قوله: ((اللَّهم ارزقني حُبَّك)) : اللَّهم ارزقني بفضلك حُبك، لأنه لا سعادة لقلبي، ولا لذة، ولا نعيم، ولا صلاح إلا بأن تكون أحب إليّ من كل شيء مما سواك، وارزقني حُبَّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم باتباعه، لا ينفعني عندك إلا حُبُّه، وارزقني حبَّ أوليائك كالملائكة، والأنبياء، والمؤمنين.
قوله: ((اللَّهم ما رزقتني مما أحب، فاجعله قوة لي فيما تحب)): اللَّهمّ أسألك ما رزقتني مما أحب من عافية البدن وقوته، ومتاع الدنيا من المال والأولاد والفراغ، فاجعله قوّة وعدّة وإعانة لي فيما تحبّ بأن تصرفه فيما تحبّه وترضاه من الطاعة والعبادة، من الأقوال والأفعال.
قوله: ((اللَّهمّ ما زَويْت عنِّي مما أحبّ، فاجعله فراغاً لي فيما تُحبّ)) اللَّهمّ ما صرفت ومحوت عني من محابّي من المال والأولاد، وزخرف الدنيا وزينتها، فاجعله سبباً لفراغي بمحابّك من الطاعة، والعبادة لك، ولا تشغل به قلبي وفكري، فيُشغَل عن ذكرك يا اللَّه.
سأل اللَّه تعالى التوفيق إلى محابّه في كل أحواله؛ لأن محبة اللَّه تعالى هي أعظم العون على القيام بطاعته تعالى، واجتناب مناهيه، فينبغي للعبد الإكثار من سؤال اللَّه تبارك وتعالى محبّته؛ لأنها أعظم المطالب، وأسمى المراتب.
قد انطوى تحت هذا الحديث عدّة مقامات عظيمة: مقام الحب، ومقام التوحيد، ومقام الصبر، ومقام الشكر، ومقام الرضى، ومقام التسليم، ومقام الأُنس، ومقام البسط، ومقام التمكين، وغير ذلك، ولم يجتمع مثلها في حديث قصير إلا قليلاً، فأنت ترى جُلّ مقامات العبودية قد دخلت فيه([2]) .