اللواء محمد حمدي الحديدي كان قائد
اللواء 117مشاة ميكانيكي في حرب أكتوبر 1973، وكان وراء أسر العقيد احتياط عساف
ياجوري الذي كان قائد اللواء 190مدرع إسرائيلي، والذي كان يمثل أحد الشخصيات المهمة
من الناحية العسكرية في الجيش الإسرائيلي، نظرا للموقع الاستراتيجي الذي كان مكلفا
للعمل به والعمليات التي كانت موكلة إليه.
سيادة
اللواء.. ما الفرق بين الجندي المصري في 1967 و1973؟
- للأسف الشديد.. كان الجندي المصري في 67 مجرد جندي حافي القدمين، يتحرك في
سيناء بلا هدف.. عاش في ظروف في منتهي القسوة.. بلا مال ولا طعام.. كان يركع أمام
الجندي الإسرائيلي يستعطفه ويطلب منه الرحمة.. كان جاثيا علي ركبتيه في الرمال
والجندي الإسرائيلي يوجه له السلاح.. أسروا منا عددا كبيرا من الجنود.. كانت مهانة
لا مثيل لها ولكنها لم تكن حربا.. بل هزيمة فرضت علي القوات المصرية.اختلفت الصورة في 73، كان الجندي المصري يحارب بكل قوة ويهاجم
المواقع الحصينة ويدمر الدبابات ويسقط الطائرات ويأسر الجنود.. كانت المبادرة لنا
واسترددنا عافيتنا المفقودة وبدأنا نقف علي أقدام ثابتة وأصبحنا دولة لها مقوماتها.
في رأيكم.. هل عادت سيناء لمصر بالحرب أم بالمفاوضات؟
-
أفهم ما تقصد قوله.. وأقول أن الحقيقة التي لا تقبل
الجدل هي كالتالي.. لولا انتصار الجندي المصري وعبوره للقناة واقتحامه لمانع
بارليف الحصين واحتلاله لمسافة من 10 إلي 12 كيلومترا شرق القناة وتدميره لجزء
كبير من الجيش الإسرائيلي وأسره لعدد كبير من جنوده، لولا كل ذلك لما أجبرت
إسرائيل علي التفاوض، صحيح أن باقي الأرض عاد بالمفاوضات إلا أن السبق العسكري والمبادرة
الحربية كانت هي السبب الرئيسي.
كيف صدرت لكم
أوامر العبور؟
- لم يعرف الجيش المصري كله ساعة
العبور في نفس الوقت، فعلي سبيل المثال عرف قادة الفرق ميعاد الهجوم مساء يوم
5أكتوبر، وقادة الألوية فجر يوم 6 أكتوبر، أما قادة الكتائب فعرفوا الموعد ظهر يوم
6 أكتوبر، أي قبل العبور بساعتين.وقد جاءتني
الأوامر في ظرف مغلق مكتوب عليه ¢لا يفتح إلا فجر يوم 6 أكتوبر¢ وعندما فتحته وجدت
جملة ¢العبور اليوم سعت 2 ظهرا¢، وعبرنا بالطريقة التي تدربنا عليها جيدا وحفظناها
عن ظهر قلب.
نعود لموضوع أسر عساف ياجوري.. لماذا
حمل أهمية خاصة بعد العبور في السادس من أكتوبر 1973؟
- أريد أن أقول إن عساف ياجوري في حد ذاته لم يكن شخصا مهما جدا، فنحن مثلا
لم نسمع عنه إطلاقا في حرب 1967، وعساف ياجوري زادت شهرته بعد أسره، والسبب في ذلك
أنه أكبر رتبة لضابط إسرائيلي يتم أسره في الحرب، فقد كان وقتها عقيد إحتياط
وقائدا للواء 190 مدرع.. وبسبب ذلك لمع اسمه واكتسب أهمية خاصة وتحدث عنه الجميع.
وماذا كانت مهمة عساف ياجوري في حرب 73؟
- كما قلت لك كان قائد اللواء 190 مدرع وكان مكلفا بعمليات في
منطقة الفردان شرق القناة، وللعلم فهو كان ضابط احتياط، أي أنه لم ينشأ في الجيش
الإسرائيلي بل كان مجندا، ولمل استجوبناه بعد أسره عرفنا منه أنه كان مديرا لفندق في تل
أبيب.
وكيف تم أسره؟
-مع أول ضوء ليوم 8 أكتوبر ركز العدو هجماته بالطيران والمدفعية
علي قواتنا المتمركزة في رؤوس الكباري، واستطاع العدو اختراق الخط الأول للواء
117مشاة ميكانيكي الذي كنت أشرف بتولي قيادته، فأصدرت أوامر لرجالي بالتمسك
بمواقعهم ومنع العدو من الوصول إلي النقاط القوية شمال الفردان بأي ثمن، وبالفعل
فشل الهجوم وفر العدو هاربا تاركا خلفه 18دبابة قبل أن أصدر أوامري بتطوير الهجوم
شرقا.. وأثناء ذلك تم القبض علي بعض أفراد العدو خلال اختبائهم خلف دبابة محترقة
بعد تبادل لإطلاق النار وكان من بينهم العقيد عساف ياجوري قائد اللواء الإسرائيلي
190المدرع فتم أسره وأتي به إليٌ وكان مقهورا ذليلا وهو يجيب عن أسئلتي أثناء
استجوابي له، وكانت العملية ككل بالنسبة لنا ¢حلوة ودمها خفيف¢.
هل ظهرت أية مفاجآت أثناء استجوابه؟
- لا.. لم تظهر أية مفاجآت، فهو فقط أوضح مهمته التي كان مكلفا
بها، وهي تدمير ما يمكنه تدميره من قواتنا شرق القناة، حتي يصل إلي النقاط
الإسرائيلية الحصينة لتدعيمها، حتي لا تتمكن قواتنا المصرية من الاستيلاء عليها.
ومتي تم الإفراج عنه؟
-تم
الإفراج عنه في نفس العام، حيث كان وقف الإطلاق الأول يوم 22أكتوبر والنهائي يوم
24أكتوبر.. وبعدها تمت أول عملية لتبادل الأسري وكان من بين الأسري الإسرائيليين
عساف ياجوري.
كيف وقعت إصابتك؟
-وقعت إصابتي التي أفخر بها حتي الآن في مساء يوم 20أكتوبر
وبشكل مفاجئ هبطت الصواريخ علي مكان اللواء.. صاروخ مباشر بتر ساقي اليمني وبعده
بأقل من ثانية صاروخ آخر بتر اليسري وفقدت الوعي، لكني عرفت بعد ذلك أنه تم عرضي
علي الكتيبة الطبية لعمل العلاجات السريعة، ثم تم ترحيلي إلي مستشفي القصاصين
لإجراء علاجات أخري، حتي تم إرسالي إلي مستشفي القوات المسلحة بالمعادي.. وعندما
أفقت وجدت العقيد صفي الدين أبو شناف الذي تولي قيادة اللواء بعدي، وأهداني مسدس
عساف ياجوري الذي مازلت أحتفظ به حتي الآن.