بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الحطاب والهارب
بينما كان حطاب يحطب ويجمع الحطب ويصنع منه أكواماً قبل نقله إلى بيته ،
إذا بشاب يركض ويلهث من التعب ، فلما وصل إليه طلب منه أن يخبئه في أحد
أكوام الحطب كي لا يراه أعداؤه الذين هم في أثره يريدون قتله ، فقال الحطاب
: أدخل في ذلك الكوم الكبير ، فدخل وغطاه ببعض الحطب كي لا يرى منه شيء .
وأخذ الحطاب يحتطب ويجمع الحطب .
وبعد قليل أبصر الحطاب رجلين مسرعين نحوه ، فلما وصلا سألاه عن شاب مر به
قبل قليل ووصفاه له ، وإذا به الشاب نفسه المختبئ عنده ، فقال لهم : نعم
لقد رأيته وخبأته عنكما في ذلك الكوم ابحثوا عنه فأنكم ستجدونه ، والشاب في
كوم الحطب يسمع الحديث ، فكاد قلبه يقف لشدة الخوف والهلع عندما سمع
الحطاب يخبرهم بمكانه .
فقال أحدهما للآخر : إن هذا الحطاب الخبيث يريد أن يشغلنا في البحث عنه في
كوم الحطب الكبير هذا ليعطيه فرصة للهرب ، لا تصدقه ، فليس من المعقول أن
يخبئه ثم يدل عليه ، هيا نسرع للحاق به .
ومضيا في طريقهما مسرعين .
ولما ابتعدا واختفيا عن الأنظار خرج الشاب من كوم الحطب مذهولاً مستغرباً ،
وقد بدت عليه آثار الاضطراب والخوف والغضب ، فقال معاتباً الحطاب : كيف
تخبئني عندك وتخبرهم عني ، أليس لك قلب يشفق ؟ !
أليست عندك رحمة .. أليس .. أليس ... ؟
فقال الحطاب : يا بني إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى ، ووالله لو كذبت عليهم لبحثوا عنك ووجدوك ثم قتلوك .
سر على بركة الله وإياك والكذب .
وأعلم أن الصدق طريق النجاة .