قوله :{ وَمَنْ عَصَانِى } فلم يتابعني ويدخل في ملتي { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قادر على أن تغفر له . قيل : قال هذا قبل أن يعلم أن الله لا يغفر أن يشرك به . كما وقع منه الاستغفار لأبيه وهو مشرك ، كذا قال ابن الأنباري . وقيل : المراد عصيانه هنا فيما دون الشرك . وقيل : إن هذه المغفرة مقيدة بالتوبة من الشرك . فتح القدير
قال الإمام الطبري - رحمه الله تعالى-0
القول في تأويل قوله تعالى : { رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) } وهذا دعاء من إبراهيم صلوات الله عليه لوالديه بالمغفرة ، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله عز ذكره أنه لم يكن( اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) . وقد بيَّنا وقت تبرّئه منه فيما مضى
تفسير الطبري
وقال البغوي في تفسيره:
{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } فإن قيل: كيف استغفر لوالديه وهما غيرُ مؤمنين؟ قيل: قد قيل إن أمه أسلمت. وقيل: أراد إن أسلما وتابا (2) . وقيل: قال ذلك قبل أن يتبين له أمر أبيه، وقد بيّن الله تعالى عذر خليله صلى الله عليه وسلم في استغفاره لأبيه في سورة التوبة (3) .
تفسير البغوي
وقال الرازي في تفسيره:
المطلوب السابع : قوله : { رَبَّنَا اغفر لِى وَلِوَالِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحساب } وفيه مسألتان : المسألة الأولى : لقائل أن يقول : طلب المغفرة إنما يكون بعد سابقة الذنب فهذا يدل على أنه كان قد صدر الذنب عنه وإن كان قاطعاً بأن الله يغفر له فكيف طلب تحصيل ما كان قاطعاً بحصوله؟ والجواب : المقصود منه الالتجاء إلى الله تعالى وقطع الطمع إلا من فضله وكرمه ورحمته . المسألة الثانية : إن قال قائل كيف جاز أن يستغفر لأبويه وكانا كافرين؟ فالجواب عنه من وجوه : الأول : أن المنع منه لا يعلم إلا بالتوقيف فلعله لم يجد منه منعاً فظن كونه حائزاً . الثاني : أراد بوالديه آدم وحواء . الثالث : كان ذلك بشرط الإسلام . ولقائل أن يقول : لو كان الأمر كذلك لما كان ذلك الاستغفار باطلاً ولو لم يكن لبطل قوله تعالى : { إِلاَّ قَوْلَ إبراهيم لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } وقال بعضهم : كانت أمه مؤمنة ، ولهذا السبب خص أباه بالذكر في قوله تعالى : { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } [ التوبة : 114 ] ، والله أعلم
تفسير الرازي
وقال السعدي في تفسيره:
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } . فهبتهم من أكبر النعم، وكونهم على الكبر في حال الإياس من الأولاد نعمة أخرى، وكونهم أنبياء صالحين أجل وأفضل، { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ } أي: لقريب الإجابة ممن دعاه وقد دعوته فلم يخيب رجائي، ثم دعا لنفسه ولذريته، فقال: { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } فاستجاب الله له في ذلك كله إلا أن دعاءه لأبيه إنما كان عن موعدة وعده إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه