَقودٍ تُشحَذُ به الطاقات، ودافعٍ تتغذَّى به الهِمَمُ وتقوَى الإرادات؛ إنه وَقودُ الإيمان، ودافعُ العقيدة.
إيمانٌ صنَع جيلاً لم تعرفِ الدنيا مثلَه، وحضارةٌ لم يهنَأ العالَمُ بمثلِها، عملٌ وجِدٌّ وبِناء، وخُلُقٌ ورُقِيٌّ ومرحَمَة، وجهادٌ وفتحٌ للقلوب والبصائر، وعدلٌ وسِع الدنيا، ومع ذلك كلِّه عزمٌ يدُكُّ الجبال، وثباتٌ يُوازِي الرَّواسِي، ونصرٌ وعِزَّةٌ وكرامةٌ. إنه الإيمانُ الذي يصنعُ المُعجِزات.
العقائِدُ والتصوُّرات، والإيمانُ واليقين أسلحةٌ لا قِبَلَ لجيُوش الأرض بها، وعَتادٌ لا طاقةَ للمُحارِبين بمُواجَهَته، وقد جاءَ في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾ [الأنفال: 65]، ومعلومٌ أن غلبَتَهم بشيءٍ وقَرَ في القلبِ لا تُقاوِمُه العُدَدُ ولا العَدَدُ.
أيها المسلمون:
الإيمانُ الصادقُ خيرُ ما أضمرَ الإنسانُ، وأفضلُ ما أظهَر، والإيمانُ ليس مُجرَّد كلمةٍ تُقال، ولكنَّه مع ذلك إحساسٌ بجلالِ الله، وخُشوعٌ لعظَمته، وانقِيادٌ لأمره، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2].
الإيمانُ مشاعِرُ نبيلة، وصفاتٌ كريمةٌ، وعقلٌ مُستقيمٌ، وضميرٌ حيٌّ، وشِفاءٌ من كل عِلَل النفوس وأدوائِها، الإيمانُ تصديقٌ وعملٌ، ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7].
الإيمانُ يقينٌ يسكُنُ الأعماقَ، ومعرفةُ الله لها ذوقٌ حُلوٌ يطبعُ النفوسَ على النُّبْلِ والتسامِي، ويُصفِّي النفوسَ من كَدَرها، إنه شوقٌ إلى الله، ومُسارعةٌ إلى مرضاتِه.
الإيمانُ ينفَحُ القلبَ نورًا، ويملأُ الصدورَ سُرورًا، وأيُّ إيمانٍ فوق الطُّمأنينة بالله والرُّكون إليه، وامتلاءِ القلب به وحده دون سِواه؟
أصحُّ القلوبِ وأسلمُها، وأقومُها وأرقُّها، وأصفَاها وأقواها وأليَنُها من اتَّخَذ اللهَ وحدَه إلهًا ومعبُودًا، وأخلصَ القلبَ له دون سِواه، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125].
وإسلامُ الوجهِ لله هو إقبالُ العبدِ بكلِّيَّته على الله وإعراضُه عمَّن سِواه، والخُضوع لإرادتِه، والتذلُّل لعظمَته وكبريائِه، والإيمانُ بوحدانيَّته وشريعته، وبه يكونُ كمال الإيمان وتمامُه.
الإيمانُ جعلَ نبيَّ الله هُودًا يقول لقومِه: ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ﴾ [هود: 55، 56].
وحين وقفَ موسى - عليه السلام - أمام البحر، وخلفَه فرعون وجيشُه، وتراءَى الجَمعان، ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62].
الإيمانُ جعلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو في مرمَى بصر المُشرِكين: «يا أبا بكر! ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالِثُهما».
قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومتى وصلَ اليقينُ إلى القلبِ امتلأَ نورًا وإشراقًا، وانتفَى عنه كلُّ ريبٍ وشكٍّ، وسُخطٍ وهمٍّ وغمٍّ، فامتلأَ محبَّةً لله، وخوفًا منه، ورِضًا به، وشُكرًا له، وتوكُّلاً عليه، وإنابةً إليه".
وفي قول الله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، قال - رحمه الله -: "التسليمُ هو الخلاصُ من شُبهةٍ تُعارِضُ الإيمانَ بالخبر، أو شَهوةٍ تُعارِضُ أمرَ الله، أو سُخطٍ يُعارِضُ القضاءَ والقدَر".
