إن للخير والشر معان كامنة في النفس تعرف بعلامات وسمات دالة كما قال الشاعر:
لا تسأل المرء عن أخلاقه *** في وجهه شاهد من الخير
فمن سمات الخير: الدعه والحياء والكرم ومن سمات الشر: القحة والبذاء واللؤم
إذن: فالحياء علامة تدل على ما في النفس من الخير وهو إمارة صادقة على طبيعة
الإنسان فيكشف عن مقدار بيانه وأدبه. فعندما ترى إنساناً يشمئز ويتحرج عن
فعل ما لا ينبغي فاعلم أن فيه خيراً وإيماناً بقدر مافيه من ترك للقبائح.
ما هو الحياء وما حقيقته؟
الحياء: خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة التي
تستلزم الأنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من
خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل.
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء: ( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه ) وقال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو
حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث: { إذا لم
تستح فافعل ما شئت }.
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها
الإسلام وأقرها ورغب فيها. وقد جاء في الصحيحين قول النبي : { الإيمان بضع
وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
والحياء شعبة من الإيمان }.
والسر في كون الحياء من الإيمان: لأن كل
منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه، فالإيمان يبعث
المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من
التفريط في حق الرب والتقصير في شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو
قوله اتقاء الذم والملامة.
والحياء أنواع
1) الحياء من الله.
2 ) الحياء من الملائكة.
3 ) الحياء من الناس.
4 ) الحياء من النفس.
وصدق الشاعر حين قال:
فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنا الحجابا
فلن تخشى حياءٌ من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا
إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا
بربك هل سألت العقل يوماً *** أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى الإسلام تنتسب إنتساباً
ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب *** وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى اللع عليه وسلم (
استحيوا من الله حق الحياء ) قلنا يا رسول الله ، إنا نستحيي والحمد لله ،
قال ( ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى
والبطن وما حوى ، ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ،
فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) .4]