اتى امر الله فلا تستعجلوه } لا تستبق الأحداث ، أتريد إجهاض الحمل قبل
تمامه ، وقطف الثمرة قبل النضج ، إن غدامفقود لا حقيقة له ، ليس له وجود ،
ولاطعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به ، ونتوجس من مصائبه ، ونهتم
لحوادثه ، نتوقع كوارثه ، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه ، أو نلقاه ، فإذا
هو سرور وحبور ، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد ، إن علينا
أن لا نعبر جسرا حتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر ، أو لعل
الجسر ينهار قبل وصولنا ، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم
الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا ، لأنه طول أمل ، ومذموم عقلأ ،
لأنه مصارعة للظل. إن كثيرا من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع العري
والمرض والفقر والمصائب ، وهذا كله من مقررات مدارس الشيطان { الشيطان
يعدكم الفقر ويامركم باالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا } كثير هم
الذين يبكون ، لأنهم سوف يجوعون غدا ، وسوف يمرضون بعد سنة ، وسوف ينتهي
العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على
العدم ، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة
له.
اترك غدا حتى ياتيك ، لا تسأل عن أخباره ، لا تنتظر زحوفه ، لأنك مشغول باليوم.
وان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور ، فحذار من طول الامل