"وراء كل رجل عظيم امرأة" فوراء ابداع الرنست همنغواي الفكري كانت النساء دوما، امرأة جديدة مع كتاب جديد، حسب أحد المقربين منه. كانت كتبه ناجحة وزيجاته الاربعة فاشلة، لكن وراء ذلك الكاتب الشهير يختبئ ذلك الرجل المدمن الذي أمضى حياته وراء السراب حتى انتهى به الامر الى الانتحار. مات ارنست همنغواي الكاتب الاميركي، وقد وجد الاديب ميتا في منزله بعد أن اصيب بطلق ناري في رأسه من بندقية صيد. بالرغم من انه انهى حياته منتحرا، فإنه كان على موعد دائم مع الحياة. همنغواي، ذلك الكاتب الذي كان نقطة تحول في الادب الاميركي والعالمي. جعل من مادة الحياة الخام وقودا للكتابة.
لم يستعن بالكتب والمراجع، بقدر ما جعل من حياته مرجعا لكل التجارب الانسانية، من الحرب الى الحب، ومن القنص الى القتل، ومن الحضارة الى البدائية. يوم رحل الى كوبا تلك الجزيرة الساكنة، اراد الزمن ان يتوقف هنيهة. ولكنه بدلا من ذلك دخل في صراع آخر مع الزمن ذاته. وفي محاولة منه لوقف معركته ضد الشيخوخة والوهن والمرض، استلّ من جعبته رصاصة الرحمة الاخيرة وأنهى بها هذا الصراع. عاش همنغواي (1899-1961) حياة حافلة بالتنقل والمخاطرات المميتة، فمرة كاد ان يقضي في الحرب العالمية الاولى، وفي الثلاثينات ناطح ثيران اسبانيا، ووسط أدغال افريقيا هوت به طائرة خفيفة ونجا منها بأعجوبة، وركب بعدها طائرة ثانية فسقطت به ونجا. استقر في كوبا لعشرين عاما، مارس أجمل هواياته وهي الصيد، التي أوحت له بروايته "العجوز والبحر" التي أوصلته لنيل جائزة نوبل عام 1954. وكانت الفترة الذهبية في حياة همنغواي. مغامر أقرب الى الجنون، وعصبي محب للشجار. مارس رياضة الملاكمة وفشل، وكانت لهذه الطباع الحادة انعكاساتها على حياة همنغواي الزوجية إذ ارتبط بأربع زيجات فاشلة. وتزوج للمرة الخامسة عندما كان في أفريقيا من زوجة كانت تنتمي الى احدى القبائل الوثنية. كان مسرفا في الشراب، وهو يمارس هواية الصيد. ومقبلا على الطعام بكل جوارجه على حد تعبير زوجته الثالثة مارثا جيلهورن. ولعل الـ150 ألف دولار التي دفعتها شركة "بارامونت" السينمائية لشراء رواية "لمن تقرع الاجراس" عجلت في اتخاذ همنغواي البقاء في كوبا.
في داخل بيته الكوبي علقت رؤوس الطرائد التي أصابتها بندقية همنغواي، وكان يمارس هوايته في عرض البحر ويصارع أسماك المارلين المتوحشة كما وصفها في روايته "العجوز والبحر". ووسط غابة من الاشجار تحولت مزرعته الى مركز لالتقاء اشهر الزوار وأبرزهم كاسترو. مكتب همنغواي ونظارته موجودة عليه وبعض من آخر مسوداته، والآلة الكاتبة التي كان يكتب بها رواياته بعد ان اشتدّ المرض عليه واضطر الى التأليف وهو واقف. لم يغادر همنغواي كوبا بعد نجاح ثورة كاسترو عام 1959.
أصيب همنغواي بالاكتئاب بعد وفاة أمه وزوجته الاولى. وتلقى العلاح بالصدمات الكهربائية، حيث كانت مئة فولت تمرّ عبر مخه خلال أجزاء من الثانية. عاد الى مسقط رأسه في ضاحية "أوك بارك" في مدينة شيكاغو، وقرر أن ينهي حياته بالطريقة التي قضى بها والده. صيف 1961 تناول بندقية ووجهها الى جبهته ثم ضغط على الزناد لتنطلق منها عاصفة نارية انهت حياته. يتميز همنغواي بواقعية أسلوبه المنفرد الصريح، والذي يتوق فيه جمال الطبيعة. وقد أعيد طبع أول قصصه "لتشرق الشمس ثانية" وترجمت الى العربية، وروايته لمن تدق الاجراس أخرجت في السينما. عام 1916 وكان في السابعة من عمره، بدأ يكتب اولى أقاصيصه . عام 1948 وفي فينيسيا نحت له الفنان الايطالي "انطونيو لوكاردا" تمثالا نصفيا.
عانق همنغواي الحياة وواجه الموت في الجو والبحر والبر. شارك في الحرب العالمية الاولى في ايطاليا، وعايش حرب الجمهوريين ضد فاشية فرانكو في اسبانيا. ورصد الحرب بين اليونان وتركيا في بلاد البلقان. في البحر كان يجد حريته ويطلق العنان لتأملاته ويختبر حظه وقوته. وجه الابداعي الروائي في قصصه القصيرة الممتعة في "رجال بلا نساء"، "وداعا للسلاح". كانت رواياته انعطافا في تاريخ الابداع القصصي. وصفته زوجته الثالثة بأنه الرجل الخنزير، وان مبيعات كتبه العام الماضي فاقت الـ350 ألأف نسخة وما زال أثيرا وكاتبا مفضلا لدى الملايين. وهو الذي كان يهوى الصراع الدامي بين الميثادور والثور. مما قرات
موضوع: أرنست همنغواي 
الجمعة 3 فبراير 2012 - 9:35
