يقول الشيخ الغزالي في كتابه فقه السيرة
يلاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام كتب أسرار هجرته فلم يطلع عليها من لهم صلة ملحة,
ولم يتوسع في اطلاعهم إلا بقدر العمل المنوط بهم.
وقد استأجر دليلا خبيرا بطرق الصحراء ليستعين بخبرته علي مغالبة المطاردين, ونظر في
هذا الاختيار إلي الكفاية وحدها, فإذا اكتملت في أحد ولو كان مشركا استخدمه وانتفع بموهبته.
(كان دليلهما هو عبد الله بن أريقط) ومعهذه المرونة في وضع الخطة فإن النبي عليه الصلاة
والسلام أصر أن يدفع ثمن راحلته وأبي أن يتطوع أبو بكر به, لأن البذل في هذه الهجرة ضرب
من العبادة ينبغي الحرص عليه وتستبعد النيابة فيه.
واتفق الرسول عليه الصلاة والسلام مع أبي بكر علي تفاصيل الخروج وتخيروا الغار الذي
يأوون اليه.. تخيروه جنوبا في اتجاه اليمن لتضليل المطاردين, وحددوا الاشخاص الذين
يتصلون بهم في أثناء المطاردة, ومهمة كل شخص.
ثم عاد الرسول عليه الصلاة والسلام الي بيته فوجد قريشا بدأت تضرب الحصار حوله وبعثت
بالفتيان الذين وكل إليهم اغتيال محمد صلي الله عليه وسلم وتفريق دمه بين القبائل.
وأوعز الرسول عليه الصلاة والسلام الي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن يرتدي برده
الذي ينام فيه وأن يصعد علي سريره, وفي هجعة من الليل وغفلة من الحرس وتوفيق من الله
تعالي انسل الرسول عليه الصلاة والسلام من بيته الي دار أبي بكر, ثم خرج الرجلان من فتحة
في ظهرها الي غارثور.. الي الغار الذي استودعته العناية مصير الرسالة الخاتمة ومستقبل
حضارة كاملة وتركته في حراسة الصمت والوحشة والانقطاع .
الموقع
موضوع: درس في السياسة 
السبت 9 أغسطس 2014 - 14:22
