درجات ... الحرية
درجات الحرية هى امكانات واتجاهات حركة جسم فى الفراغ ... ومعروف أن عدد درجات الحرية لجسم متحرك هى ثلاث ... فما درجات الحرية فى حياة الانسان ؟
السؤال يغرى بأن عدد درجات الحرية لانهائى فالانسان يستطيع أن يختار ما يشاء من ملبس ومسكن ومأكل وأشياء يستخدمها وأماكن يذهب اليها وكل ما يريد أن يفعله أو يقتنيه هو درجة من درجات الحرية ... ولكن المتأمل جيدا لحياته وحياة من حوله يجد أن حصر عدد درجات الحرية فى تقلص مستمر ... فالانسان فى هذه الدنيا مزيج بين الاختبار والجبر ... مزيج عجيب فى توازن دقيق .
الانسان عليه أن يسعى للرزق بكامل حريته ومفهوم واسع ليس للمال فقط والمأكل والمشرب والمسكن ... بل أيضا العلم والمنصب وغيره ... ولكن الرزق فى النهاية مكتوب فى اللوح المحفوظ ومقدر بشرط السعى فالسماء لاتمطر ذهبا ولافضه ... مطلوب منا جميعا العمل والسعى ولكن النتيجة بيد الله ولأتك لاتعرف ماهو مقدر وماهو مكتوب الا بعد وقوعه ... فعليك السعى والمحاولة واكتشاف طريقك فى الحياة بحرية .
مطلوب العمل لا التكاسل ... مطلوب التوكل على الله ليوفقك فى النتيجة وليس المطلوب التواكل والعجز ... واذا اردت ان تعرف القدر المكتوب والمصير المحتوم ... فانتظر حتى يتحقق وانظر الى الخلف .
فما جرى هو ماكان مكتوبا ولاتك لا تعلمه فعليك أن تسعى اليه سلفا بكامل حريتك وحماسك ... ثم اختيارك للطعام والملبس وكل ما يشترى فى الحياة هو اختبار حر ... لكنه دخل فى باب الرزق لم يفرض عليك ولكنك حصلت عليه باذن من الخالق ... هذا المفهوم العميق يجب أن يكون واضحا لنا جميعا ... علينا السعى ومن حقنا الطموح وتحديد الهدف ثم شحن الارادة والهمة للوصول الى الهدف ... اما النتيجة فعلى الله لان الله ينظم شئون عباده جميعا .
نعم انت حر فى ردود الأفعال ... ولكن قد لاتكون حرا فى ظروف تغرض عليك وفى نتائج تحدث ليس بيدك ضمان ... وحدوثها أو عدم حدوثها بعد ان سعيت لها الأفعال ذاتها ... ردود الأفعال هى التى تحسب عليها وليس الظروف واختيار طريق الخير والشر هو من باب ردود الأفعال وهو ما يستوجب الحساب قد يكون للأنسان درجة واحدة من درجات الحرية بعد كل ماقيل ... وهى النوايا والمشاعر وما استقر فى ضمير الانسان واخفاة عن الغير ولكن الله وحده هو المطلع عليه فى النهاية .
فالانسان مكشوف تماما أمام خالقه ... عالم الغيب والشهادة الذى لا يخفى عليه شىء فى الارض ولا فى السماء.