أيها المسلمون:
الإيمانُ يصنعُ المواقِفَ كما يصنعُ الرِّجال، الإيمانُ وَقودُ الهِمَم كما هو رُوحُ الأُمم، وبه بلغَ الصحابةُ - رضي الله عنهم - بالإسلام ما بلَغوا، وعطَّرَت سيرتُهم ومسيرتُهم ذرَّات الكون، وصفَ اللهُ ثباتَ المؤمنين وقتَ المِحَن فقال: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].
ووصفَ استِسلامَهم لأحكام الشريعةِ فقال: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].
لقد بلغَ الإيمانُ واليقينُ بالصحابةِ مبلغًا صنعَ التاريخَ، في علمِهم وفقهِهم، وجهادِهم وعبادتِهم، وحُبِّهم وتعامُلهم، وبَذل مُهَجهم لله، مُستيقِنين قولَ الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ﴾ [التوبة: 111].
بلغَ بهم الإيمان أن أنسَ بن النَّضر - رضي الله عنه - يقول: "والذي نفسي بيده؛ إني لأجِدُ ريحَ الجنةِ دونَ أُحُد". قال أنسُ بن مالكٍ - راوي الحديث -: ونزلَت هذه الآية: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23]، قال: "وكنا نقولُ: أُنزِلَت هذه الآية فيه وفي أصحابِه"؛ رواه مسلم.
وهذا عُميرُ بن الحِمام - رضي الله عنه - يقولُ: "بَخٍ بَخٍ؛ ليس بيني وبين الجنة إلا أن يقتُلَني هؤلاء، لئِن بقيتُ حتى آكُلَ هذه التَّمَرات إنها لحياةٌ طويلةٌ". ثم رمَى ما في يدِه وقاتَلَ حتى قُتِل.
هذا يقينُ الصحابة - رضي الله عنهم -، فهم يرَون عالمَ الغيب أمامَهم كأنَّه عالمُ الشهادة.
ولما علِمَ المُشرِكون بخبَر الإسراء والمِعرَاج سخِرُوا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، سخِروا من أمرٍ لم تبلُغه عقولُهم، فتجهَّزَ ناسٌ من قريشٍ إلى أبي بكرٍ - رضي الله عنه -، فقالوا: هل لكَ في صاحبِك؟
يزعُمُ أنه جاء إلى بيت المقدسِ ثم رجعَ إلى مكَّة في ليلةٍ واحدةٍ! فقال أبو بكر: أوَقال ذلك؟
قالوا: نعم. قال: فأنا أشهدُ لئن كان قالَ ذلك لقد صدقَ. قالوا: فتُصدِّقُه في أن يأتي الشامَ في ليلةٍ واحدةٍ ثم يرجِعُ إلى مكَّة قبل أن يُصبِح؟ قال: نعم، أنا أُصدِّقُه بأبعَدَ من ذلك، أُصدِّقُه بخبَر السماء.
قال أبو سلَمة: فبِها سُمِّي "أبو بكر الصدِّيق".
عباد الله:
وعلى مدَى القُرون السَّالِفة لم يُسجَّل للعربِ مجدٌ إلا بدينِهم، ولم يكُن لهم عِزٌّ إلا بإيمانِهم، وكأنَّ اللهَ أرادَ أن تكون القيادةُ الرُّوحيَّةُ للبشرية لهم، وحين تخلَّوا عن هذه الرُّوح، وتخلَّوا عن هذا الدَّور انتكَسَت حالُهم، ولم تتمَّ لهم نهضةٌ بعد عُصور الانحِطاط؛ لأنهم نحَّوا الإيمانَ تأسِّيًا بباقِي الأُمم، فلا حفِظوا الدين، ولا كسَبُوا الدنيا، طرَقُوا مسالِكَ القومية والشُّيوعيَّة والعلمانيَّة، فإذا دُرُوبُهم يَباب، ومجدُهم سَرَاب.
أيها المؤمنون:
لقد أدركَ أعداءُ الإسلام حقيقةَ الإيمان وأثرَه في حياة المُسلمين، وماذا صنعَ بأوائلِهم، وكيف صنعَ أوائلُهم به، وأدرَكوا أنه روح الأمة وسرُّ قوَّتها، فاستَهدَفوا عقيدةَ الأمة في حربٍ شَعواء، واستخدَموا كلَّ وسائل الشُّبُهات والشَّهَوات، عبرَ الكِتابات والقَنَوات، والبرامِج والخُطَط المُمنهَجة، حتى نبَتَت نابِتةٌ الزَّيغ والإلحاد، ونجَمَ النفاق، وظهرَ للتَّشكيكِ رُؤوسٌ ومدارِس تنسِفُ التوحيد، وتُزعزِعُ اليقين، وتُحيلُ القلوبَ إلى هشيمٍ تلتهِمُه النارُ من أول شَرارةٍ.
وفي كل يومٍ ترى أو تسمعُ باقِعةً إلحاديَّة، أو فِكرةٍ شيطانيَّة، في رَتابَةٍ تُدرِكُ معها أن الأمرَ ليس خطأً فرديًّا؛ بل عدوانًا مقصودًا، ولقد كان يستحيلُ بالأمس أن تسمعَ هذا الزَّيغ، بَيْد أن الأعداء عرَّضُوا الأمةَ للسِّنين العِجاف، والأزمات العَضُود، وشغَلُوها بالملاهِي والتسالِي، واللَّهاثِ خلف لُقمة العيش وحُطام الدنيا. وخُلِق جيلٌ هزيلٌ زهيدٌ في دينِه، يَهابُ كلَّ الأديان ولا يهَابُ من عقيدتِه.
إن الإلحادَ آفةٌ نفسيَّةٌ، وليس شُبهةً علميةً، إن الله يأمرُ بأن تكون العقيدةُ هي رابِطةَ التجمُّع، ولكنَّ قومًا يُريدون استِبعادَها وإحلالَ النَّزَعات القوميَّة والعُنصريَّة، وإن الله يأمرُ بالعِفَّة والحِشمَة والفَضيلة، ولكنَّ الذين يُحبُّون شُيُوع الفاحِشة يستنجِدون بالمُساواة والرَّغبة في الإنتاجِيَّة ولو على حساب الفضيلة، ودخلَ الدينُ في مِحنةٍ هائِلةٍ، حتى صارَ حُماةُ الإسلام يقِفُون عند آخر خُطوط الدِّفاع.
وإذا حقَّقتْ طائفةٌ من الأمة بعضَ ما تصبُو إليه من الإيمان، واختارَت ما تُصلِحُ به دينَها ودُنياها بادَرَ شانِئُوها لزرع الفِتَن والاضطرابات، ومنع الأمة من العودة إلى سرِّ قوَّتها وروح نهضَتها، وقمع الحقِّ بكل وسيلةٍ ولو بالتدخُّلات العسكريَّة، في مُبادراتٍ سريعةٍ لافِتةٍ للنظر، ضارِبين بالعُهود والمواثِيق، والقوانين والمُعاهَدات والأعراف عرضَ الحائِط، مُصادِرين للحريات واختِيار الإنسان، في تناقُضٍ عجيبٍ في المواقِف.
وها أنت ترَى شعبَ سُوريا المظلوم يئِنُّ منذ عامَين تحت الظلم والقهر والقتل، ولا يرغَبُ العالَمُ في إنهاء هذه المظالِم ولا يُريد؛ لأن له حِساباتِه الأنانيَّة، ومقاصِدَه اللَّئِيمة، وليس للأخلاق والقِيَم عنده ميزانٌ إلا للتزيُّن والدِّعاية وذرِّ الرَّماد في العُيون.
إن التخاذُلَ عن نصر المُستضعَفين في سُوريا مع سُرعة التدخُّل في غيرها لهُوَ عُنصريَّةٌ مفضُوحةٌ، وحَيفٌ دوليٌّ وتواطُؤٌ مكشوف، وهذا يُنمِّي الكراهية والعِداء، وينسِفُ جُهودَ التقارُبِ والتعايُشِ والسلام.
إن على الصادِقين أن يُطفِئوا نارَ الفتن، وأن يتحرَّكوا سِراعًا للعمل الجادِّ لكل ما يُحيِي القلوبَ ويُطهِّرُها، ويُزكِّي النفوسَ ويُجمِّلُها، ويُعيدُ للأمة عِزَّتَها وكرامتَها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105].
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما من الآيات والحِكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.