قال الله - تعالى -: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].
فله المرجع والمآل، والثناء في كل الأحوال، نَعْمَاؤُهُ لا تُعَدُّ ولا تحصى، فهي أجلُّ وأعظم من أن تعد أو أن تُحْصَى.
قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].
والحمد لله على أجل النعم وأعظمها، وأشرفها وأعزها، فبها ينال المرء الدرجات العلى، وبها ساد الأنبياء مجدًا وعُلا.
إنها نِعْمَةُ الإيمان بالله الواحد الديَّان، نِعْمَةٌ أهلَّت أنوارها على كل النعم، وأشرقت بها الظلم، وأضاءت دروب العرب والعجم.
فلقد منَّ اللهُ على ابن آدم بفطرة الإيمان، فهي نعمة زيَّنت العقل ودونها الخيبة والخسران.
فعن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل مولود يولد على الفطرة، حتى يعرب عنه لسانه، فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه))[1].
ولولاها لكان المرء في دركات الجاهلية، ولفَقَدَ هناءة العيش الدنيوية والأخروية، ولماج في ظلمات المَعْصِيَة، و هلكات الخطيئة المُصْلِيَة.
قال الله - تعالى -: ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الكهف: 17].
فإن كنت في ضيق من العيش فتذكَّر هذه النعمة، وأنَّ الله قد أراد بحالِك الحكمة، فلعلَّ الله يُكفِّر عنك من الذنب ما أنت عنه غافل، أو يجعل لك من الخير الكثير وعلى ذلك دلائل، وإن كنت في بلاءٍ أو همّ، فكن على يقين ولا تغتم، فالله مع الصابرين، وكيف إن كُنَّا من الشاكرين؟!
قال الله - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 63].
فيا رب نجِّنا من الظُّلَم، واجعلنا من أولي الهمم، و أنر دروبنا بالقرآن، وهدي نبيك العدنان، وأكرمنا بالتوبة والغفران، وبطاعتك أكرمنا، وعلى ذكرك وشكرك أعنا.