خلق الله عز وجل الكون بما فيه من كائنات مختلفة وهو سبحانه وتعالى يتصرف كيفما
يشاء في مخلوقاته ، فهو يحي و يميت ويعطي و يمنع ويملك الضر و النفع ..
قال الله تعالى : " وَإِنْ يَمْسَسْك اللَّه بِضُرٍّ فَلَا كَاشِف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْك بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلّ
شَيْء قَدِير " سورة يس الآية 82 .. يتوجه المسلم في كل أموره بطلب العون من الله تعالى ، فإذآ أراد أن يطلب شيئآ فإنه يطلب
من الله ، ويسأل الله عز وجل و يستعين به تعالى ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لإبن عباس وهو فلام "إذا سألت فاسأل الله و إذأ استعنت فاستعن بالله " فلا يتوجه الدعاء
إلا إلى الله سبحانه و تعالى ، ولا يرجو إلا الله تعالى ، ولا يخاف إلا الله عز وجل لأنه سبحانه
بيده كل شيء و الناس جميعآ لا يملكون شيئآ ..
فجميع الناس و العالم بأكمله فقرآء .. والله سبحانه وتعالى هو الفقير ..
و المسلم يتوجه إلى الله تعالى في أوقات الشدة و في أوقات الرخآء فيستعين بالله تعالى في
قضآء حوائجه ، وهو عز وجل يستجيب الدعاء و يقضي الحاجات ، قال الله تعالى : " وَإِذَا سَأَلَكَ
عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " سورة البقرة الآية 137 .
وقال الله سبحانه و تعالى : " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " سورة غافر الاية 60 .. فعلى الانسان أن يأخذ بالاسبآب المؤدية إلى ما يريد ، فمثلا الطالب الذي يدعو الله تعالى
ان يوفقه إلى التفوق ، فإنه يذاكر دروسه ، و المريض الذي يدعو الله بالشفاء فإنه يتناول
العلاج وسائق المركبة الذي يسأل الله السلامة عليه ان يحرس في قيادته و يلتزم بالسرعة
المحددة حتى يحفظ روحه و أرواح الاخرين من المخاطر فيأخذ أسباب النجاة حتى يسلم ..
ينحرف بعض الناس عن الطريق الصحيح الذي وضحه لهم ربهم سبحانه وتعالى وبينه لهم
رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويسلكون مسالك خاطئة عندما يقع أحدهم في أمر
يهمه ويحزنه فيستعينون بالعرافين ****** .. وذلك من خلال نظهم في النجوم أو غير
ذلك ثم يتنبأون للنآس بحظوظهم و ماسيحدث لهم في المستقبل ..
وقد أعلن الاسلام ان الكهان و العرافين و السحرة وجميع الناس لا يعلمون الغيب وإنما الذي
يعلم الغيب هو الله سبحانه و تعالى وحده قال الله تعالى :"وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ "
سورة الانعام الآية 59 لذا أبطل الاسلام جميع المعتقدات الزائفة ، وحآرب الخرآفآت و الأوهام و حرر العقل الانساني
منها ، حين غرس في نفوسه أتباعه أن الله وحدة يعلم الغيب و يملك الضر و النفع ..
فالناس جميعا لا يقدرون على نفه أحد و ضره سواء أكانوا أحياء أم امواتا إلا بإذن الله .. يقول
المصطفى على الصلاة و السلام : " واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء
لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك ، و لو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك إلا بشي
كتبه الله عليك " وكذلك فإن هذه الظاهرة تؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل ، فعندما يذهب الجهال من الناس
إلى العرافين و الكهنة ، فإنهم يأكلون أموالهم بالباطل ، لأن هذا العمل وسيلة من وسائل خداع
الناس ..
ولذلك حرم الرسول عليه الصلاة و السلام الاستعانه بالكهان ترحيما قاطعا فقد قال صلى الله
عليه وسلم : " من أتى كاهنا أو عرافآ فصدفه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد " وموقف الاسلام من الدجل حديثه وقديمه موقف لا يتغير ، فجميع ذلك محرم ؛ لأنه ينافي الايمان
بالله تعالى . فإذا استعان الانسان بغير الله معتقدا النفع و الضر ، فقد كفر بالله عز و جل .؟
المؤمن الحق هو الذي يستعين بالله عز وجل في كل شؤون حياته ، لأنه يعلم ان الله تعالى
بيده كل شيء ..
وعندما يسلك الانسان هذا المنهج ، فإنه يشعر بالامان ، و الاطمئنان ، بالتجائه إلى الله تعالى ،
فهو يوقن أن الله معه و أنه قادر على دفع الضرر عنه ، كما انه تعالى قادر على جلب الخير له ..
فالفطرة البشرية الاصيلة لا تجد سكينتها و أمنها وسعادتها إلا في ظل الايمان بالله تعالى و الالتجاء
إليه و الاحتماء به .. و الاستعانه بالله تعالى تبعث الانسان إلى العمل و الاجتهاد كما أنه تدفعه إلى الاخذ بالاسباب
المواصلة إلى السعادة التي ينشدهآ .